الهجرة.. ماضي أمريكا الذي تنساه!! المهاجرون أينما كانوا يسري عليهم ما يسري على تارك الصلاة، الوَيْلُ واللعنة. ففي فرنسا أواسط السبعينات ظل اليمين ينظر إليهم كيد عاملة لاغير، وبكلفة أقل.. واليسار بقيادة فرانسوا ميتران ظل ينظر إليهم كقوة انتخابية. هنا في الولاياتالمتحدةالأمريكية، نجد نفس المعادلة، الحزب الديمقراطي ينظر إليهم من حيث أنهم صوت انتخابي والحزب الجمهوري كونهم يد عاملة ليس أكثر. الخريطة هنا بالنسبة للمهاجرين غير الشرعيين يحتلها الناطقون بالإسبانية، وتطلق كلمة «إسباني» على كل مهاجر من أمريكا اللاتينية كيفما كانت جنسيته، دون القصد أنه من المملكة الإسبانية. وهم يعرفون نمواً كبيراً وسريعاً في الآونة الأخيرة داخل الكتلة الناخبة. الحديث عن حقوقهم، قانون تشغيلهم، الحائط بين أمريكا والمكسيك، ظروفهم الإنسانية، كله كلام عاطفي، شهرزادي يمحوه نور الصباح. لأن الكل ينظر فقط إليهم كصوت انتخابي. لقد نظمت حلقات ووقفات عمل لتوحيد مدونة خاصة بالهجرة على صعيد كل الولايات. كان المجهود مضنيا خاصة أمام أعين منظمة صارمة مثل المنظمة الحقوقية الدولية « أمنستي أنترناسيول » التي كانت تقف أمام أي محاولة يكون القانون فيها مخلا في حالة اعتقال المهاجرين غير الشرعيين أو ترحيلهم. وأمام عقبة توحيد مدونة بين كل الولايات، ترك الأمر للاجتهاد القضائي لكل ولاية على حدة، هكذا كانت ولاية « إيووا» (Iowa) قد رحلت أكبر عدد من المهاجرين غير الشرعيين (حوالي 400 عامل فقط في قطاع صناعة وتعليب اللحوم)، كانوا يستعملون بطائق مزورة وأرقام وهمية للضمان الاجتماعي، مثلما فتحت تحقيقات ضد كل الشركات المشغلة للأطفال دون سن العمل. شعبة الأمن الوطني، (وهي جهاز أمني رقابي) حاول رصد كل المهاجرين غير الشرعيين بطرقه الخاصة، حيث تؤكد هذه الشعبة أنه يوجد بالولاياتالمتحدةالأمريكية حوالي 20 مليون مهاجر غير شرعي. وإذا كانت أمريكا لم تتعرض الى أية ضربة منذ شتنبر 2001، فإن قصوراً كبيراً يوجد في التنسيق بين شعبة الأمن الوطني و الشرطة الفدرالية «FBI» رغم الأموال الباهضة التي صرفت من أجل وضع إطار عملي متكامل بين هذين الجهازين. ففي ربيع 2006، برز موضوع الهجرة بحدة، بعد أن نظم المهاجرون أنفسهم في أكبر مظاهرة بلغت مليون شخص، جابوا خلالها شوارع المدن، ودفعت الكونغرس نحو محاولة إصدار قانون هجرة أكثر ملاءمة وتفهما لظروف المهاجرين. بل لقد حاول العجوز ماكين إظهار أنه مع هذه الشريحة الاجتماعية الملغاة، لكن الجمهوريين المحافظين رفضوا ذلك وأصروا على ترحيلهم وبناء جدار عازل بين أمريكا وجيرانها. لكن هذه الجماهيرية القوية، في تنظيم المهاجرين لأنفسهم والإنزال الكثيف في جل مدن الولاياتالمتحدةالأمريكية، سيعرف انحصاراً كبيراً سنة 2007. ومرد ذلك بداية الحملة التمهيدية للإنتخابات، أخبار حرب العراق والخسائر الكبيرة في الأرواح، ثم الظروف الاقتصادية الصعبة التي بدأت أمريكا تعرفه. لهذا، التزم كل المهاجرين غير الشرعيين بيوتهم مخافة الطرد الجماعي. المحامون المكلفون بملف المهاجرين أمام هذا الوضع رأوا أن يغيروا خطتهم والعمل مع منظمة « أمنستي » من أجل منح هؤلاء حق التصويت والتسجيل في الانتخابات. هذه الخطوة جعلت ماكين يسيل لعابه ويتصل برابطة المواطنين ذوي الأصول اللاتينية، لكن عدم نجاح أي إصلاح لنظام المهاجرين أنقذه من الجزرة التي حاول اللعب بها. بينما أوباما كان واضحاً من حيث تشديد المراقبة على الحدود، بإضافة أطر وموظفين وبنية لوجيستيكية وتكنولوجية عالية، وأيضاً معاقبة كل الشركات التي توظف عمالا غير شرعيين. لكنه أظهر تفهما فيما يخص التجمع العائلي، الذي لا يرقى إلى وضع حاملي الجنسية، بشرط دفع كفالة وتعلم اللغة الانجليزية. لكن مع مطلع ماي 2008، خمد ضوء الحديث عن وضعية المهاجرين. إذ، أمام ارتفاع أثمنة المواد الغذائية ب 50% والبترول إلى 4 دولارات للگالون الواحد، وتساقط جنود أمريكا بالعراق، فإن هذه الرتابة قد جعلت الكل ينظر إلى ملفات أكثر أهمية واستعجالية من ملف المهاجرين غير الشرعيين. بل أمام انعدام فرص العمل، فإنه بدأت العودة الطوعية لأغلب هؤلاء المهاجرين إلى بلدانهم، لأنه ما عاد لهم ما يقومون به هنا بالولاياتالمتحدةالأمريكية. بوش، من جهته، صرح أنه وضع حائطا أكثر ذكاء لرصد كل داخل الى تراب أمريكا. ليس فحسب المهاجرين، بل حتى أصحاب المخدرات. وقد رصد لهذا الحائط 20 مليون دولارا. لكن المنظومة المعلوماتية لهذا الحائط الإلكتروني لم تكلل بالنجاح، حيث عرفت كل الكاميرات خللا وأعطابا وقصورا في ضبط تنقلات المهاجرين. إضافة إلى أن هؤلاء قد استعملوا كل الطرق لكسر هذا الجدار من أدوات بناء ونجارة لقطع بعض من الحائط ثم الدخول الى التراب الأمريكي (جنة العم سام). هكذا ظل رجالات الحدود في عمل مضني يومي، لإصلاح هذه الثقوب في جدار بوش العازل. وأكد جاك كافرتي، أنه أمام فشل «جدار بوش» وأمام كلفته الكبيرة، فإنه أصبح من الأجدر شراء «السور العظيم» من الصين، ما دامت أمريكا تشتري كل شيء من هناك. المواطنون أمام هول الحالة الاقتصادية، طالبوا بغلق الحدود، وعدم التعامل مع مظمة أمنستي، وعدم منحهم أية حقوق مدنية ولو كانت حتى رخصة القيادة. هكذا أضاع بوش جولة أخرى، عنوانها «المهاجرون غير الشرعيين»، وتحمل تبعات ذلك تابعه العجوز ماكين. الغريب، الذي يصعب تصديقه، أن أكبر حقبة رئيس دولة تعرف وصول أفواج جديدة وكبيرة من المهاجرين كانت حقبة بوش ب 10,3 مليون، نصفهم غير شرعي. هذه النسبة لم تعرفها الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ 1920. وإذا كانت أمريكا، هي بلاد الغرابة لحد الدخول في هيستيريا من الضحك، فإن ما وقع في المقطع الحدودي لولاية أريزونا (ARIZONA) مثير جدا. لقد تم تأجيل بناء السور، لأن الجهاز القضائي الخاص بالبيئة رأى أن ذلك سيكون مضراً بالبيئة، وبالضبط بحيوان معروف عندنا حن المغاربة هو: «سحلية». لهذا تساءل الصحفيون مع جاك كافرتي، أن هؤلاء «الناشطون البيئيون» قد فقدوا عقلهم ورشدهم من خلال مطالبتهم بوضع أمن الدولة في حرج، بسبب إصرارهم على فتح الحدود وعدم بناء الجدار مخافة أ يقرض حيوا صغير. لقد سجلت أرقام قياسية، في إلقاء القبض على المهاجرين وترحيلهم. والمسؤولون الأمريكيون يؤكدون أن الحل الوحيد هو إلقاء القبض عليهم، دفعة واحدة، وتجميعهم، ثم ترحيلهم الجماعي الى دولهم. هكذا بين 2006 و 2007 تم ترحيل أكثر من 260 ألف مهاجر غير شرعي. وبالنسبة للإدارة الجديدة للرئيس أوباما، فإن ما يشكله هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين من ثقل اقتصادي ومساهمتهم في تخصيب الاستهلاك، يجعلها بين أمرين أحلاهما مر. من جهة يعتبر واحدا من 3 أمريكيين أن هؤلاء المهاجرين لا يجب أن تكون لهم أية حقوق مدنية، بينما 60% يرون أن أبناء المهاجرين غير الشرعيين يمكن أن يتابعوا دراستهم، و 22% يرون أنه يمكن أن تكون لهم رخصة سياقة، لكن الكل يجمع أنه لا يمكن لهم الحصول على حقوقهم، إلا في حال إذا كان ملفهم القضائي خاليا من أية تبعات قانونية وتعلموا الإنجليزية. طالب في المحاسباتية بالولاياتالمتحدة الأمريكية