شكل عرض مفصل قدمه وزير الاقتصاد والمالية صلاح الدين مزوار حول مشروع قانون المالية لسنة 2010 محور أشغال مجلس الحكومة، الذي انعقد، بصفة استثنائية، يوم الثلاثاء برئاسة الوزير الأول عباس الفاسي . وأوضح وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، خالد الناصري، في لقاء صحفي عقب المجلس، ان وزير الاقتصاد والمالية استهل عرضه بإبراز أهم المؤشرات التي ميزت الظرفية الاقتصادية خلال الأشهر الأولى من السنة الحالية، وتداعيات الأزمة الاقتصادية الدولية على الاقتصاد الوطني. وأبرز مزوار أنه بفضل دينامية الطلب الداخلي والنتائج الايجابية للموسم الفلاحي، من المتوقع، أن يستقر معدل النمو ما بين5 في المائة و7 ر5 في المائة، وذلك في ظل مناخ غير تضخمي. وفي ما يتعلق بالمبادلات التجارية، أوضح الوزير، أن مؤشرات القطاعات المرتبطة بالطلب الخارجي عرفت تراجعا ملموسا نتيجة الأزمة الاقتصادية الدولية، لافتا الى أن أحدث المعطيات المتوفرة تفيد بأن حدة انعكاسات هذه الأزمة قد تقلصت من شهر إلى آخر على مستوى القطاعات المتضررة. وذكر بأهم الإجراءات المواكبة التي اتخذتها الحكومة، وآثارها الايجابية في الحد من تأثيرات هذه الأزمة، مقترحا في هذا الصدد تمديد العمل بهذه الإجراءات إلى نهاية السنة الجارية. وأكد وزير الاقتصاد والمالية أن احتياطات المغرب من العملة الصعبة تظل، بالرغم من كل هذه الانعكاسات، مرضية، خصوصا إذا تمت مقارنتها مع اقتصاديات مشابهة. وبخصوص المالية العمومية، أشار الوزير إلى أن المداخيل الجبائية المسجلة إلى غاية شهر يونيو المنصرم تبقى مطابقة لتوقعات القانون المالي لسنة 2009 ، وذلك بالرغم من التراجع الذي سجلته قياسا مع مداخيل سنة 2008 . أما على مستوى النفقات، فقد أكد مزوار، انه تم انجاز نفقات التسيير طبقا للتوقعات، باستثناء تحملات المقاصة التي تراجعت بشكل ملموس جراء انخفاض الأسعار في الأسواق الدولية، مبرزا انه تم ايضا تسريع وتيرة انجاز نفقات الاستثمار، حيث بلغ مستوى الانجاز 70 في المائة . وعلى هذا الأساس، يضيف الوزير، أسفر تحيين توقعات قانون المالية عن عجز في حدود 6 ،2 في المائة وفي ما يخص مشروع قانون المالية لسنة2010 ، أعلن وزير الاقتصاد والمالية عن أهم الفرضيات المعتمدة في تهيئ هذا المشروع، مبرزا ان نسبة النمو يتوقع ان تصل الى2 ر3 في المائة، مع نمو القطاع غير الفلاحي بنسبة1 ،4 في المائة ويستقر سعر البترول في70 دولارا للبرميل، و تصل نسبة التضخم الى5 ،2 في المائة. وأكد الوزير أن مشروع قانون المالية هذا، يتوخى مجموعة من الأهداف أهمها تدبير الأزمة للحد من آثارها على الاقتصاد الوطني مع تهيئ البلاد لظروف ما بعد الأزمة، وذلك من خلال دعم وتيرة النمو عبر الطلب الداخلي مع التركيز على الاستثمار العمومي والسكن والمشاريع المهيكلة للاقتصاد الوطني مجاليا ودعم السياسات القطاعية للرفع من وتيرة إنجازها قصد الحفاظ على جاذبية الاقتصاد الوطني وتوسيع قاعدته . وأيضا، يضيف الوزير، من خلال «دعم القطاعات الاجتماعية وتقوية السياسات الجهوية ومواصلة أوراش التهيئة الحضرية بهدف تحقيق تنمية جهوية متوازنة ودعم القطاعات المتضررة بهدف الحفاظ على مناصب الشغل وقدراتنا الإنتاجية والتصديرية مع إعطاء أولوية خاصة للإشكالية المرتبطة بعجز ميزان الأداءات، وذلك عبر تكثيف الجهود لدعم الصادرات والسياحة والاستثمار الخارجي». وأبرز مزوار ان هذا المشروع يهدف ايضا إلى الحفاظ على التوازنات الماكرواقتصادية، وحصر عجز الميزانية في مستوى يتلاءم مع التحكم في المديونية. وأكد الوزير أن الأزمة الاقتصادية العالمية«أبرزت نجاعة اختياراتنا، مما يحتم الرفع من وتيرة الإصلاحات الهيكلية والاستراتيجيات القطاعية »، مشددا على«أن انعكاسات هذه الأزمة واستمرارها المرتقب خلال سنة 2010 يستوجب أن نأخذ بعين الاعتبار الإكراهات المرتبطة بميزان الأداءات ». ولمواجهة هذه الاكراهات، حث وزير الاقتصاد و المالية «على العمل من أجل بلورة تدابير كفيلة بدعم صادراتنا، وتعزيز قطاعنا السياحي، وجلب الاستثمارات الخارجية، بهدف تحصين موجوداتنا الخارجية»، مشيرا إلى أن التراجع المرتقب للمداخيل يفرض علينا التحكم أكثر في النفقات قصد تحسين مردوديتها وضمان نجاعتها. وأشار الناصري الى ان تدخلات أعضاء الحكومة انصبت، في ضوء هذا العرض، على معالجة مختلف أوجه الموضوع، حيث أفضت هذه الجولة الأولى من النقاش إلى إفراز مقاربات متقاطعة ومتكاملة في جوهر تحليل المعطيات، وتصور الاستراتيجية الاقتصادية والمالية اللازمة، مبرزا ان مجلس الحكومة قرر، في هذا السياق، أن يستمر النقاش وصولا إل الصياغة المثلى لقانون المالية للسنة القادمة.