شميسة الحاكمي رئيسة "جمعية أمهات الأمل ببلجيكا لعلاج الأطفال المغاربة المصابين بأمراض القلب في المستشفيات البلجيكية وعضو فرع حزب الاستقلال بلمبورغ ببلجيكا ل "العلم " شميسة الحاكمي امرأة مهاجرة استقرت ببلجيكا منذ سنة 1973 بعد أن غادرت المغرب واختارت طريق الهجرة حيث استفادت من تجربتها كموظفة في القطاع العام المغربي منذ سنوات السبعينيات لتكون رصيدا معرفيا هاما مكنها من اكتساب خبرات وتجارب اجتماعية على المستوى المحلي والدولي. إنها امرأة استثنائية بكل المقاييس تمكنت من التألق في الوسط الجمعوي البلجيكي حيث تترأس جمعية أمهات الأمل وهي جمعية بلجيكية نشطة في المجتمع البلجيكي في منطقة فلندر، تعنى بمساعدة الأطفال المغاربة المصابين بأمراض القلب وعدم إمكانية علاجهم في المغرب حيث تتكفل بإجراءات ومصاريف علاجهم بالمستشفيات البلجيكية من خلا ل الإمكانيات المادية التي تتوفر عليها الجمعية التي تترأسها، كما اشتغلت كملحقة اجتماعية بجمعية ايليغ للتنمية والتعاون بدول البيني لوكس مكنها ذلك من كسب ود واحترام المجتمع البلجيكي. واليوم وقد أصبحت نجما من نجوم العمل الخيري في المجتمع البلجيكي بات الكل يلقبها بالسيدة تيرزا نسبة إلى إحدى النساء الغربيات اللواتي كرسن حياتهن للعمل الإنساني على المستوى الدولي. شميسة الحاكمي تفتح للقارئ المغربي قلبها من خلال جريدة العلم لتكشف عن حصيلة عملها الإنساني والخيري والدور الذي قامت به من اجل انقاذ حياة العديد من الأطفال المغاربة حيث تكفلت بهم جمعيتها وتم علاجهم ببلجيكا. ************* كيف تكونت لديكم فكرة إنشاء جمعية أمهات الأمل لمساعدة الأطفال المغاربة المصابين بأمراض القلب؟ كانت لدي زيارات متكررة للمغرب وخلال ذلك اكتشفت بالصدفة حالات اجتماعية خاصة ومنها حالة الأطفال المغاربة المصابين بأمراض القلب والذين يستحيل علاجهم في المغرب نظرا لعدم توفر الوسائل والتقنيات التي تمكن من إجراء عملية جراحية على القلب في المغرب ومن هنا تولدت لدي فكرة إنشاء جمعية خيرية وإنسانية أطلقنا عليها "جمعية أمهات الأمل" نسبة إلى سلسلة الأمل وهو اسم أطلق على مجموعة من الأطباء البلجيكيين الذين يشرفون على علاج الأطفال المغاربة بمستشفى "سان لوك" بقسم أمراض القلب، فمنذ سنة 1999 ونحن نتكفل بعلاج الأطفال المغاربة المصابين بأمراض القلب والذين لا تتجاوز أعمارهم 16 سنة وكذا النساء المغربيات. كيف تتم عملية ربط الاتصال بهؤلاء الأطفال في المغرب؟ يتم ربط الاتصال مع الأطفال المغاربة انطلاقا من المستشفيات المغربية حيث نتعرف على حالات الأطفال المصابين بأمراض القلب و تتم بعد ذلك الدراسة الأولية لملفاتهم من طرف الدكتورة زنيبر ليلى وهي اختصاصية في أمراض القلب بمستشفى السويسي بالرباط وحينما تعطي موافقتها المبدئية على إرسالهم إلى بلجيكا من أجل إجراء عملية جراحية على القلب نتصل حينها بأطباء سلسة الأمل ببلجيكا الذين يوافقون على إجراء العملية الجراحية للطفل ونتكفل بتوفير المبلغ المادي الذي يصل إلى حوالي 7000 اورو قبل إجراء العملية لأي طفل كما أتكفل شخصيا بمصاريف أخرى، سواء تعلق الأمر بالسكن أو بتنقل الأطفال وعائلاتهم وكذا مصاريف عودتهم إلى المغرب. انتم ترأسون جمعية بلجيكية غير حكومية كيف تحصلون على الإمكانيات المادية لعلاج الأطفال المصابين بأمراض القلب؟ جمعية أمهات الأمل التي أترأسها تتوفر على إمكانيات مادية لابأس بها كما نتلقى الدعم والمساعدة من كل القوى الحية في بلجيكا وخصوصا من المجتمع المدني ومن بعض المساجد ببلجيكا ومحبي الخير مغاربة وبلجيكيين، كما نوجه نداء إلى الجميع عبر وسائل الإعلام البلجيكية وملصقات مخصصة لهذا الغرض، من أجل الدعم ومساعدة الأطفال المصابين بأمراض القلب وانقاذ حياتهم. وأود أن أشير إلى الدعم الذي نتلقاه من طرف الحكومة البلجيكية، حيث توفر لنا ملصقات ومواد إشهارية نتسلمها من الحكومة البلجيكية وتوضع عائداتها في حساب الأكاديمية البلجيكية للطب العام والتي تسهر على مراقبة مصاريف علاج الأطفال. ماهي مختلف الأنشطة الأخرى التي تهتم بها جمعيتكم؟ تقوم جمعيتنا بعدة أعمال خيرية أخرى على المستوى البلجيكي كمساعدة ذوي الحاجات الخاصة والعجزة وزيارة المرضى في المستشفيات وأنشطة ثقافية لفائدة أطفال المهجر. ودعني أقول لك أن الجمعية التي أنتمي إليها جمعية استشارية كذلك، سواء بالنسبة للسلطات البلجيكية أو بالنسبة للمهاجرين المغاربة فنحن كمرجع بالنسبة للسلطات البلجيكية في حالة وقوع نزاع بينها وبين الشباب المغاربة من الجيل الثاني والثالث، حيث نوضح للبلجيكيين أسباب قلق الشباب المهاجر وللمغاربة أهمية إقامة علاقة طيبة مع السلطات البلجيكية والمجتمع المدني على اعتبار ماقدمه المجتمع البلجيكي لهذه الجالية من خدمات اجتماعية وإنسانية من أجل إسعادها كما نوضح أهمية الاندماج الايجابي في المجتمع الغربي ونوجه نداء إلى الجيل الثاني والثالث حتى يقيم علاقة طيبة مع مواطني بلد المهجر دون أن ينسى أصوله المغربية ويعتز بها. كما أذكر كذلك بدور الجمعية في إنشاء بعض دور الطلاب بالمغرب المخصصة لمساعدة العائلات المحتاجة في القرى النائية المغربية واذكر بالخصوص دار الطالب المغربية البلجيكية بمنطقة أكوراي بالمغرب والتي تم إنشاؤها بمبادرة من طرف جمعيتنا. باعتبار تجربتكم في المهجر ماهي وضعية شباب الجيل الثاني والثالث في أوربا؟ إن الجيل الثاني والثالث يعيش أوضاعا تدعو للقلق فهو يعاني من فقدان الهوية، شباب مغربي الأصل وبلجيكي الجنسية، ولكنه غائب هنا وهناك أي يفتقد لاندماج حقيقي في الوسط الأوربي كما يجهل تماما ثقافة بلده الأصلي وهذه مشكلة حقيقية تطارد هذه الأجيال في المهجر. فالجيل الثاني والثالث جيل متدين نراه في المساجد بكثرة وهذه مسالة ايجابية لكن المشكلة الحقيقة هو أن هذا الجيل يسجل نسبة أعلى فيما يخص الرسوب المدرسي بالمقارنة مع المواطنين البلجيكيين وهذه مسالة مقلقة بخصوص مستقبلهم، وأظن أن المشكلة تكمن في غياب مراقبة حقيقية من طرف الآباء إما لجهلهم وعدم معرفتهم بواقع أبنائهم المدرسي أو لاهتمامهم بالجانب المادي على حساب تربية أبنائهم، ونلاحظ غياب أي اتصال حقيقي للآباء مع المؤسسات التعليمية والمدارس الأوربية وخصوصا البلجيكية، حيث يفاجأ الآباء في نهاية السنة برسوب أبنائهم الشيء الذي يجعلهم يلقون باللوم إما على الأبناء أو المدرسين وعادة ما تنتهي بملاسنات حادة بين آباء المهاجرين والمدرسين البلجيكيين فتتولد لدى الجميع عقدة كراهية الآخر. هناك من يقول إن تجربة الاندماج تجربة فاشلة في بلجيكا كيف تردون على ذلك؟ الجيل الثاني والثالث يعش حالة صراع مع النفس ومع المجتمع الذي يعيش فيه واعتقد أن السبب في ذلك هو عدم قدرته على مسايرة المجتمع الغربي حيث إن اختلاف العادات والتقاليد الاجتماعية تعتبر عائقا أمام أي اندماج حقيقي بالإضافة إلى الهوية والدين. إني اعتقد أن الاختلاف الديني والثقافي مسالة صعبة ولكنها رائعة وتختزن كنوزا في حد ذاتها فالعلاقة مع الآخر يجب أن تكون مبنية على الاحترام المتبادل والأخوة بين الجميع، سواء كانوا من أصول غربية أو عربية إسلامية، فهناك من الشباب من استطاع أن يتبوأ مكانة مهمة في المجتمع الغربي على كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية وعليه فان الحديث عن فشل الاندماج يبدو فيه نوع من الإجحاف . انتم امرأة من أصول مغربية كيف تنظرون إلى وضعية النساء بالمغرب؟ أنا سعيدة أن أكون مغربية الأصل وهذا ما افتخر به لقد حققت المرأة المغربية عدة مكاسب خلال الفترة الأخيرة وأصبحت لديها كلمتها في المجتمع المغربي، فهي اليوم منافسة للرجل في كل الميادين وتساهم في بناء المجتمع أخت للرجل وأم له، لذا وجب التعايش بين الجميع حتى يكون الاحترام والتآخي هو سيد الموقف. إن مدونة الأسرة بالمغرب تعتبر مكسبا مهما حققته المراة المغربية في تاريخ نضالها المعاصر ونحن سعداء بما حققته من مكتسبات إلى جانب الرجل والهدف واحد هو بناء المجتمع المغربي . كلمة أخيرة؟ اعتقد أن المراة المغربية أخت للرجل لها نفس الحقوق وعليها نفس الواجبات دعني أذكرك بما حققته المراة الغربية في المجتمع الأوربي من مكاسب على كل المستويات، حيث تشغل مناصب مهمة في الدولة وهذا هو السر في تقدم وتطور هذه المجتمعات. ولكن في نفس الوقت أنظر بعين الرضا إلى ما وصلت إليه المراة المغربية وما حققته من منجزات فقد أصبحت محامية وبرلمانية ووزيرة ودبلوماسية وهذه مسالة كانت غائبة في الماضي، وأظن أن أي تطور حقيقي للمجتمع لابد أن يمر عبر محور الرجل والمرأة على حد سواء كما أنني سعيدة لأن الجمعية التي أترأسها انقذت عددا من الأطفال المغاربة من الموت المحقق بعد إجراء عمليات جراحية لهم.