القضية التي بين أيدينا اليوم بطلاها شاب وشابة سيقضيان ما تبقى من عمرهما داخل أسوار مختلف السجون وليس لهما من أمل حتى في عد الأيام أو استنشاق أوكسجين غير مقتسم وبقية المجرمين. فالشابة التي لم تقشعر لها ولو شعرة واحدة وهي تجهز على والدها الذي كان سببا ، بعد الله، في منحها الحياة، عاشت منذ نعومة أظافرها في وسط مفكك بعد أن طلق والدها أمها فحرمت بالتالي من عطف الأب وحنان الوالدة وعاشت وسطهما عيشة ميزتها الاساسية الانحراف. أما الشاب الشريك في قتل والد خليلته ، فقد ترعرع تحت أحضان والد منحرف سلوكيا وشاذ جنسيا لم يهبه غير القدوة السيئة في الانحراف مما سهل له معانقة ميدان الإجرام مبكرا خاصة بعد طلاق والدته ولم يتجاوز سنه عشر سنوات فبدأ في احتراف السرقة وتفنن في الموصوفة منها تحت لواء عصابات إجرامية ألقي عليه القبض نتيجتها ثلاث مرات ، ولم تزده سنوات سجنه إلا قسوة وجنوحا وخرقا للقانون والتطور في عالم الرذيلة بالانتقال من اقتراف السرقة الى ترويج المخدرات متخذا من باب دكالة بمدينة مراكش مرتعا لنشاطه في بيع وترويج المخدرات. الشابة (س.ع) ضاقت بها شوارع و دروب مدينتها برشيد جراء الفقر وقلة ذات اليد والتفكك الأسري، فقررت مغادرة برشيد نحو أكادير للبحث عن مناخ صاف وحياة أفضل، والصدفة وحدها قادتها لباب دكالة بمراكش حيث التقت مروج المخدرات (ب.ل) الذي علم منها أنها من طينته انحراف ووسط مفكك فاحتضنها بمنزل جدته المسنة وبات يعاشرها تحت سقف واحد معاشرة الأزواج، يعيشان من مردود ترويج المخدرات، غير ان هذه الحياة لم تدم طويلا بعد أن ألقت الشرطة القبض على (ب.ل) فما كان من الخليلة أمام هذا الوضع الجديد سوى العودة لبرشيد حيث تعاطت للفساد وحملت سفاحا وأنجبت بنتا. لما علمت بخبر الإفراج عن عشيقها، عاودت الاتصال به واستقرت معه من جديد ببيت جدته مخبرة إياه بالمعطى الجديد والمتجلي في المولودة الجديدة ، فطلب منها المجيء بها لاتخاذها كبنت شبه شرعية لهما، وفي ظل كل هذا استأنف نشاطه في ترويج المخدرات ، غير أن تشديد الحناق عليه من قبل شرطة مراكش جعله وخليلته يغادران المدينة الى برشيد ومنها الى سيدي بنور. وماهي سوى شهور قليلة حتى نفدت مدخراتهما من مال وازدادت وضعيتهما استفحالا بعدما أصيبت (طفلتهما) بمرض مزمن على مستوى الجهاز التنفسي وشرايين القلب. فلم يستطيعا مواكبة المصاريف المالية الباهظة التي أضحى يتطلبها العلاج مما جعل الخليلة تقترح على خليلها العودة الى برشيد لاقتراض بعض المال من والدها، فتوجها مساء يوم 2007/06/29 الى منزل الوالد الذي يوجد بمنطقة فلاحية خارج مدينة برشيد حيث يعمل راعيا وشريكا لأحد أصحاب الضيعات الفلاحية، فطلبت منه ابنته (س.ع) قرضها مبلغ 2000 درهم بعد أن شرحت له أزمتها ومرض ابنتها، لكنه ثار في وجهها وطلب منهما مغادرة المنزل. تصرف الأب هذا لم يرق الخليلين فقررا سرقة بعض رؤوس الماشية وفي حالة ما فطن إليهما فما عليهما إلا إزهاق روحه، وفي انتظار أن يسدل الليل خيوطه توجهت (س.ع) وخليلها (ب.ل) الى الحي الحسني ببرشيد فاقتنيا أربعة أقراص مهلوسة تناولها لوحده وأربع قنينات من الخمر الأحمر احتسى كل الخمرة صحبة خليلته. وفي حدود الرابعة صباحا من يوم 2007/06/30 ولجا الزريبة التي تأوي الماشية ، غير ان الأب فطن لهما وأمسك بابنته وحاول ضربها بواسطة قطعة حديدية، وأثناء ذلك باغته الخليل من الخلف وأسقطه أرضا مجردا إياه من القطعة الحديدية التي كانت بيده وشرع في ضربه بواسطتها. وبمؤازرة الخليلة قاما بتكبيل يديه من الخلف والرجلين، وكمما فمه بواسطة منديل نسائي وجلست البنت فوق ركبتي أبيها فيما اعتلى الخليل أعلى الصدر وشرع في توجيه لكمات موجعة للهالك، وكذلك فعلت العشيقة مستعينة بالقطعة الحديدية، وبقيا على هذه الحال الى أن لفظ أنفاسه الاخيرة. استأجرا شاحنة نقلا عبرها 12 رأسا من الغنم لسوق سبت تيط مليل باعاها ب 7000 درهم لشخص مجهول، وقصدا بعدها مدينة سيدي بنور التي مكثا بها شهرا كاملا ومنها انتقلا الى الناظور واتخذا من بيع الأثاث المستعمل مصدرا آخر للرزق متخذين كل الاحتياطات اللازمة بالابتعاد عن أي مشكل قد يوصلهما للشرطة بعد أن أدركا ان هذه الاخيرة اكتشفت جريمتهما وأصدرت في حقهما مذكرة بحث على الصعيد الوطني. وفي شهر يناير 2008 وقع شجار بين (ب.ل) وأحد أبناء منطقة الناظور الذي حرض الخليلة على الفساد، تدخلت على إثره الشرطة واعتقلت الجميع وبالمخفر ادعى (ب.ل) أنه لا يتوفر على البطاقة الوطنية مدليا بهوية أحد أبناء جيرانهم بمراكش، فانطلت الحيلة على الباحثين، وبعد إحالته على العدالة أدانته وفق الهوية المنتحلة بشهرين حبسا نافذا. وبخصوص خليلته فقد تحايلت هي الأخرى على رجال الأمن بالناظور وأدلت بهوية غير هويتها، وقد أخلي سبيلها من طرف النيابة العامة وظلت تنتظر عشيقها بالغرفة المكتراة الى أن خرج من السجن. وفي شهر أكتوبر من سنة 2008 انتقل (ب.ل) للعمل بإحدى الضيعات بمنطقة بني أنصار إقليمالناظور، حيث اشتغل حارسا بالضيعة بعد أن اتفق مع صاحبها على راتب شهري قدره 3500 درهم وتمكينه من مسكن للعيش فيه صحبة خليلته وطفلتهما على شرط تمكين صاحب الضيعة من نسخة من بطاقته الوطنية على سبيل الاحتياط، لكن هذا الاخير عرضها خلسة على رجال الأمن ببني أنصار الذين اكتشفوا بعد تنقيطه ، أنه موضوع بحث من قبل مصالح الضابطة القضائية لأمن سطات، فألقوا عليه القبض صحبة خليلته ليعترف وإياها تلقائيا بعد ترحيلهما لسطات بالمنسوب إليهما. غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بسطات وبعد أن اعتبرت القضية جاهزة، استجوب رئيسها الظنينين في جلسة الخميس قبل الفائت، وبعد تذكيرهما بالمنسوب إليهما، وبعد الاستماع لمرافعات الدفاع في إطار المساعدة القضائية ولمرافعة ممثل النيابة العامة، وبعد أن كان المتهمان آخر من تكلم ، قضت نفس الهيئة بمؤاخذة (س.ع) و(ب.ل) والحكم عليهما بالسجن مدى الحياة.