حريق آخر بكاريان سانطرال في قلب الدارالبيضاء، الحريق شب بكاريان القبلة الواقع بالحي المحمدي وينضاف إلى مئات الحرائق التي تؤرخ لهذا المجمع الصفيحي الذي يستحق التسجيل في كتاب «جينيز» للأرقام القياسية بالدارالبيضاء. الحريق أتى على أربعين براكة ولحسن الحظ لم يخلف ضحايا في الأرواح. الألطاف الإلهية حالت دون وقوع ضحايا، لكن على أزيد من أربعين أسرة أن تتعايش مع وضع جديد تحت الخيام خلال فترة الخريف الماطر، ولربما فصل الشتاء ومن يدري قد يطول المقام بها إلى غاية حلول الصيف القادم. إنها «اللعنة» التي أصابت قاطني كاريان القبلة، لعنة حالت دون تملكهم شقة في المشروع الذي أنجز من أجلهم، والذي شهد أكبر عملية «تلاعب» في تاريخ الدارالبيضاء تجري أطوار محاكمة المتورطين فيها بسرعة السلحفاة على مايبدو رغبة في أن يسبق عزرائيل موعد البت ليرتاح البعض ويتفادى الإحراج! حرائق كاريان «سانطرال» تثير التساؤل حيث تخضع لتوقيت لافت، فماذا لو تم تسريع البت في ملف كاريان سانطرال ومشروع الحسن الثاني للسكن الاجتماعي الذي كانت تشرف على إنجازه شركة «كوجيبا» تحت مراقبة وزارة الداخلية في شخص عمالة عين السبع الحي المحمدي؟ الأكيد أن المحاكمة ستتوصل إلى خلاصات تكشف أن «حماة » التعمير والذين من المفروض أنهم هم من يفترض فيهم أن يقفوا ضد خرق قانون التعمير هم أول من خرقه لتتحول إلى « مافيا» أتت على الأخضر واليابس وساهمت في تعميق الأزمة من خلال عمليات البيع والشراء التي كانت تتم في وضح النهار وأمام أعين الجميع! لماذا كل هذا التأخر في إتمام المشروع السكني الحسن الثاني؟ لماذا كل هذا التأخر في إتمام المشروع؟ ومن المستفيد من هذه الشقق؟ وماذا يمثل مشروع الحسن الثاني بالنسبة لسكان كاريان سانطرال؟ الاجابة غالبا ما تأتي مصحوبة بمرارة عميقة، فسكان هذه المنطقة التي كانت في السابق أحد معاقل مقاومة الاستعمار، كانوا ينتظرون مصيرا أفضل وسكنا لائقا وصحيا، لكن سماسرة الانتخابات كان لهم رأي آخر. كاريان سانطرال بكثافته السكانية وبتناقضات العوائل التي تقطن به، وبأكواخه التي هي عبارة عن صناديق قصديرية ليس إلا ولاتصل الى مستوى عيش الدواب فبالأحرى الإنسان، عمَّر أزيد من ثمانين سنة، ولدت فيه أجيال وتربت وأنجبت أجيالا جديدة في نفس الظروف المعيشية، وتحت معاناة أزلية لاتنتهي إلا لتبدأ من جديد، معاناة مع لهيب الشمس الحارقة صيفا والتي تحول البيت القصديري الى فرن حقيقي يصعب الاستقرار فيه ويكثر التخوف خلاله من الحرائق العفوية أو العمدية، معاناة مع برد الشتاء القارس ومياه الأمطار في حال هطولها، معاناة وقت قضاء الحاجات الطبيعية. فهل يعقل أن تستمر هذه المعاناة طيلة هذه السنوات؟ ومن المستفيد من بقاء هذه التجمعات القصديرية على شكلها الحالي؟