يعد الطيب منشد من المناضلين الذين رافقوا العديد من قادة الاتحاد، واولهم الشهيد عمر بن جلون، الذي يكشف لنا الطيب عنه جوانب خفية، انسانية وسياسية ونقابية. كما أنه يعود بنا الي تفاصيل أخرى تمس الحياة النقابية في بلادنا وكل مخاضاتها، باعتباره شاهدا من الرعيل الأول، ومناضلا ومعاصرا للمخاضات التي عرفتها الساحة الاجتماعية. هناك اشياء كثيرة أخرى، ومواقف عديدة تكشفها ذاكرة الطيب لأول مرة.. { هل يمكن أن تحدثنا عن تأسيس ك.د.ش وقصة اختيار الكاتب العام وكيفية اختيار الاسم؟ > بعد المؤتمر الاستثنائي، عرف الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية دينامية نشيطة في مختلف الواجهات السياسية والايديولوجية والاجتماعية. فعلى المستوى الاجتماعي، وبعد الحسم في التوجه العام بالاتفاق على الاشتغال على خلق بديل نقابي، انطلقت اللجنة العمالية في عقد الندوات وتكوين الاتحاديين النقابيين في مختلف القطاعات المنقبة والتنقيب على عناصر اتحادية في قطاعات غير منتخبة لتأسيس نقابات. وهكذا انطلق مسلسل الاستقلال على الاتحاد المغربي للشغل في القطاعات المنقبة وتأسيس نقابات وطنية مستقلة على سبيل المثال: البريد، السكك الحديدية، الفلاحة، الصحة... وتأسست نقابات وطنية في قطاعات لم تكن منقبة كالجماعات المحلية والنقل والشاي والسكر.. اما النقابة الوطنية للتعليم والتي هي مستقلة منذ 65 عن UMT فقد عقدت مؤتمرا استثنائيا تحت شعار ضرورة الالتحام بالطبقة العاملة. اختيار اللجنة العمالية الوطنية لاسم النقابة الوطنية لمختلف القطاعات سيعود للدور الذي لعبته SNE في الساحة الاجتماعية والاشعاع الذي تركته لدى مختلف القطاعات الحكومية وغير الحكومية، حيث اصبح رجل التعليم يشكل رمزا للنضال النقابي. بدأ الحزب في هذه المرحلة، قيادة وقواعد، يعمل على صنع حدث هام وكبير ستكون له انعكاسات على الواقع المغربي في المراحل اللاحقة. فتأسيس البديل النقابي اصبح نقطة دائمة في جدول اعمال كل الاجهزة الحزبية (المكتب السياسي، اللجنة الادارية، اللجنة المركزية، الكتابات الاقليمية، مكاتب الفروع، القطاعات الحزبية المختلفة....) الكل يعمل، والكل يجتهد والكل يبحث عن الامكانات المادية والبشرية استعدادا لتلقي ذلك المولود المرتقب لشهر نونبر 1978 ان الانخراط في هذا الجهد التنظيمي والتعبوي الذي عرفته صفوف الاتحاد خلال هذه الفترة اصبح فرض عين على كل اتحادي واتحادية، فحتى الشبيبة الاتحادية باشراف عبد الهادي خيرات ومالك الجداوي وضعت في جدول اعمالها الدائم الانخراط في هذا الجهد النضالي. اما فيما يتعلق باختيار الاسم فقد تم ذلك في احد اجتماعات اللجنة العمالية الوطنية برئاسة الفقيد عبد الرحيم بوعبيد والاقتراح جاء منه حيث نطق الحروف المكونة للاسم باللغة الفرنسية CDT واتفق الجميع دون معارضة على انه الاسم المناسب، هذا على المستوى الحزب، اما على المستوى النقابي بخلاف انعقاد المؤتمر التأسيسي والذي استغرق 24 ساعة وداخل لجنة التنظيم التي كان لي شرف رئاستها، جاءت العشرات من الاسماء كاقتراح، ومن بينها طبعا اسم ك.د.ش تقدم به البعض وكنا في حاجة لوقت طويل لتمرير الاسم والاتفاق عليه. أما في الجلسة العامة فقد استقبل الاسم بتصفيات عامة وصودق عليه بالاجماع. كما يتعلق باختيار الكاتب العام، ما كان ايجابيا انه طوال فترة التحضير والتهييء التي استمرت لما يقارب السنتين بخلق نقابات واستقلالية نقابات أخرى. اي بتأسيس نقابات وطنية.. لم يتم بتاتا المناقشة في الكاتب العام المرتقب، ولا في اسماء المكتب التنفيذي. فالمهام كانت محددة والكل منضبط لماهو محدد، ولا يتجاوزه لما لم يحن و قته بعد، واول اجتماع عقدته اللجنة العمالية للتداول حوس اسم الكاتب العام وباقي الاجهزة الاخرى للمولود المرتقب كان بالرباط 5 ايام من موعد المؤتمر، هذا الاجتماع كان برئاسة الاخ محمد اليازغي، وبحضور تقريبا كل اعضاء اللجنة العمالية حيث تم التطرق للكتابة العامة وتم التداول في عدة اسماء، لكن الاسم الذي كان واردا بقوة هو اسم نوبير الاموي، وقد جاء اقتراحه من طرف عبد ربه و الأخ عبد الهادي خيرات، جميع أعضاء اللجنة كانوا مع هذا الاقتراح ولم يعترض عليه أحد بما في ذلك الأخ محمد اليازغي خلافا لما قيل ،والمعترض الكبير والوحيد كان هو نوبير الاموي نفسه، والحقيقة ان اعتراضه لم يكن للمناورة وانما كان اعتراضا حقيقيا وصادقا، حجته انه يستطيع خدمة البديل المرتقب بفعالية اكثر من خارج الاجهزة، لان المسؤولية ستجعله في خلافات وخصومات ومشاكل مع الكثيرين، وبمقدار إصراره على الرفض، كان الاصرار على التشبث به باعتباره الشخص المناسب للمهمة في تلك المرحلة، وهكذا اصبح كل شيء جاهز لخلق حدث هام صنعه الاتحاديون والاتحاديات بارادتهم الحرة، وبامكانياتهم البشرية الهائلة، وبامكانياتهم المادية المتواضعة. وقد قيل الكثير من طرف الخصوم ومن طرف اجهزة الدولة عن نقابة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، لكن الاتحاد عندما فكر في تأسيس بديل نقابي لم يفكر فيه باعتباره كيانا ذيليا تابعا له كعلاقة الاتحاد العام للشغالين بالاستقلال مثلا، وانما فكر في تأسيس نقابة مستقلة وجماهيرية وطبعا تقدمية وديمقراطية تكون معه إطارا لكل فصائل الطبقة العاملة للدفاع عن حقوقها، وحماية مكتسباتها في مواجهة الدولة باعتبارها مشغلا ومواجهة الباطرونا، وهي بهذه الخصائص مفتوحة لكل الانتماءات السياسية. هذه كانت ارادة الاتحاد عندما قرر التأسيس وعندما أسس فعلا،كما هو الشأن حينما أعاد هيكلة UNEMو النقابة الوطنية للصحافة ، والاتحاد الوطني للمهندسين والجمعية المغربية لحقوق الانسان، هذا التوجه العام شرحه المرحوم عبد الرحيم لما قدم التقرير السياسي امام المؤتمر الوطني الثالث للحزب، عندما اكد على أهمية تأسيس CDT مؤكدا ان الاتحاد لن يسمح لنفسه ولا لغيره بالهيمنة على هذا المولود الجديد. { علاقتك مع نوبير الاموي؟ البدايات،خلال فترة SNE و فترة ك.د.ش؟ > لم أعد أتذكر هل كانت 60 ام 61 حينما عقد لقاء تربوي بمدينة الرباط من طرف مفتشية التعليم، موضوع الاجتماع تربوي يتضمن عرضا نظريا حول منهجية تدريب بعض المواد وعادة ماينتهي هذا الدرس بنقاش عام يساهم فيه الحاضرون وفي بعض الاحيان تختم بالقيام بدرس عملي في نفس المادة التي كانت موضوع المناقشة، اللقاء يكون عادة من تأطير مفتش ، في هذه السنة حضرت احد هذه اللقاءات التربوية، كانت القاعة (مدرسة ساحة الشهداء بالرباط) غاصة بالمعلمين والمعلمات، وعندما هم المفتش المكلف بتأطير اللقاء ان يتحدث الى الحضور، اذا بصوت من داخل القاعة يحاول منعه من الكلام، المتحدث لم يتكلم من موقعه حيث كان جالسا، بل صعد فوق الطاولة وبدأ في مهاجمة سياسة الحكومة في مجال التعليم متهما اياها بتخريب المنظومة التعليمية وتجهيل ابناء الشعب المغربي،ناعثا الدولة بدمية الاستعمار الجديد وخادمة الاقطاع والرجعية، حدث ذلك امام ذهول المؤطر و انشراح بعض الحضور وقلق وتوتر لدى البعض الاخر، حاول المؤطر افهام المتحدث بأن اللقاء لقاء تربوي وليس تجمعا نقابيا او سياسيا، المتحدث لم يتح للمؤطر فرصة الكلام حيث استمر في استرسال كلمته التي يبدو انها كانت محضرة، غادر المؤطر المنصة وخرج واحتلها المتحدث الذي بدأ في تحريض الحضور على الثورة على الاوضاع القائمة، جاء مؤطر آخر (المرحوم عبد الصمد الازرق) مفتش التعليم الابتدائي الذي سيلتحق بسلك القضاء لاحقا)، تمكن من تهدئة المتحدث وسيطر على الاجواء، كان هذا اول حضور لي في اللقاءات التربوية، سألت عن المفتش الذي هدأ الجو قال لي البعض انه اتحادي، وقال لي البعض الاخر انه قريب من الاتحاد، وسألت عن المتحدث قال لي البعض انه متطرف وقال لي البعض الاخر انه متهور، سألت عن اسمه فقيل لي الاموي، نوبير الاموي، المعلم بمدرسة القبيبات على ما اعتقد، هذا اول لقاء لي به وكانت معرفة من بعيد لبعيد.