فجأة، أعيد ملف سوق الجملة للخضر والفواكه بالدارالبيضاء إلى الشرطة القضائية من أجل تعميق البحث فيه مجددا حسب مصدر مقرب من التحقيق..فجأة اكتشفوا أن الملف يمكن أن يكون ناقصا من حيث ماورد فيه من معطيات واتهامات وأن الأمر يتطلب تحقيقا جديدا . البعض اعتبر هذا الأمر مجرد مناورة للالتفاف على الملف بأكمله في أفق إقباره بشكل نهائي خاصة وأن أحدهم ما انفك يقسم بأغلظ الأيمان أنه قادر على وقف المتابعة والتحقيق مرة واحدة وأن علاقاته في الرباط كفيلة بأن تبعد عن الجميع أية متابعة! يحق لنا أن نتساءل بدورنا إن كان علينا أن نأخذ هذه التصريحات مأخذ الجد خاصة بعد التطورات الأخيرة في الملف وفي عين المكان، أي داخل السوق نفسه. فإذا كان الملف قد توقف عند حدود استكمال التحقيق ولا ندري لماذا لم تتكلف عناصر الفرقة الوطنية به، فإن الأخبار الواردة من السوق تفيد بأن لاشيء تغير وبأن دار لقمان لاتزال على حالها وأن مجموعة من الشاحنات تدخل السوق دون مراقبة، مستفيدة من نظام « سير طول بلا ماتخلص»! وأن المراقبة عاجزة عن وقف التلاعب نظرا لسيادة منطق «الله يرحم من كال ووكّل»! وأن الخرجة الهوليودية التي قامت بها مصالح العمالة لوقف الخروقات ووقف بناء المقاهي، قد أصبحت في خبر كان، مادام الجميع حصل على رخص الإصلاح من الجهات المختصة والتي تحولت إلى رخص بناء وتحويل مراحيض ومحلات تجارية إلى مقاه، فالأشغال جارية على قدم وساق في سباق ضد الساعة لفرض الأمر الواقع تماشيا مع الشعار الذي يعتمده هؤلاء الذين يوفرون الحماية لمثل هؤلاء والذي يقول « سير بني ويمشيو يجريو طوالهم!» يحق لنا أن نتساءل عن حقيقة الوضع داخل هذا السوق، يحق لنا-أيضا- معرفة من المستفيد الحقيقي من أمواله والتي إذا كانت تجعل من شخص عاد من غير التجار يتملك عقارات وأملاكا فقط لأنه أُلحق بالسوق، فكيف سيكون الأمر بالنسبة للمظلات التي تحميه ومجموعته؟ يحق لنا أن نبحث فيما يروجونه من كون السوق مجرد صندوق أسود وأن الأمر أكبر من أن يؤول إلى متابعة، لأن لائحة المستفيدين الذاتيين والمعنويين طويلة بحسب مايرد في تصريحات البعض. فمن هم هؤلاء الأشخاص الذاتيون والمعنويون؟ ألا يحق لنا معرفة حقيقة وضعية أكبر مركز تجاري والذي يمكن أن نعتبره بورصة الخضر والفواكه بالمغرب؟ ألا يحق لنا معرفة مآل تلك الملايير من المال العام التي تحرم منها مدينة الدارالبيضاء؟ فماذا لو أن الأمر وقع في دولة ديمقراطية أخرى؟ الأكيد أن التحقيق سياخذ مجراه وأن المتابعة ستطال كل من يثبت تورطه في الملف مهما كان شأنه ومركزه. الأكيد أن التحقيقات ستكون حقيقية ولايتحكم فيها منطق «الكًَانة وباللاتي على خاطرنا!» . الأكيد أن التحقيق سينطلق مع أول شكاية توضع ومع أول مقال صحفي يتطرق للتلاعبات ويفضحها، أما وأننا هنا في المغرب حيث الأمور تتخذ منحى آخر، فقد أصبح علينا انتظار وضع عشرات الشكايات واللهت وراءها لتتحرك كالسلحفاة.علينا كتابة آلاف المقالات الصحفية قبل أن تتحرك مسطرة الاستماع فقط، أما المتابعة فبوادرها بعيدة على الأقل لحد الساعة لربما لأن سواد الصندوق يخفي أشياء «إن تبد لنا تسؤهم !» من يدري؟