دعا المجلس الإسلامي الأعلى - وهو هيئة تابعة للرئاسة الجزائرية - في بيان أصدره ، إلى إبعاد الصورة المشخصة للرسول صلى الله عليه وسلم، وباقي الصور التي نشرت على صفحات كتاب «الصوفية الإرث المشترك» لمؤلفه الشيخ «خالد بن تونس» زعيم الطريقة «العلاوية»، وهو الكتاب الذي أثار جدلا واسعا في الأوساط الدينية بالجزائر. وكانت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين دعت السلطات الجزائرية في وقت سابق إلى سحب هذا الكتاب من السوق، لاحتوائه على جملة من الإساءات للمقدسات الإسلامية. وتأتي هذه الدعوات في حين تحتفل الطريقة الصوفية العلاوية بمرور مائة عام على نشأتها، وذلك في مدينة مستغانمالجزائرية (320 كم غرب العاصمة)، ويعود الفضل في إنشاء الطريقة إلى الشيخ أحمد العلوي وذلك عام 1909. وأعرب المجلس الإسلامي الأعلى في ذات البيان الذي نشرته وكالة الأنباء الجزائرية عن أمله في إبعاد هذه الصور سواء بتغطيتها، أو بطريقة أخرى لكي يهدأ الجو، وتسوى هذه المشكلة المفتعلة. وأوضح البيان بأن «الكتاب لم يوفق في تقديم بعض الصور التي لم يستسغها الكثير من الذين اطلعوا عليه، إذ ورد فيه تشخيص للرسول صلى الله عليه وسلم وبعض الأنبياء والرسل والصحابة، ابتداء من سيدنا آدم عليه السلام والملائكة»، مؤكدا «وعلماء الإسلام في أغلبية العالم الإسلامي لم يرضوا بذلك». وأشارت ذات الهيئة في رد فعلها على ما ورد في كتاب «الصوفية الإرث المشترك» من صور، إلى أن «هذه الصور قديمة في شكل منمنمات وصور شعبية، لا يمكن الاعتماد عليها، بل الأغرب من ذلك كله هناك صور أقرب ما تكون إلى الإباحية». كما انتقد المجلس الإسلامي الأعلى بعض النصوص الواردة في هذا الكتاب الصادر عن دار النشر «زكي بوزيد» والمؤلف من أزيد من 400 صفحة، والتي يفهم منها توحيد الديانات كلها على وجه الأرض، وهي نظرية غريبة لا صلة لها بالإسلام الحنيف، ولا يمكن أن تطبق، نظرا للخلافات التي تسود علاقات هذه الديانات»، مشيرا إلى أن «الإسلام يدعو إلى الحوار بين الديانات». وكانت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أصدرت قبل أيام بيانا شديد اللهجة استنكرت من خلاله الصور التي تضمنها كتاب «الصوفية الإرث المشترك»، داعية السلطات إلى سحب هذا الكتاب من السوق، لاحتوائه على جملة من الإساءات للمقدسات الإسلامية والرموز الوطنية والتصوف الحق. وقال الشيخ عبد الرحمن شيبان رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين: إن «الجمعية تلقت باستغراب واستنكار ما نقله صاحب كتاب «الصوفية الإرث المشترك»، الذي تضمن فعلا صورا للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وحوله صحابته -رضوان الله عليهم أجمعين- وهو يلقنهم القرآن الكريم، بالإضافة إلى صورة سيدنا جبريل -عليه السلام- في هيئة امرأة «، مضيفا: إن «هذا الكتاب فيه مساس بالمقدسات الإسلامية والرموز الوطنية، على اعتبار أن المؤلف تضمن كذلك صورة للأمير عبد القادر الجزائري وسط نجمة داود رمز الصهيونية والكيان الصهيوني». وطالبت جمعية العلماء المسلمين عبر ذلك البيان السلطات الرسمية في البلاد، ب»سحب هذا الكتاب من السوق، والتصدي لمثل هذه الاختراقات والتجاوزات التي تتنافى مع تعاليم الإسلام، وتسيء إلى الجزائر وإلى التصوف الحق». وكانت جمعية العلماء التي يترأسها الشيخ شيبان أول جهة هاجمت كتاب «الصوفية الإرث المشترك» لصاحبه الشيخ «خالد بن تونس»، زعيم الطريقة العلاوية في الجزائر، ولم يصدر إلى حد الساعة أي رد فعل من قبل وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية على ما ورد في الكتاب المذكور. من جهته، دافع الشيخ «خالد بن تونس» زعيم الطريقة العلاوية في الجزائر عن مؤلفه، بالتأكيد على أنه «موسوعة للمحافظة على الموروث المشترك للجزائريين، وهو تأريخ للحياة الروحية بدءا من أب البشرية آدم عليه السلام، ووصولا إلى اليوم، وهو مدعم بصور منمنمات وخرائط تصف المراحل مرحلة بمرحلة إلى غاية الوصول إلى التصوف لدى الطريقة العلاوية». وأكد الشيخ عدة بن تونس رئيس الجمعية العلاوية للتربية والثقافة في وقت سابق بأن «ما نشر في كتاب زعيم الطريقة العلاوية من صور ليس بالجديد، لأنه مقتبس من التراث الإسلامي، بحيث يعود عمرها إلى ثمانية قرون مضت، وكانت موجودة في أفغانستان وبلاد الفرس وحتى في العهد العثماني، والصورتان اللتان تضمنهما الكتاب للرسول الكريم بهما حاجب»، مضيفا: «والكتاب لقي صدى إيجابيا، لأنه يرجع إلى التاريخ الإسلامي، ويتضمن 900 صورة أغلبها تنشر لأول مرة». وتحظى الطرق الصوفية -منذ اعتلاء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سدة الحكم عام 1999- برعاية خاصة من قبل السلطات الجزائرية، ما سمح لها بالبروز مجددا بعد فترة ركود عانت منها خلال الأزمة الدموية التي عصفت بالجزائر في تسعينيات القرن الماضي. وجلت هذه الرعاية بالأساس في تنظيم الملتقيات الوطنية والإقليمية، وحتى الدولية التي تعرف بالدور التاريخي والحضاري لهذه الفرق، فضلا عن فتح وسائل الإعلام الثقيلة أمامها بغية الترويج لأفكارها وأدبياتها، مع الحرص الدائم للتلفزيون على تغطية جميع النشاطات التي تقوم بها الجمعيات والزوايا. وبقى الطرق الصوفية الأكثر انتشارا في الجزائر هي «التيجانية»، و»القادرية»، و»الهبرية»، و»الرحمانية»، و»العلاوية». وقدرت أحدث الدراسات عدد أتباع الطرق الصوفية في الجزائر بنحو مليون ونصف المليون صوفي.