جوابا عن الرسالة التي توصلت بها من جلالتكم والمؤرخة في 23 شتنبر 72 ،أتشرف بأن أبلغكم ما ياتي: عقد المجلس الوطني لإطارات الاتحاد الوطني للقوات الشعبية في يوم الاحد 18 أكتوبر 1972 اجتماعا تدارس -خلاله -باهتمام نص الرسالة الملكية، وهذا على ضوء المناقشات التي سبق ان أجرتها في نفس الموضوع مختلف خلايا وفروع حزبنا طيلة الأسابيع الأخيرة تحت إشراف الكتابات الاتحادية للأقاليم. وقد سجل المجلس فيما يخص المبادرة الملكية إلى الاتحاد الوطني للقوات الشعبية عنصرين أساسيين استرعيا نظر المؤتمرين بوجه خاص: ـ الرغبة الملكية في تعيين حكومة على أساس الاجتماع الوطني. ـ الأمل في أن يشارك الاتحاد الوطني للقوات الشعبية في حكومة من هذا القبيل. وبناء على هذا، دعت الرسالة الملكية الاتحاد الوطني للاقتراح الرسائل العملية التي تتيسر له معها المشاركة المعروضة. وان المجلس الوطني للإطارات الاتحادية رغبة منه في إغناء أسس الاستشارة بمزيد من الواقعية والضبط، تدارس في هذا الصدد أولا: الوضع السياسي العام في البلاد آخذا بعين الاعتبار على الخصوص الحالة الوطنية الراهنة وآفاقها ومعللا أسبابها بموضوعية. وقد قيم المجلس الوطني الوضع العام بجميع معطياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتأزمة فأمكنه ان يقيس عمق المأزق الذي يتخبط فيه الشعب المغربي في الوقت الراهن ثم وجه النقاش التالي في روح إيجابية يذكيها شعور عميق بمقتضيات الواجب الوطني نحو التماس الحل الصحيح انطلاقا من تقييم صحيح. والتقييم الصحيح للوضع المغربي الراهن في نظر الاتحاد الوطني يجب ان ينطلق من تحديد الجذور العميقة للأزمة أولا: وهي جذور متولدة عن اختيارات أساسية فاسدة في الحكم ـ لا من مجرد الاكتفاء بتحديد بعض مظاهر الأزمة فقط وإلا كان الحل فرصة جديدة لتصعيد الأزمة في الأخير عوض الاتجاه نحو الخروج منها بصورة حاسمة. وفي هذا السبيل، يعتبر الاتحاد الوطني للقوات الشعبية أن الاتحاد الوطني المشار إليه كدعامة من دعائم العلاج من أجل ان يكون على مستوى المهام الكبرى الراسية لاقتلاع جذور الازمة المغربية الراهنة يجب أن يكون له أولا محتوى مضبوط وواضح وإلا كان الجهاز الحكومي تجمهرا مفتعلا لشخصية مغربية لا تجمع بينها ـ وهي في مستوى تسيير البلاد- أي وحدة في البرنامج لا في نوع الارتباطات الاجتماعية والاقتصادية ولا في المفاهيم، وذلك من شأنه أن يجعل هذا الجهاز قاصرا جدا عن تحقيق أي هدف من الأهداف الكبرى التي على تحقيقها يتوقف مع ذلك إخراج المـــغرب بالسرعة المطلوبة من المأزق الحالي. أما إذا كان الغرض من حكومة الإجماع الوطني هو وضع جهاز مؤقت للإشراف بسرعة على عملية الانتخابات على أمل أن تحل اللعبة البرلمانية العادية محل الاجماع الوطني بعد ذلك، فإن المجلس الوطني للإطارات الاتحادية بعد دراسة دقيقة للموقف، وبعد تقدير جميع النتائج، سواء في الحاضر أو المستقبل، يجد نفسه مضطرا لأن يعبر رسميا عن تحفظاته إزاء كل سياسة من شأنها ان تهبط وابعاد الازمة الخطيرة التي تتخبط فيها البلاد الى طبيعة وابعاد مجرد مشكل برلماني، ان موقفها لم يتغير كما كان عليه في السنة الماضية إمكان المذاكرات مع الكتلة وبعد حوادث الصخيرات. لجميع هذه الاعتبارات والمقتضيات يرى الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ان الازمة المعقدة والمتطورة الآن بشكل حاد وسريع في المغرب تتطلب أولا وقبل كل شيء جهازا حكوميا مسؤولا وقادرا على الشروع في تطبيق سياسة لتغيير جذري للهياكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في البلاد، وسيكون من نتائج المرحلة الاولى من هذه السياسة خلق جو جديد في الحياة الوطنية تساعد على تحقيق الشروط الموضوعية والنفسية الكفيل ببعث الثقة من جديد في نفوس الجماهير المغربية وتأهيلها، إذ ذاك -وإذا ذاك فقط- للقيام بمهامها الانتخابية على أساس صحيح وإيجابي. وهذا يقضي ان تتأخر الانتخابات مؤقتا الآن، الى أن تسير سياسة التغيير الجذري للهياكل الوطنية الحالية، خطوات الى الامام فتأخذ بالتالي طريقا لا رجعة فيه ويفهم الشعب انه تحرر حقا من رواسب الماضي وأـــساليبه ولن تستــــطيع اية حكـــــومة في نظـــــر حزبنا ان تقوم بهذا الدور إلا إذا كانت هـــــي وحدها المســــؤولة عن برنامجنا والقـــادرة على تنفيذه، تسانـــدها الجماهير المغربــــية لثقـــــتها وانخراطها الواعي ولمــشاركتها الفعالة. ويرتئي المجلس الوطني للأطر الاتحادية ان ميثاق الكتلة الوطنية المعلن عنه بتاريخ 22 يوليوز سنة 1970 باعتباره تعبيرا وطنيا عن مطامح الجماهير المغربية، يصلح لأن يكون إطارا للعمل الحكومي وأداة لتعبئة الحماس الشعبي في مراحل التطبيق وأساسا سليما لإشادة نظام ديمقراطي فعلي في المغرب ووسيلة لاستعادة بلادنا اعتبارها وسمعتها التقدمية في الخارج. وفي هذا الاطار، ولتحقيق هذه الشروط، يمكن للاتحاد الوطني للقوات الشعبية ان يتحمل مسؤوليته بوضوح ليقدم مساهمته في انقاذ المغرب من مأزقه الحالي، وفتح آفاق جديدة في وجه الجماهير المغربية التواقة بكل قواها الى بناء مجتمع أفضل. الدارالبيضاء 9 رمضان 1392 18 أكتوبر 1972 عبد الله ابراهيم