بدخوله إلى المغرب، أبى احمد الريسوني، الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح، إلا أن يعبر عن نفسه من خلال خرجة إعلامية متميزة وجه فيها سهام نقده للمؤسسة الرسمية الدينية، من دون أن ينسى التطرق إلى ما سماه ب"المحيط الملكي" و"حكومة القصر الملكي". الريسوني الذي ,بمجرد أن شم رائحة البلاد، آثر أن يدافع عن إخوانه في حزب العدالة والتنمية الذين يشرفون على تسيير قطاعات مهمة، إن لم نقل أهم القطاعات في الحكومة التي يترأسها عبد الإله بنكيران. هذه الحكومة التي قال الريسوني أنها "تواجه حملات شرسة على جميع المستويات",مشيرا في نفس الوقت على وجود"حكومة مضادة تشتغل، ونجحت على الأقل في فرملة وعرقلة بعض المشاريع الإصلاحية". أولا، الريسوني لم يتحدث عن طبيعة هذه الحملات الشرسة التي تتم على جميع المستويات.
ثانيا، فضل الريسوني التحدث في إطار عموميات من دون تحديد معين، قبل ان ينتبه إلى وجود حكومة أخرى مضادة يعلق على مشجبها ما تعرفه حكومة بنكيران من مشاك.
ثالثا، لم يقدم لنا الريسوني رزمانة المشاريع الإصلاحية التي أتت بها حكومة بنكيران وقامت الحكومة المضادة بعرقلتها.
هكذا، ظل الريسوني يتخبط بين ما سماه الحملات الشرسة التي تتعرض لها حكومة الإخوان، وبين الحملات المغرضة ضد نفس الحكومة، ليجد المنقذ من الضلال في" المحيط الملكي" الذي قال عنه انه "ليس بعيدا عما يجري".
لما لم يجد ما يقوله عن هذا المحيط، اضطر لتكرار ما قاله رئيس الحكومة بنكيران عن وجود "تماسيح وعفاريت" يصعب أو يستحيل، ربما، مقاومتهم.
ولتبرير تراخي حزب العدالة والتنمية في عمله الحكومي، يقول الريسوني أن هذا الحزب ليس له الأغلبية، لكن لم يقل لنا الريسوني أن حزب العدالة والتنمية هو قائد الفريق الحكومي، وهو أيضا الحزب الحاكم. اما القول بأنه "ليس حزب العدالة والتنمية التركي"، فنقول لا مقارنة مع وجود الفارق.
لا نظن، السيد الريسوني، أن "التماسيح والعفاريت" أو غيرهم هم الذين يعرقلون وحدهم سير حكومة الإخوان. فمن يمنع هذه الحكومة من أن تبدأ في فتح "الملفات الأكثر استعجالا واستفحالا مثل ملف الفساد؟ ومن منع وزير النقل والتجهيز،عزيز رباح، من نشر لائحة "الكريمات" وما أثارته من اهتمام واسع في المجتمع؟ هل نقول ان"المحيط الملكي" كان وراء هذه العملية؟ ومن الذي حال دون استمراره في نشر اللائحة المتعلقة باستغلال الملك العام من رمال ومعادن ومقالع وغابات... في الوقت الذي كان الرأي العام ينتظر إن لم نقل يطالب بهذا؟ هل خانته الشجاعة في الأميال الأخيرة من المسافة الطويلة أم أن"التماسيح والعفاريت" اعترضوا طريقه؟ في محاولة منه لإنقاذ صديقه بنكيران، يعود الريسوني، وهذه المرة بمنظر الفقيه، ليفتي في موضوع الفساد، ويقسم المفسدين"فقهيا وقانونيا" إلى "قسم قضى اهله نحبهم وذهبوا إلى ربهم"، وقسم "من تتم محاكمتهم ويؤدون عقوبة أفعالهم .." ويؤكد في فتواه أنه مع بنكيران في"عفا الله عما سلف" من الناحية الدنيوية، لكنه يعود إلى عدم الاتفاق معه إذا كان يقصد بالعفو "المفسدين المعروفين، فهذا خطأ فقهي وقانوني يجب (على بنكيران) أن يتراجع عنه."
المثير للانتباه أن الريسوني لم يترك الفرصة تمر دون الحديث عن صديقه وشيخه يوسف القرضاوي ودعوته إلى الحجاج بالدعاء على إيران بالهلاك لأنها تقدم الدعم، كل الدعم ، للنظام السوري...