أكد الكاتب العام للوزارة المنتدبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة الحبيب ندير، أمس السبت بدار المغرب بمونريال، أن المغرب، الوفي دوما لصورته كبلد منفتح، انخرط، تحت القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، في مسلسل "شجاع ورائد" في المنطقة، من خلال تبني سياسة "إنسانية ومسؤولة" في مجال الهجرة. وأبرز ندير، في تدخل له خلال ندوة نظمها المركز الثقافي المغربي بشراكة مع المجلس الثقافي لمونريال وجمعية "جذور" تحت موضوع "رهانات التقارب بين الثقافات وتحديات الاندماج : نظرة متقاطعة حول تجربة المغرب وكيبيك وكندا"، أن هذه السياسة الجديدة جاءت لتستجيب لمتطلبات واقع الهجرة الجديد بالمملكة بوصفها بلد استقبال ولالتزاماتها الدولية في مجال احترام حقوق الإنسان. بخصوص مسلسل تبني وتنفيذ هذه السياسة الجديدة، أوضح المسؤول أن المرحلة الأولى من تسوية وضعية المهاجرين غير الشرعيين، التي امتدت طيلة سنة 2014، أسفرت عن قبول أزيد من 83 في المئة من بين 27 ألف و643 طلب تم تقديمه، مضيفا أن المرحلة الثانية التي تجري حاليا استقبلت لحد الساعة أزيد من 21 ألف طلب للتسوية. وأشار ندير إلى أن الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء تقدم إجابات جديدة على الرهانات الاستراتيجية التي تفرضها مسألة الهجرة، وخاصة تلك المتعلقة بالشؤون الإنسانية والاندماج والسياسة الخارجية والحكامة، والاقتصادية والسوسيو ثقافية، مبرزا أنها تهدف لضمان اندماج أفضل للمهاجرين وتحسين تدبير تدفقات الهجرة في إطار سياسة "متماسكة وشاملة وإنسانية ومسؤولة". وقال إن هذه الاستراتيجية تقوم على مبدأ الولوج المتكافئ للمهاجرين إلى الخدمات العمومية الأساسية (الصحة، التعليم، التكوين المهني …) وذلك على غرار المغاربة من أجل ضمان اندماجهم الناجح ومشاركتهم الفعالة في تنمية بلد الاستقبال، مشددا على أن العديد من المنجزات قد تحققت تتمثل في الولوج إلى التعليم والنظام الصحي والتغطية الطبية والسكن الاجتماعي والتكوين المهني والمواكبة في العمل بأجر أو خلق فرص للشغل. وتابع أنها تشير في برنامجها المخصص للاندماج الثقافي إلى العديد من التدابير الرامية لتعزيز التنوع الثقافي في المغرب والعيش المشترك، مضيفا أن الوزارة تسهر على تنفيذ هذه المبادرات مع شركائها المؤسساتيين والجمعيات المعنية وأوضح أن هذه المبادرات تتمحور بالخصوص حول إدماج قضايا الهجرة في برامج تكوين أطر التعليم، وإدماج التنوع الثقافي في البرامج المدرسية، وتنفيذ برامج للنهوض بالثقافة في البلدان الأصلية للمهاجرين، وتطوير برنامج خاص لتعليم اللغات والثقافة المغربية لفائدة المهاجرين واللاجئين. بدوره، قال مدير (دار المغرب) جعفر الدباغ، إن المغرب، الذي تفاعل عبر تاريخه العريق مع العديد من التأثيرات الثقافية، كرس في دستوره التنوع الثقافي والعزم على الحفاظ على هويته الوطنية الواحدة و غير قابلة للتجزئة. وشدد على أنه للتعامل مع ظاهرة تنامي تدفقات المهاجرين القادمين من بلدان جنوب الصحراء، انخرطت المملكة، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في القيام بإصلاح حقيقي لسياسة الهجرة يتمحور حول مقاربة شاملة وإنسانية، مبرزا أنها مقاربة مواكبة بالعديد من التدابير لفائدة إدماج المهاجرين في المجتمع المغربي من أجل عيش مشترك أفضل. وخلص إلى أنه على غرار هذا الانفتاح المعزز وهذا الالتزام الاجتماعي للمملكة في إطار مقاربة تشاركية لكافة مكونات المجتمع، سيواصل المركز الثقافي المغربي العمل على ترسيخ وتعميق جذور التنوع باعتباره مصدرا للثراء الاجتماعي والاقتصادي من أجل عيش مشترك وناجح. من جهتها، اعتبرت رئيسة مجلس الثقافات مونريال، ماري ألين فاديوس، أن هذه الندوة، التي تسلط الضوء على تجربة المغرب وكندا، تبرز الأدوار المركزية التي يضطلع بها البلدان في التجربة العالمية في مجال الهجرة وتدبير التنوع. وأشارت إلى أنه ما وراء الرهانات الاقتصادية، فإن الأسباب المرتبطة بالهجرة تهم اليوم الرهانات المتعلقة بالسلام أو بالتغيرات المناخية، مشددة على ضرورة تشجيع فضاءات للتبادل عبر أنحاء العالم، من أجل تحسيس البعض والآخر بشأن فعالية ترابطنا وتكريس ثقافة الحوار المتبادل الذي هو أساس العيش المشترك المتناغم. وقالت فاديوس إنه يتعين على المغرب مواجهة الواقع الجديد المرتبط بالهجرة كما هو الحال في بلدان أخرى، وخاصة المرتبط بالأمن والاندماج السوسيو الثقافي والتشغيل والعنصرية، مؤكدة على أن أفضل طريقة لتعزيز العيش المشترك تتمثل في النهوض بالحوار المتبادل بين مختلف مكونات المجتمع. وقد تمت مناقشة مواضيع أخرى، خلال هذا اللقاء، من قبيل "سياسة الهجرة الجديدة في المغرب: أية استراتيجية للإدماج وتدبير التنوع؟"، و"التنوع في المغرب: قوة دفع للتقارب بين الأديان والشعوب"، و"تحديات الاندماج السوسيو مهني: دور جمعيات الجاليات".