يحق لمغاربة بلجيكا أن يفرحوا لولوج أبنائهم دوائر مهنية عليا، ما كان مهاجرو الجيلين الأول والثاني يحلمون بها، كما يحق لوالد نجاة أربيب أن يفخر، وقد نصبت ابنته أول قاضية ببلجيكا من أصل مغربي، فقد حرص على أن يتبوأ أبناؤه وظائف، ويغتنموا فرصا لم تتح له هو .. «الشريف» القادم من بركان، الذي أفنى 30 عاما من عمره عاملا بسيطا بمصانع فورد ببلجيكا. وماكانت نجاة التي ستطفئ في السادس من نونبر القادم شمعتها الخامسة والثلاثين، تفكر يوما ما في ولوج سلك القضاء، لولا عبارة مستفزة خرجت جارحة من فم جار عنصري «... على أي حال، لن تكون لكم يوما نفس الحقوق التي لنا.. » ما جعل نجاة تحول وجهتها نحو كلية الحقوق، بعدما كانت تدرس لتصبح مهندسة مدنية. ورغم حصولها على دبلوم في الحقوق من جامعة لييج، لم يتوقف طموح ابنة المهاجر تلك، فالتحقت بمكتب أعمال بلييج، وانتسبت في الآن ذاته كعضوة في لجنة الشباب . «لم أرغب في دراسة حقوق المهاجرين حتى لا أضطر الى التقيد بنموذج المحامية المغربية التي تدافع عن مغاربة! » . ومع ذلك لم تنفك نجاة أربيب عن الاعتزاز بأصولها المغربية، حتى بعدما عينت سنة 2004 مستشارة لمدعي محكمة نوفشاطو.. هناك ستنتزع نجاة إعجاب وثقة ميشيل بورلي، الذي اشتغل على ملف «جاك دوترو». «إنه رجل ذو تجربة عالية، وهو من زرع في نفسي الرغبة في أن أصبح قاضية» كما تصرح نجاة. كان عليها أن تجتاز، والحالة هذه، امتحانا صعبا يتضمن اختبارين كتابيين، (لا تظهر فيهما هويتها المغاربية)، وآخر شفويا، وهو ما اجتازته بنجاح، بل وتفوقت «المغربية» لتكون من بين 18 ناجحا ضمن ال 158 مرشحا للامتحان. «لم يكن لدي لا ورقة حزبية، ولا سند من العلاقات.. في السابق، ماكان لأن أحصل على أية فرصة من هذا النوع..» تضيف نجاة في تصريحها لجريدة لوسوار البلجيكية التي خصصت لها بورتريها، بعد تعيينها قاضية، مركزة على «النموذج الجيد» الذي يمكن أن تمثله شخصية نجاة أربيب ، بالنسبة لأبناء المهاجرين المنحدرين من أصول مغاربية، نموذج يمكن أن يعوض نوعا ما صورة المسارات المنحرفة لبعض أبناء هذه الجالية، والتي حاولت العديد من الأقلام العنصرية البلجيكية استغلالها لرسم صورة نمطية عن المهاجر الأمي الذي يملأ أبناؤه سجون بروكسيل ولييج..