تعتبر ظاهرة النقش بالحناء من بين الظواهر الآخذة في الانتشار داخل المجتمع المغربي، فهو من التراث العربي الاصيل الذي يستوحي جذوره من أعماق الحضارة العربية الاسلامية، وهي تشبه «الزخاريف» او «الفسيفساء» التي تزين جذور معظم القصور والمنازل التقليدية. وقد أضحى النقش في السنوات الأخيرة ، وتحت إكراهات اقتصادية واجتماعية ضاغطة ، بدأ النقش بالحناء يتخذ كحرفة حيث يعرف اقبالا كبيرا من طرف الفتيات سواء المغربيات أو الاجنبيات. وقد اتسعت دائرة النقش بالحناء في الآونة الأخيرة، بمدينة الدارالبيضاء، خصوصا في فصل الصيف حيث يزداد الطلب عليه من طرف السياح الاجانب ، ومن قبل أبناء الجالية المغربية المقيمة بالخارج . فالفتيات والنساء المتخصصات في نقش الحناء نجدهن في معظم مناطق وأنحاء العاصمة الاقتصادية، اذ يقمن بعرض نقوشاتهن المختلفة على شكل صور موضوعة بكتالوغ خاص لتشاهده الزبناء ويختارون منه ما يناسبهم ليتم نقشه في الحين وبثمن قد يكون في بعض الاحيان «باهظا» خاصة مع الأجانب!! فابتسام البالغة من العمر 23 سنة وتقطن بالمدينة القديمة، هي تقوم بحرفة النقش باعتبارها هواية لازمتها منذ طفولتها. فهاته الاخيرة تعتبر موردها المالي الوحيد الذي تكسب منه قوتها. وقد صرحت لنا قائلة: «من صغري وانا عزيز عليا النقش، فاش كنت كنمشي مع مي تبيع كنت كنخطف لنقاشات لبرة ونبقى نقش». ميلودة هي الاخرى تبلغ من العمر 46 عاما، أفادت بأنها بدأت تزاول هاته الحرفة منذ سن 16عاما بمدينة مراكش، مضيفة أنها المعيلة الوحيدة لأطفالها ولزوجها المتقاعد. أما ثريا وهي أم لأربعة أطفال، فقد أكدت من جهتها انها التجأت إلى النقش لتوفر لها ولعائلتها مدخولا ماديا نظرا لحالة زوجها الذي يعاني من إعاقة جسدية تحتاج إلى أدوية باهظة الثمن، مضيفة انها اختارت هاته «الحرفة» ليس كهواية ولكن لاحتياجها الشديد لأي مبلغ تواجه به صعوبات وتكاليف المعيش اليومي . أما بالنسبة للطرف الأخر وهم الزبناء، فقد أكد بعضهم أن النقش بالحناء «يعتبر من الطقوس المغربية الأصيلة، إذ من المستحيل التخلي عن هذه العادة التي تمكنت من التطور عبر السنوات، وقد أدخلت عليها العديد من التقنيات التي زادتها جمالا وروعة» . على مستوى آخر ، أبدت بعض النساء / الفتيات ممن قدمن لنا شهادتهن حول «الظاهرة» نوعا من التبرم والتذمر نتيجة «تضررهن من المواد التي يتم مزجها مع الحناء، خصوصا اللائي يعانين من حساسية الجلد المفرطة»!