وقف التقرير البرلماني على مجموعة من مواقع الخلل في منظومة أثمنة الأدوية المكلفة، ويتعلق الأمر هنا بالأدوية المستعملة لعلاج بعض الأمراض المزمنة مثل السرطان، والتهاب الكبد، وأمراض القلب والأوعية الدموية، ومرض السكري. فهذه الأدوية، وإن كانت لا تمثل حاليا سوى أقل من 10 %من النفقات التي يتم صرفها على الأدوية في المغرب، إلا أنه من المهم التطرق إليها بصفة خاصة. فهي أدوية تعكس في الواقع تطور نوعية الأمراض التي أصبحت تصيب المغاربة. بالإضافة إلى ذلك، فإن تأثيرها المالي على التأمين الصحي الإجباري أصبح يعرف منحى تصاعديا إذ يرتفع بنسبة تتجاوز 40 % سنويا. إن الأدوية المكلفة تطرح إشكالا على غالبية أنظمة التغطية الصحية في العالم، وعليه فإن طريقة تدبير التأثير المالي لتحمل مصاريف الأدوية تتغير حسب الدول وحسب أنظمة التغطية المعتمدة . ففي المملكة المتحدة مثلا، رفض نظام التغطية الصحية لفترة طويلة تحمل مصاريف بعض هذه الأدوية في الوقت الذي كانت فيه العديد من الدول الأوربية كفرنسا تقبل إرجاع مصاريفها. كما أن بعض الدول السائرة في طور النمو مثل تايلاند، قد انتهجت طريقا آخر باعتماد نظام "الرخص الإجبارية" لأسباب تتعلق بالصحة العامة، مما أدى إلى انخفاض ثمن بعض هذ ه الأدوية بأكثر من 20 مرة، الشيء الذي جعلها في متناول مئات الآلاف من المرضى الذين ما كانوا ليحصلوا عليها لولا ذلك. بالإضافة إلى ذلك، فإن العديد من هذه الأدوية ما زالت تحت فترة الاحتكار وليس لها مثيل جنيس، وهي في الغالب مستوردة. وقال التقرير إن هناك العديد من الاختلالات على مستوى أثمنة الأدوية المكلفة. ولقد أثيرت هذه المسألة خاصة أثناء جلسات الاستماع مع المديرين العامين لكل من الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والوكالة الوطنية للتأمين الصحي. حيث اتضح غياب ثمن البيع للعموم الموحد لنفس الدواء (نفس العلامة ونفس التلفيف). كما أن هناك اختلافا حادا بين ثمن البيع للعموم بالمغرب وثمن البيع بالمستشفيات والمصحات لبعض هذه الأدوية، وفي بعض الحالات ليس هناك ثمن البيع بالمستشفى رغم أنها أدوية تؤخذ أساسا في الوحدات الاستشفائية (عامة أو خاصة) ويؤدي هذا الوضع إلى انتشار بعض الممارسات التي تضر المرضى وخصوصا في بعض المصحات، حيث أثمنة البيع للعموم وبالمستشفى مرتفعة جدا بالمقارنة مع ثمن صيدلية الصندوق الوطني.