أمام الضغط الكبير الذي تعاني منه ليس فقط غرفة الجنايات الاستئنافية، ولكن كذلك غرف الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء نتيجة كثرة الملفات التي تفوق في معدلها بكل جلسة أربعين ملفا، إذ تصل في بعضها حتى 62 ملفا بالجلسة الواحدة، ونتيجة لقلة الرؤساء والمستشارين لإحداث هيئات أخرى تتحمل الى جانب الحالية عبء كثرة الملفات، فإن بعضها يعرف تأخيرات قد لا يتفهما جزء من الرأي العام الذي قد يتحول لديه «سوء الفهم» القانوني /المسطري الى شكوك قد تعمل جهات ما على «إذكائها» أكثر فأكثر... ملف خيرية عين الشق من بين الملفات التي تعرف هذه التأخيرات، التي حتى وإن كانت بالنسبة لرجال القانون، تأخيرات مسطرية مبررة، فإن تفادي الشكوك يحتم الإسراع في البت فيها خدمة لمكانة القضاء وهيبته خاصة وأن الامر يتعلق بعدم إنجاز الخبرة الحسابية المأمور بها من طرف المحكمة لتحديد المبلغ الحقيقي والنهائي للأموال المختلسة والمبددة من طرف كل واحد من المتابعين. للتذكير، فملف خيرية عين الشق تم كشفه على هامش زيارة ملكية لمقر الخيرية بتاريخ 2 أبريل 2005 حيث تمت معاينة الظروف اللاإنسانية التي كان يعيش عليها نزلاء هذه المؤسسة من أطفال ويافعين وشباب من الجنسين الذين كانت بوادر الحرمان من العناية والتغذية بادية على وجوههم ، زيادة على عدم صيانة بعض المرافق الاساسية للنظافة: كالمراحيض والحمامات والمطابخ وأماكن النوم وقاعات المطالعة وملاعب الرياضة.... على إثر هذه الملاحظات تحرك الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف وكلف فرقة أمن للقيام ببحث أشرف عليه شخصيا وأدى الى إلقاء القبض على عشرة من المسؤولين والعاملين بالخيرية والمتعاملين معهم من خارجها، بحث خلص الى أن نزلاء الخيرية كانوا «يحرمون من التغذية حرمانا يضر بصحتهم» لتتم متابعة تسعة منهم وإحالتهم على غرفة الجنايات الابتدائية خلال يناير 2006. أمام غرفة الجنايات الابتدائية تم تسجيل تراجع كافة المتهمين عن التصريحات المنسوبة إليهم ضمن المحاضر، بل وحتى أمام قاضي التحقيق بالنسبة للبعض منهم. استمرت المحاكمة أكثر من سنة ونصف ليصدر الحكم في يونيو الماضي يقضي ببراءة محمد نور الدين العلوي عدلان من المنسوب إليه، فيما أدين التهامي شهيد، ومحمد الكاسي ومحمد الواليدي بخمس سنوات سجنا نافذا وغرامة مالية قدرها خمسون الف درهم لكل واحد منهم. كما قضت الهيئة ذاتها بثلاث سنوات بالنسبة لكل من: مرفوق الطاهر والفيلالي بوبراهيمي، ولحسن رضوان مع تغريم كل واحد منهم بمبلغ ثلاثين الف درهم. وأدانت كذلك كلا من محمد راغب وادريس فرح بسنتين حبسا نافذا وغرامة عشرين الف درهم، مع تحميل كافة المدانين الصائر ومصادرة جميع ممتلكاتهم وأموالهم المنقولة وعقاراتهم. وبخصوص الدعوى المدنية التابعة، قررت هيئة الغرفة الجنائية الابتدائية قبولها شكلا، وتمهيديا الامر بإجراء خبرة حسابية لتحديد القيمة الحقيقية للأموال المختلسة والمبددة، وهي الخبرة التي مازالت هيئة المحكمة والاظناء والدفاع والرأي العام ينتظرها!!