حول موضوع "التدبير المندمج للموارد المائية بجهة الشرق وإعادة استعمال المياه المعالجة" بمقر مركز الدراسات و البحوث الإنسانية و الاجتماعية بوجدة يومه الأربعاء 22 مارس 2017 ابتداء من الساعة التاسعة صباحا بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين * السيد رئيس مجلس جهة الشرق، * السيد رئيس المجلس العلمي بوجدة، * السيد المدير العام لوكالة تنمية جهة الشرق، * السادة البرلمانيون المحترمون، * السيد رئيس جامعة محمد الأول بوجدة، * السادة رؤساء المجالس الإقليمية والجماعات الترابية والغرف المهنية بجهة الشرق، * السيدات والسادة رؤساء المصالح الخارجية، * السيدات والسادة ممثلي المجتمع المدني، * السيدات والسادة ممثلي الصحافة ووسائل الإعلام، * حضرات السيدات والسادة. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،
يطيب لي بمناسبة هذا اللقاء، أن أرحب بالحضور الكريم، و أن أشكر الجميع ، على تلبيتهم الدعوة للمشاركة في أشغال هذا اللقاء الهام، الذي نأمل أن يكلل بالتوفيق والنجاح، والذي يتمحور حول موضوع "التدبير المندمج للموارد المائية بجهة الشرق و إعادة استعمال المياه المعالجة"، وذلك بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للماء، الذي يخلده المجتمع الدولي في 22 مارس من كل سنة، والرامي إلى تحسيس المواطنين عبر العالم، بضرورة الحفاظ على الماء، الذي يعتبر العمود الفقري للأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، والأكثر عرضة للتلوث والتبذير والاستعمال المفرط. كما أنتهز هذه المناسبة، لأتقدم بالشكر إلى مجلس جهة الشرق، على تنظيمه أشغال هذا الملتقى، الذي سيمكن من الوقوف على أهمية التدبير المندمج للموارد المائية بجهة الشرق، وكذا حصيلة المنجزات ذات الصلة، فضلا عن دراسة السبل الكفيلة بتجاوز جميع الإكراهات، التي ما زالت تعرفها بعض المناطق بالجهة، خاصة بالعالم القروي. حضرات السيدات والسادة ، لا يخفى على أحد، الدور الاستراتيجي لقطاع الماء، بالنسبة لجميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية و البيئية، كعنصر أساسي في استقرار الساكنة، خاصة بالعالم القروي. و تعد هذه المادة الحيوية، من الدعائم الضرورية لمواكبة التنمية الجهوية، التي تعرفها ربوع المملكة، في ظل سياسة الأوراش الكبرى، التي يسهر عليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله. و إنه من دواعي الفخر لنا جميعا، أن نستحضر المنجزات التي راكمها المغرب على مدى سنوات، بفضل التدبير العقلاني لموارد المياه، و ترشيد استعمالها، حيث اكتسبت بلادنا تجربة متميزة في مجال تعبئة الموارد المائية والتطهير السائل، بالإضافة لتعميم تزويد العالم القروي بالماء الشروب، إذ تصل نسبة التزويد إلى 96%، و ذلك بفضل نهج سياسة مائية، تتسم بالاستباقية. كما أن تكثيف استعمال المياه غير التقليدية، و اللجوء إلى تثمين المياه وإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة، ساهم في تخفيف العبء على المياه العذبة. و من جهة أخرى، فقد بُذِلَت مجهودات هامة لإنجاز برامج الحماية من التلوث و الحفاظ على جودة المياه، تجسدت في إنجاز محطات معالجة المياه العادمة و الحد من التلوث الصناعي، و كذا حماية الفرشات المائية. كما أن الاستراتيجية الوطنية لقطاع الماء، تنص في محورها المتعلق بحماية الموارد المائية والمحافظة على المجال الطبيعي، على تسريع تفعيل برنامج التطهير السائل و معالجة المياه العادمة وإعادة استعمالها، حيث من المرتقب أن تصل نسبة الربط بشبكات التطهير السائل 90% في أفق 2030. إضافة لذلك، تم إطلاق برنامج وطني، يهدف إلى تعميم التطهير السائل في أفق سنة 2040 بالعالم القروي، حيث لا زالت نسبة الربط ضعيفة في الوقت الراهن. حضرات السيدات والسادة ، كما تعلمون، حقق مؤتمر الأطراف (كوب 22)، الذي نظم بمراكش شهر نونبر 2016 نجاحا باهرا، أبان المغرب من خلاله على قدرته و جدارته في تنظيم المحافل الدولية الكبرى. و أود أن أذكركم بما جاء في خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، على هامش افتتاح "قمة العمل الإفريقية"، التي انعقدت على هامش مؤتمر الأطراف (كوب 22)، حيث قال جلالته : "إن قارتنا تدفع ثمنا غاليا في المعادلة المناخية. وهي بدون شك، القارة الأكثر تضررا. فارتفاع درجات الحرارة، واضطراب الفصول، وتواتر فترات الجفاف، كلها عوامل تساهم في تدهور التنوع البيولوجي، وتدمير الأنظمة البيئية، وترهن تقدم القارة وأمنها واستقرارها." و أضاف جلالة الملك نصره الله، قائلا : "فقد بلغ عدد اللاجئين في إفريقيا بسبب تغير المناخ، عشرة ملايين شخص. وبحلول 2020، سيضطر ما يقرب من 60 مليون شخص، للنزوح بسبب ندرة المياه، إذا لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة في هذا الشأن." حضرات السيدات والسادة ، فيما يخص جهة الشرق، فإنه بالرغم من المنجزات الهامة التي تم تحقيقها في قطاع الماء، فإن هذا القطاع مازال يواجه عدة إكراهات، تتمثل في انخفاض الواردات المائية، وتفاقم حدة الظواهر القصوى، نتيجة التغيرات المناخية، في مقابل ارتفاع الطلب والاستغلال المفرط للثروة المائية الجوفية، بالإضافة إلى ضعف تثمين المياه المعبأة، وتلوث الموارد المائية الناجم عن التأخر الحاصل على مستوى التطهير السائل وتنقية المياه العادمة. وفي هذا الصدد، ومن أجل إعطاء دفعة قوية للسياسة المائية بالجهة، ورفع التحديات المرتبطة بقطاع الماء ، و بمعية الأطراف المعنية من سلطات محلية ومجالس منتخبة وقطاعات حكومية، تم العمل على توفير وترشيد هذه المادة الحيوية، بكافة تراب الجهة، من خلال مجموعة من الأوراش الهادفة إلى تعميم الولوج إلى الماء الشروب، والمحافظة المستدامة للموارد المائية عبر تعبئة الموارد المائية السطحية بواسطة السدود، من أجل دعم التنمية المحلية، واستكشاف واستغلال المياه الجوفية بشكل معقلن، ودعم اللجوء إلى الموارد المائية غير التقليدية، وعلى رأسها إعادة استعمال المياه العادمة بعد معالجتها. وقد تم في هذا الشأن خلال السنة الماضية، عقد اتفاقية شراكة بين الدولة ومجلس جهة الشرق، لإنجاز مشاريع مندمجة في قطاع الماء بمختلف أقاليم الجهة، للفترة الممتدة ما بين 2016 و 2020. بكلفة مالية تبلغ 1865 مليون درهم، حيث تتضمن هذه الاتفاقية مجموعة من المشاريع تروم : تعبئة الموارد المائية عن طريق بناء السدود ؛ تعميم التزويد بالماء الصالح للشرب بالوسط القروي ؛ تنمية المراعي و خلق نقط الماء لإرواء الماشية ؛ التطهير السائل و الحد من التلوث بالوسط القروي ؛ الحماية من الفيضانات ؛ حماية المياه الجوفية / عقود الفرشات المائية ؛ محاربة التصحر و التعرية ؛ التحسيس ؛ وكذا التكوين والبحث العلمي في هذا المجال. كما أنه في نفس السياق، وفي إطار الجهود المبذولة لضمان جودة المياه الجوفية والسطحية والاقتصاد في الماء، من خلال إعادة استعمال المياه العادمة المعالَجة، لسقي الأراضي الفلاحية، تم رصد غلاف مالي يناهز 204 مليون درهم في إطار رؤية وجدة الكبرى 2020، لمشروع سقي 1500 هكتار من الأراضي الفلاحية بالمناطق الحدودية، باستعمال40 ألف متر مكعب من المياه العادمة المعالجة بمدينة وجدة. حضرات السيدات والسادة، إضافة إلى ذلك، وفي إطار مواصلة الجهود الرامية إلى تأهيل العالم القروي و تدعيم المكتسبات المحققة في مجال فك العزلة، فسيتم في القريب العاجل، تنزيل البرنامج الجهوي للتقليص من الفوارق الترابية والاجتماعية بكافة الجماعات القروية لجهة الشرق، والذي من بين مكوناته الأساسية، تعميم ولوج ساكنة الدواوير المستهدفة إلى الماء الصالح للشرب، وذلك بشراكة بين الدولة ومجلس جهة الشرق. كما لا يسعني – في الختام – إلا أن أجدد شكري لكم على مشاركتكم في أشغال هذا الملتقى الجهوي الهام، تخليدا لليوم العالمي للماء، الذي نرجو من الله جلت قدرته أن يكلل بالتوفيق والنجاح. وفقنا الله لما فيه خير بلادنا تحت القيادة الرشيدة لمولانا صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده. والسلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.