غناها العندليب الراحل عبد الحليم حافظ «الهوى هوايا.. أبني لك قصر عالي..»، حلم عبد الحليم، وارتفع بمحبوبته لفضاءات الحلم العالية.. وحلمنا بدورنا كثيرا بالأفق الجميل لكرتنا الوطنية، بل جعلونا نحلم ونمني النفس بالوجه الجميل لهاته الكرة.. وفي عرفنا و لغتنا العامية، ف «الهوى»، معناه بكل بساطة «والو»، أي لا شيء. لاشيء فعلا تحقق، لم تستقم أبدا شؤون الكرة في عالم الهواة، وظلت على حالها كما عهدناها منذ زمن طويل. هي نفس المعاناة، نفس الأزمات، نفس المشاكل، سوء التسيير، ضعف البنية التحتية وقلة الموارد المالية، بل وانعدامها في كثير من الصناديق، غياب الهيكلة، وغياب الشروط السليمة للممارسة الكروية! لاشيء، سوى «لهوى»، واللهو واللعب على ذقوننا.. آلاف الشباب يحملون أقمصة فرق تعجز عن ضمان جرعة ماء لهم، يمارسون كرتهم في معزل عن الأنظار، خاصة منها أنظار مسؤولينا المركزة أساسا على تركيبة المنتخب الوطني للكبار، وعلى سفريات أطره التقنية، وعلى نخبة الأندية، وعلى صناديق الجامعة المتخمة بملايير السنتيمات! من جديد، نفتتح يومي السبت والأحد، منافسات بطولة الهواة، بنفس العناوين، ونفس الإصرار على تحميل فرقها المزيد من المعاناة والتحمل.. الجديد هو توزيع فرق القسم الأول إلى ثلاث مجموعات.. وسطا، شرقا وجنوبا! مما يعني، مزيدا من المسافات يجب قطعها، ومزيدا من المصاريف، ومزيدا من المعاناة.. والجديد كذلك، هو قرار إنزال «رزمة» كبيرة من الفرق للقسم الثاني، وتحديدا 21 فريقا من أصل 49 المنتمي للقسم الأول هواة، أي سبعة بالكمال والتمام من كل مجموعة! عشرات الآلاف من الشباب سيدخلون ابتداء من اليوم، دوامة محنة حقيقية مع الشروط المتدنية المخيفة للعب في قسم الهواة.. لا ملاعب في المستوى، لا تجهيزات لائقة، لا تأمين طبي لضمان الحماية، لا اهتمام إعلامي يفتح أفق الغد، ولا منح مالية تضمن ولو نسبة ضئيلة من عيش كريم يظل بعيدا عن المتناول! وحدهم أصحاب المفاتيح التسييرية بالمجموعة الوطنية للهواة، من يملكون سر البقاء والخلود، ووحدهم رجال الجامعة الجدد من يتقنون توزيع «لهوى» لكي لانقول الوهم ويتركون الجميع يعيش أملا مزيفا، نحلم فيه كما حلم العندليب عبد الحليم ببناء القصر الموعود!