مع حلول فصل الصيف، تعرف مدينة الدارالبيضاء توافد العديد من أبناء الجالية المغربية المقيمة بالخارج لقضاء العطلة والارتماء في أحضان الأهل والأحباب، وهو ما يظهر جليا من خلال عدد السيارات المرقمة بالخارج، والتي تؤثث مختلف مناطق البيضاء.. لكن الملاحظ، أن ظاهرة جديدة بدأت تترسخ مع توالي المواسم عند بعض المهاجرين الذين يستغلون أيام العطلة في ممارسة بعض الأنشطة التجارية ! وهي ظاهرة أخذت تخلف استياء العديد من أصحاب المحلات التجارية القارة المختصة في بيع الملابس الجاهزة والأحذية والأواني المنزلية والأجهزة الإلكترونية بنقط وأسواق عديدة بالنفوذ الترابي للدارالبيضاء!! فكثيرة هي الأسواق التي أضحت تعج بوجود «دكاكين متنقلة» بداخل سيارات مرقمة بالخارج وأحياناً فوقها، تعرض نفس المنتوجات التي تقدمها المحلات القارة المحلية، لكن مع تباين في الأثمان ، الأمر الذي اعتبره بعض أصحاب المحلات «سلوكا يهددنا بالكساد، خاصة وأننا ننتظر هذه المناسبة لنعوض الركود التجاري الذي نعاني منه طيلة فترات الموسم » . ترى لماذا يتحول بعض المهاجرين من عالم النزهة والتجول الى عالم «البيع والشراء» ، يتساءل بعض التجار، حيث يدخلون في سباق محموم مع الزمن للظفر ببضع دراهم؟! فأين هو دور أجهزة المراقبة؟ هذا ولم تقف الظاهرة عند هذا الحد، بل منهم من أضحى يتخذها حرفة له على طول السنة، في مسيرة ذهاب وإياب بين المغرب وبلاد المهجر... وقد حاولنا أن ننقل آراء المواطنين في الظاهرة وأصحاب المحلات المحليين والمتضررين ثم الطرف الآخر من المهاجرين المغاربة الذين حولوا فرصة لقائهم بذويهم إلى مناسبة للعمل . يقف «ميمون» المهاجر المغربي بالديار «الهولندية» قرب البوابة الخلفية لسيارته التي حولها الى «محل تجاري متنقل» يعرض بها مجموعة من الأجهزة الإلكترونية (حواسيب، آلات تصوير...) والملابس الجاهزة، بغرض إعادة تسويقها، يساعده في هذه العملية أحد أفراد العائلة، وبعربيته «المفرنسة» يحدثنا قائلا: «أَلُورْ... ليوم ما بقاش الفرق بين الخارج والبلاد بحال... بحال...»، مؤكداً أن الأزمة العالمية التي ضربت العالم أجمع كانت وراء هذا الوضع، وهو يتحمل هذه المشاق حتى يستطيع تغطية مصاريفه المتعددة... في الوقت ذاته أشار «ميمون» إلى أن هناك بعض المهاجرين المغاربة يتخذون هذه الوسيلة حرفة على الدوام! وعن كيفية إدخال هذه السلع عبر الحدود يقول «ميمون»، «غالبا ما نتذرع بكونها فقط عبارة عن هدايا للأهل والأحباب، أما إن زادت الحمولة عن المسموح به، فإنك تضطر للأداء عنها». وعن الإقبال المتزايد على هذه «السلع» التي باتت تؤثث مجموعة من المحلات التجارية بالعاصمة الاقتصادية على وجه الكراء أو بداخل السيارات يقول «أنور» مواطن بيضاوي، إن ذلك «يرجع الى الأثمنة المناسبة والجودة التي تتميز بها هذه المنتوجات التي يعرضها «الباعة المهاجرون». هذا ولم يخف مدى انتشار الظاهرة وما تثيره من تساؤلات خاصة وأن بعض الأحياء أصبحت معقلا لهؤلاء الباعة على صعيد الدارالبيضاء (سوق درب غلف، القريعة...)، وهو ما دفع بمجموعة من المواطنين للتساؤل: هل بعض مهاجرينا يأتون للقاء الأهل والأحباب، أم لبيع سلعهم...؟! شعور القلق وعدم الرضى بات ينتاب مجموعة كبيرة من التجار البيضاويين ببزوغ ظاهرة «الباعة المهاجرين» التي يعتبرون أنها تساهم في إغلاق مجموعة من المحلات التجارية، بعدما تحولت هذه «الحرفة» من مهنة موسمية إلى نشاط دائم لدى البعض طيلة السنة.