يعد الطيب منشد من المناضلين الذين رافقوا العديد من قادة الاتحاد، واولهم الشهيد عمر بن جلون، الذي يكشف لنا الطيب عنه جوانب خفية، انسانية وسياسية ونقابية. كما أنه يعود بنا الى تفاصيل أخرى تمس الحياة النقابية في بلادنا وكل مخاضاتها، باعتباره شاهدا من الرعيل الأول، ومناضلا ومعاصرا للمخاضات التي عرفتها الساحة الاجتماعية. هناك اشياء كثيرة أخرى، ومواقف عديدة تكشفها ذاكرة الطيب لأول مرة.. صباح الغد، رسالة الامة الناطقة باسم الاتحاد الدستوري تعلن عن فوز بويحيا برئاسة بلدية القصر الكبير، والاخ عبد الواحد الراضي يتصل بوزير الداخلية في الموضوع، هذا الاخير قال إن أحد المستشارين الاتحاديين صوت لبويحيا (واش غيدير هو) لكن الاخ عبد الواحد فاجأه بالمعتصمين بالمقر المركزي للحزب وعددهم 18 مستشارا، هنا اقترح وزير الداخلية إعطاءه مهلة 24 ساعة للتحري على أن لا يصل الخبر الى الصحافة. وخلال الفترة التي وعد بها، أخبر الوزير الاخ عبد الواحد ان انتخابات الرئيس ستعاد، وفعلا تم استدعاء المستشارين الى مدينة تطوان حيث كان سي محمد الطويل المرشح الوحيد حيث حصل تقريبا على الإجماع. ورغم لقاء الفقيد السي عبد الرحيم بجلالة المغفور له الحسن الثاني، على إثر زيارة الرئيس الاشتراكي الفرنسي فرانسوا ميتران، وتحمل الفقيد مسؤولية وزير دولة بدون حقيبة ومشاركة الاخ عبد الواحد الراضي كوزير للتعاون، هذه المشاركة الحزبية التي كانت من أجل تعزيز الإجماع الوطني في مواجهة المخططات المعرقلة للوحدة الترابية، فقد ظل الموقف الرسمي هو التضييق على الاتحاد وتهميشه، وكانت توجيهات الفقيد عبد الرحيم في هذه الفترة مركزة على تقوية النقابة وحث المناضلين والمناضلات على دعم نضالات CDT وتقوية تنظيماتها، وتدعيما لهذا التوجه سيصبح كل أعضاء المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل الاتحاديون أعضاء باللجنة الادارية للحزب المنبثقة عن المؤتمر الرابع دون مقاييس أو شروط (خلافا للمؤتمر الثالث حيث لم يتجاوز عددهم باللجنة الادارية ثلاثة أعضاء)، المؤتمر الرابع أعتبره شخصيا تظاهرة سياسية أكثر منه مؤتمرا بالشروط المتعارف عليها، والذي أنهى أشغاله دون المصادقة على الوثيقة الوحيدة التي عرضت عليه «أزمة المجتمع المغربي...» التي رأى فيها البعض بديلا للتقرير الإيدولوجي... هذه التظاهرة التي كانت منطلقا لتحريك الحزب في أفق الانتخابات التشريعية. هذا الاستحقاق الانتخابي الذي لم يخرج عن المعهود من تزوير لإرادة الناخبين وخلق خرائط سياسية تحت الطلب كما تريدها وزارة الداخلية، لكن الحدث المهم الذي نجم عن هذه الانتخابات هو دعوة المرحوم الحسن الثاني قادة الأحزاب للمشاركة في البرلمان الى لقاء عقد بمدينة فاس حضره الى جانبهم الوزير الاول السيد كريم العمراني. خلال هذا الاجتماع، افتتح الملك الراحل المناقشة بقول ما معناه «البلاد تعرف أزمة اقتصادية حادة، ماهي أنجع وأقرب السبل لتجاوزها» جرى نقاش استغرق أكثر من ساعة تحدث خلاله كل من الوزير الاول الذي كان يدافع عن الاختيارات الرسمية وضرورة التعاون التام مع المؤسسات التمويلية الدولية والانضباط لتوجيهاتها، والفقيد عبد الرحيم الذي اعتبر ان الاختيارات المطبقة والانصياع لتعليمات صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، هذه السياسة لن تساعد البلاد على الخروج من الازمة، ويقترح فترة انتقالية من 4 إلى 5 سنوات يتوقف خلالها المغرب عن تأدية الديون وفوائدها إسوة ببعض دول أمريكا اللاتينية آنذاك، ونهج سياسة الاصلاحات مع خطة في التقشف في الاتفاق الحكومي لتأهيل البلاد لمواجهة الحاجيات الداخلية والالتزامات الخارجية. وختم المرحوم الحسن الثاني اللقاء بقول ما معناه «ها أنتم ترون أنه في المغرب لا يوجد إلا اتجاهان، فعلى ضوء الآراء والمقترحات التي استمعتم إليها على كل حزب أن يهيأ لنا مذكرة تتضمن برنامجه قصد المشاركة في الحكومة. بعد رجوعه من فاس، جمع الفقيد عبد الرحيم المكتب السياسي والكتابة الوطنية، فبعد أن قدم عرضا حول لقاء فاس، قال نحن مطالبون بإعداد برنامج والمشاركة في الحكومة. دار نقاش شارك فيه كل الحضور. ويمكن القول ان الاتجاه الذي كان سائدا هو المشاركة حيث هناك من أعطى حتى بعض المقترحات العملية التي يجب أن يتضمنها البرنامج في قطاعات مختلفة كالفلاحة والمالية والاقتصاد والتعليم.. بعد أن تدخل الجميع، رجع الفقيد ليتناول الكلمة حيث قال علينا ان نجيب أولا عن السؤال التالي: هل من مصلحة البلاد أولا أن يشارك الحزب في تدبير الشأن العام في هذه المرحلة، أم يجب إبقاءه كاحتياطي بشري لمرحلة تكون فيها شروط المشاركة متوفرة، وأضاف لو كنت أعتقد شخصيا أننا سندخل الحكومة وننجز من البرنامج الذي نقترحه عشرة في المائة %10 سأكون أول المدافعين عن هذه المشاركة ولوأن ذلك قد يضر بالحزب فإن من شأن إدخال %10 من الاصلاحات خلق دينامية جديدة بالبلاد ستكون لها انعكاسات مختلفة، لكني أعتقد أن إرادة الاصلاح لم تنضج بعد، قد ندخل بطريق الى الحكومة يتحف الجمهور، لكن نتائج المباراة محكومة، لذلك، فالبرنامج الذي يجب إعداده متوقف على الإجابة عن السؤال. فإذا اتفقتم على المشاركة يجب إعداد برنامج تقني وسندخل الحكومة لأن مشاركتنا مرغوب فيها، وإذا الجواب هوالتريث فيجب إعداد برنامج سياسي وفي هذه الحالة، أقترح نفسي لعضوية اللجنة التي ستحضر هذا البرنامج، والحقيقة أن هذا التدخل ختم النقاش، حيث تم الاتفاق على برنامج سياسي. وفعلا هيأت ورقة في هذا الاتجاه تحدد تصور الاتحاد للتعاطي مع المرحلة والأزمة التي تعيشها البلاد، سلمها الفقيد السي عبد الرحيم للمغفور له الحسن الثاني الذي اطلع عليها بحضوره ثم قال له، هذا برنامج جيد، لكنه برنامج حزب غير مستعجل في المشاركة، فدعونا نجرب برامج المستعجلين. يتبع