صدرت عن مشروع «كلمة» للترجمة بهيئة أبوظبي للثقافة والتراث، المجموعات الشعريّة التي نشرها بالألمانيّة الشاعر النمساوي «راينر ماريا ريلكه» في ثلاثة أجزاء عن اللّغة الأصليّة. قام بالترجمة وقدّم لها الشاعر العراقيّ المقيم بباريس كاظم جهاد، ومهّد لها بدراسة ووضع حواشيها الناقد النمساويّ وأستاذ الآداب الألمانية والنمساويّة في جامعة السّوربون الجديدة بباريس البروفسور غيرالد شتيغ. وأوضح مشروع «كلمة» أنه ومع صدور هذه الترجمة التي حرصت على مواكبة إيقاعات ريلكه وصوَره واستعاراته وتحليقاته الفكريّة بأكثر ما يمكن من القرب، والمدعومة بحواشٍ نقديّة رصينة وعميقة، يُتاح للقارئ العربيّ أن يقف على عطاء شاعر بقي يمارس على الشعراء والقرّاء العرب منذ ستينيّات القرن المنصرم فتنة عالية ويغذّي فيهم توقاً كبيراً إلى الإحاطة بمختلف تجاربه الشعريّة. يعدّ ريلكه من أكبر شعراء اللغة الألمانية في جميع العصور. وفي غداة وفاته كتب الروائيّ النمساويّ روبير موزيل، وهو من أهمّ روائيّي القرن العشرين، أنّ ريلكه، «هذا الشاعر الغنائيّ الكبير، لم يفعل سوى أن قاد الشعر الألمانيّ إلى الكمال لأوّل مرّة في تاريخه. ولم يكن إحدى ذرى عصرنا هذا، بل واحداً من تلك الأعالي التي يسير عليها مصير الفكر الإنسانيّ من عصر إلى عصر». كما تحدّث الرّوائيّ والنّاقد النّمساويّ شتيفان تسفايغ عن «ارتقاء مُعجِز» قام به ريلكه بعد بداياته المتلكّئة، ارتقاء يكاد يشكّل إحدى أكبر الأساطير الحيّة في تاريخ الشّعر. ومن شعر ريلكه نقرأ تحت عنوان «منتزه الببغاوات».. « تحت شجرِ الزَّيزفون التركيِّ المُزهرِ على حوافي المَرج المُعشَوشِبِ، تتنفّس الببغاواتُ بهدوء في مواقعها المتأرجحة، وقد هزّها الحنينُ إلى أوكارها، فأخذت تفكِّر في أوطانها التي ، وإنْ لمْ تَقعْ أعينُها عليها ، لا تتغيَّر . غُرَباءُ في هذه الخضرةِ المتزاحمة كموكب استعراض، تتباهى وتتعالى وتشعر أنَّها فوق الجميع . وفي مناقيرها الثمينة المصنوعة من اليَشْمِ واليَشَبِ تعلك شيئاً رمادياً وتقذفه بعيداً، لأنها لا تستسيغ طعمَه. ومن تحتها تلتقط الطيورُ الحَزانى ما قَذَفتْه، بينما تنحني الببغاواتُ الساخراتُ من فوقها انحناءةَ استهزاءٍ . وبين كلتيْهما تفرغ أواني الطعام سريعاً، وتبدأ بالتأرجح مرةً أخرى وتنامُ وتراقبُ، وبألسُنها السّودِ التي تنطق الكَذِبَ عن طيب خاطر، تعبث بسلاسل الأغلال في أرجلها . تنتظر المشاهدين» .