شهد المغرب خلال السنوات الأخيرة نموا سريعا للمواد المهربة إما عبر الحدود الجزائرية أو عبر سبتة و مليلية المغربيتين، خصوصا المواد الغدائية الأساسية التي دخلت في منافسة غير شريفة مع المنتوجات المغربية، حيث تعرف هذه المواد إقبالا كبيرا و متزايدا من الأسر المغربية خاصة في الجهة الشرقية التي أصبحت موقعا استراتيجيا مهما في توزيع المواد المهربة إلى كل أنحاء المملكة. و قد سبق لدراسة أعدتها غرفة الصناعة و التجارة و الخدمات بالجهة الشرقية سنة 2007،حذرت فيها من خطورة التهريب على المجال السوسيو اقتصادي و صحة المستهلك، خاصة وان هذه البضائع تعرض مباشرة على الأسواق في غياب أي مراقبة للمصالح المختصة.وفي هذا الإطار صرح السيد الشيخ النواوي طبيب بيطري و عضو جمعية حماية المستهلك بالجهة الشرقية للإتحاد الإشتراكي أن المواد المهربة تلحق ضررا كبيرا بالاقتصاد الوطني ،حيث تدخل في منافسة غير شريفة مع المنتوج المحلي، مضيفا يصعب علينا في الوقت الراهن متابعة المهربين قضائيا لعدم توفر الجمعية على خاصية المنفعة العامة المخولة للمتابعة القضائية،مشيرا إلى الحملات التحسيسية بخطورة هده المواد التي تقوم بها الجمعية في اذاعة وجدة الجهوية. مع حلول شهر الصيام الذي تزامن و الدخول المدرسي، تعرف خلاله الدارالبيضاء انتشارا واسعا لهذه المواد المهربة ،حيث تعرف مختلف أنواع الجبن المهرب و الحليب و مشتقاته بالإضافة إلى عديد الأشكال من العصير إقبالا كبيرا من لدن المستهلك البيضاوي نظرا لتنوعها و انخفاض أسعارها مقارنة بأسعار المنتوجات المغربية ،أيضا ضعف القدرة الشرائية للمواطن المغربي حيث تشكل نسبة 60 في المائة،نسبة الأسر التي لا يتعدى دخلها 3000 درهم حسب آخر تصريح للمندوب السامي للتخطيط أحمد لحليمي . هذه المواد اصبحت صمام أمان توازن الأسرة المغربية خاصة خلال شهر رمضان لكن أغلب تلك المواد يتم تهريبها في ظروف غير صحية و غير مطابقة لمعايير الجودة الدولية لا من حيث التخزين و لا من حيث التبريد ،بالإضافة إلى غياب المراقبة خاصة المواد المنتهية الصلاحية و التي صدر بشأنها تعليمات من المصالح المختصة بمصادرتها و عزلها،إلا أن تجار التهريب صنعوا لها طريقا للدخول إلى السوق المغربية بحثا عن الربح السريع . س.م صاحب دكان لبيع المواد الغدائية العامة بأحد أسواق الدارالبيضاء يقول "هذه المواد تغزو أسواق الدارالبيضاء سواء الباعة المتجولين أو دكاكين المواد الغدائية ،يضطر التاجر إلى جلب هذه المواد و ترويجها نظرا لهامش الربح الذي توفره و الإقبال الكبير للمواطن المغربي عليها لانخفاض أسعارها" .مضيفا « اودي را لأجل لي كيقتل ماشي هاد المواد ... أو شحال كلينل فيها ولكن لعمر باقي طويل ...» التمر الدقيق ،الشاي ، الحليب ومشتقاته..منتوجات مهربة غزت الاسواق المغربية ،حيث لم يقتصر عرض هذه المواد في الأسواق الحدودية بل شملت أصحاب الدكاكين الكبيرة في المدن الكبرى لتمتد إلى الأزقة و الشوارع و الأحياء الشعبية حيثما تولي وجهك تمت سلع تحمل أسماء غريبة على أسماء المنتجات المغربية.يقول م.د بائع متجول ،هذه السلع أبيعها منذ 4 سنوات كل رمضان حيث توفر لي مدخولا معقولا ،ولم يسبق لأحد من الزبناء وضع شكاية ضد هذه المواد بل بالعكس تعرف إقبالا متزايدا في ظل الارتفاع المهول لأسعار المنتوجات المحلية . هذه المواد أصبحت حاجة ملحة بالنسبة للمواطن البسيط الذي يشكل النسبة الساحقة من المجتمع المغربي ،و الذي يصعب عليه اقتناء مواد أساسية محلية في ظل الارتفاع الصاروخي و غير المنطقي للأسعار.م.ك مواطن مغربي أب لطفلين، يقول أن هذه السلع بمثابة حقن مسكنة للمواطن الضعيف الذي يجد فيها أثمانا تناسب محفظته البسيطة و أنها في غالب الأحوال تكون احسن من المحلية من ناحية الجودة.مضيفا "الاجرة ضعيفة و الأسعار غادا أو كاتزاد نهار على نهار و هاد المواد المهربة رحمة لينا وخا تكون منتهية الصلاحية المهم قادية الغراض". يبقى التهريب خطرا حقيقيا على اقتصاد المغرب حيث تطال تأثيراته مجمل النسيج الإقتصادي الوطني،في حين تظل الحلول الأمنية عاجزة عن وضع حد لهذا النزيف الإقتصادي في ظل غياب استراتيجية واضحة لتأهيل المقاولات المغربية و تطويرها و عصرنتها من حيث التسيير و التجهيز بالإضافة إلى إعادة الهيكلة لتكون لها القدرة على منافسة المقاولات الأجنبية من جانب الجودة و السعر، ناهيك عن غياب الإصلاحات القانونية من رسوم جمركية و ضرائب..على بعض المواد الغذائية الاساسية المستوردة. بالإضافة إلى تربية الاجيال القادمة على مفهوم المواطنة و التشجيع على استهلاك المنتوج الوطني بشرط جودته و أسعار مناسبة .في حين يبقى فتح الحدود بين المغرب و الجزائر ضربة موجعة يوجهها البلدان الشقيقان لتجار و تجارة التهريب ،هذه التجارة التي تقتات و تتكاثر بشكل كبير في بيئة متوترة توفر لها الإستمرارية .