هذا هو موعد بدأ خط القنيطرة-مراكش    المغرب – الصين: الريادة النسائية في عصر الذكاء الاصطناعي محور ندوة بالرباط    في انتظار إحالته على قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف .. سجن عكاشة يستقبل محمد بودريقة الرئيس السابق للرجاء الرياضي    مذكرة السبت والأحد 26/27 أبريل    انطلاق الإحصاء المتعلق بالخدمة العسكرية    زخات رعدية مصحوبة بالبرد مرتقبة الجمعة بعدد من مناطق المملكة    بعد الأحكام الأخيرة.. أسرة ياسين الشبلي تعلن اللجوء للقضاء الدولي    "البيجيدي" يعلن غياب وفد "حماس" عن مؤتمره    ضابط شرطة يطلق رصاصا تحذيريا لإيقاف مروج مخدرات حرض كلابا شرسة ضد عناصر الأمن بجرادة    قضية "إسكوبار الصحراء".. تفاصيل المواجهة بين الناصيري والملياردير اليزيدي    الريال المترنح يتحدى برشلونة المتوهج في "كلاسيكو الأرض"    مهرجان "كوميديا بلانكا" يعود في نسخته الثانية بالدار البيضاء    "أمنستي" تدين تصاعد القمع بالجزائر    "أسبوع المغرب في موريتانيا" يعزز الشراكة الاقتصادية والثقافية بين البلدين    أرباح اتصالات المغرب تتراجع 5.9% خلال الربع الأول من 2025    المغرب استورد أزيد من 820 ألف طن من النفايات والمواد القابلة لإعادة التدوير خلال 2024    بوليساريو ، قناع الإرهاب يسقط في واشنطن…    أبرزها "كلاسيكو" بين الجيش والوداد.. العصبة تكشف عن برنامج الجولة 28    طنجة.. ندوة تنزيل تصاميم التهيئة تدعو لتقوية دور الجماعات وتقدم 15 توصية لتجاوز التعثرات    اتفاقية تدعم مقاولات الصناعة الغذائية    "البيجيدي" يعلن عدم حضور وفد حماس في جلسة افتتاح مؤتمره التاسع ببوزنيقة    الإعلان عن صفقة ب 11.3 مليار لتأهيل مطار الناظور- العروي    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    ميسي يطلب التعاقد مع مودريتش.. وإنتر ميامي يتحرك    السايح مدرب منتخب "الفوتسال" للسيدات: "هدفنا هو التتويج بلقب "الكان" وأكدنا بأننا جاهزين لجميع السيناريوهات"    شراكة تجمع "ويبوك" وجامعة كرة القدم    محاكمة أطباء دييغو مارادونا تكشف تفاصيل الأيام الأخيرة    فوضى أمام الفاتيكان في اليوم الأخير لوداع البابا فرنسيس الأول    على حمار أعْرَج يزُفّون ثقافتنا في هودج !    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يناقش "الحق في المدينة" وتحولات العمران    جرادة.. ضابط شرطة يطلق النار لتتوقيف ممبحوث عنه واجه الأمن بالكلاب الشرسة    كاتبة الدولة الدريوش تؤكد من أبيدجان إلتزام المملكة المغربية الراسخ بدعم التعاون الإفريقي في مجال الصيد البحري    الملك يقيم مأدبة عشاء على شرف المدعوين والمشاركين في الدورة ال 17 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    رفضا للإبادة في غزة.. إسبانيا تلغي صفقة تسلح مع شركة إسرائيلية    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    الزلزولي يعود للتهديف ويقود بيتيس نحو دوري الأبطال    الصين تنفي وجود مفاوضات تجارية مع واشنطن: لا مشاورات ولا اتفاق في الأفق    من قبة البرلمان الجزائر: نائب برلماني يدعو إلى إعدام المخنثين    الدليل العملي لتجويد الأبحاث الجنائية يشكل خارطة طريق عملية لفائدة قضاة النيابة العامة وضباط الشرطة القضائية    رواد سفينة الفضاء "شنتشو-20" يدخلون محطة الفضاء الصينية    المديرة العامة لصندوق النقد الدولي: المغرب نموذج للثقة الدولية والاستقرار الاقتصادي    حين يصنع النظام الجزائري أزماته: من "هاشتاغ" عابر إلى تصفية حسابات داخلية باسم السيادة    الشيخ بنكيران إلى ولاية رابعة على رأس "زاوية المصباح"    "الإيسيسكو" تقدم الدبلوماسية الحضارية كمفهوم جديد في معرض الكتاب    أكاديمية المملكة المغربية تسلّم شارات أربعة أعضاء جدد دوليّين    الرباط …توقيع ديوان مدن الأحلام للشاعر بوشعيب خلدون بالمعرض الدولي النشر والكتاب    مهرجان "السينما والمدرسة" يعود إلى طنجة في دورته الثانية لتعزيز الإبداع والنقد لدى الشباب    هل يُطْوى ملفّ النزاع حول الصحراء في‮ ‬ذكراه الخمسين؟    كردية أشجع من دول عربية 3من3    دراسة: النوم المبكر يعزز القدرات العقلية والإدراكية للمراهقين    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    أمريكا تتجه لحظر شامل للملونات الغذائية الاصطناعية بحلول 2026    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نجود علي.. مطلقة وعمري 10 سنوات
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 21 - 07 - 2009

إسمها نجود، فتاة بسيطة صغيرة، تنحدر من محافظة «حجة» شمال غرب اليمن حيث تعيش مع والديها رفقة 16 من الأخوة والأخوات.
تعتقد نجود أنها تبلغ من العمر عشر سنوات،
ففي بلدها اليمن لا يتوفر السواد الأعظم من أبناء البوادي على وثائق ثبوتية، وغالبيتهم لا أثر لهم في سجلات الولادة.
مثل أي فتاة في العاشرة من العمر، تعشق نجود اللعب بين أزقة قريتها، وتحب لعبة القط والفأر مع صديقاتها وأخواتها، والألوان المفضلة لديها هما الأحمر والأصفر، وهي تفضل الشوكولاتة وجوز الهند، وتحب الكلاب والقطط، كما أنها لم تعرف البحر مطلقاً وتحلم بأن تعانق يوما أمواجه. نجود علي رفقة الصحفية الفرنسية ديلفين مينوي، تقربنا من تفاصيل تجربتها الفريدة، التي صاغتها في كتاب عنونته ب«أنا نجود، عممري 10 سنوات، مطلقة»
«القات» مأساتنا. إنه يستهلك من الماء في هذا البلد ما سيجعلنا جميعا نعاني من العطش، يتعجب السائق.
اعتقد أن هذه الحياة خلقت بشكل غريب. فالأشياء الجميلة أيضا يمكنها أن تكون مصدر شر. وليس الاشرار فقط من يزرعون الشفقة. صعب فهم كل هذا..
غير بعيد عني، وعلى يميني تعرفت على «كوكبان»، هذه القرية المبنية كل بيوتاتها بالحجر والمعلقة بأعلى إحدى الهضبات. لقد مررت من هنا في سن مبكرة رفقة والديّ ونحن نقصد قرية أخرى لأجل الاحتفاء بالعيد. يحكى أن نسوة قرية «كوكبان» حسنوات وممشوقات القد، لأنهن ينزلن كل يوم للحقول لأجل العمل. ساعة كاملة من المشي للنزول من اعلى الهضبة، وساعة أخرى للعودة. إنها رياضة حقيقية. يالها من شجاعة! ساعة للنزول، ساعة للصعود.. ساعة للنزول ، ساعة للصعود.. ساعة للنزول، ساعة للصعود.
لقد ايقظني أزيز محرك السيارة وجعلني أقفز من مكاني. كم من الوقت نمت؟ كم قطعنا من الكيلومترات؟ ليست لدي اية فكرة عن ذلك.
واحد.. اثنان.. وثلاثة!
خلف السيارة رباعية الدفع، كانت نصف دزينة من الرجال ممسكين بالحقيبة الخلفية للسيارة يدفعون بكل قواهم السيارة التي التهمت جزءا منها حفرة مليئة بالتراب.
خلفت عجلات السيارة رباعية الدفع وراءها سحابة من الغبار، جعلتني أرى بصعوبة اللوحة الطرقية التي وضع عليها اسم القرية التي يسودها الجفاف، والتي حللنا بها. إنها «أرجوم». الواضح، أننا تركنا الطريق الرئيسية لنأخذ طريقا آخر مليئا بالحجر الذي ينحدر في اتجاه فج عميق. لقد انحسرت السيارة التي كانت تقلنا.
من الأفضل لكم أن تقفلوا عائدين! لن تتمكنوا نهائيا من متابعة السير على هذا الطريق. إنكم كلما تقدمتم وإلا أصبح الطريق أصعب.. هكذا قال لنا احد سكان القرية يلف على وجهه ثوبا أحمر اللون.
لكننا نريد الذهاب الى «خراجي»، يرد عليه السائق.
أوف. بمثل هذه السيارة، هل تمزحون!
إذن، ما العمل ؟ .
إن الحل الأمثل، هو التنقل على الحمير!
على متن ظهور حمير. إن من بين الركاب نساء. وهذا قديكون صعبا.
. اسمعوا. إنني اقترح ان تستعينوا بخدمات أحد الشباب، الذي ألف أن يأخذ هذه الطريق ذهابا وإيابا لنقل الزائرين للمنطقة. وعجلات سيارته تتأقلم وطبيعة هذا المسلك، إنه يغير الإطارات على الأقل مرتين في الشهر بالنظر لطبيعته السيئة!
هكذا، فقد تم اتخاذ قرار يقضي بتغيير السيارة. في الوقت الذي كان فيه الكبار يعملون على نقل «الرزمات» من سيارة إلى أخرى، اغتنمت هذه الدقائق من التوقف لترويض رجليّ. كما عملت على استنشاق مزيد من الهواء وملء رئتي بهواء الجبل النقي. لقد تصببت عرقا إلى الحد الذي التصق فيه كل من المنديل الاسود الموضوع على رأسي والفستان العسلي الذي أرتديه على جسدي، على جلدي. لقد حاولت أن ارفع الثنايا كي أصل إلى سيل الماء. هناك في الأسفل يظهر الواد «لاء»، لقد تعرفت على واد قريتي. إنه لم يتغير رغم أنني تركته وأنا طفلة صغيرة. هل هي ذكريات طفولتي التي تطفو على السطح من جديد، والتي حافظت عليها عبر مجموعة من الأسفار التي كنت أقوم بها الى المنطقة رفقة والديّ؟ أم أنها ذكريات تنعشها صور صفراء متناثرة هنا وهناك في البوم صور قديم يتفحصه والدي مرة مرة وعيناه ممتلئتان بالدموع؟
تعود صورة جدي الى ذاكرتي. أحبه حبا كبيرا. عندما وافته المنية قبل سنوات بكيت كثيرا لمغادرته لنا. كان يرتدي دائما عمامة بيضاء ويلفها على رأسه. كان ذا لحية خفيفة وخطها الشيب.. كان يجلسني على ركبتيه وكان يجد متعة في ان يدفعني لأسقط قبل ان يختطفني مرة ثانية، وفي لحظة أخيرة، قبل ان يصل جسدي الأرض. كنت أشعر انني في وضع جيد و هو يضمني بين ذراعيه. لقد تعودت أن افكر، إنه حينما سيحل بنا مكروه، سيكون جدي دائما إلى جانبني لكي ينقذني. لقد غادرنا في وقت مبكر.
نجود! نجود!
التفت، وأنا أتساءل عمن هذا الذي يمكنه أن يناديني. كان صوتا غير مألوف بالنسبة لي، وغريب عن أذني. لا يشبه صوت جدي، الذي يمكنني ان أتعرف عليه وعيني مغلقتين. وعندما رفعت رأسي، فهمت أن الامر يتعلق بصوت زوجي، ذاك المجهول، الذي يناديني أول مرة بعد مغادرتنا للعاصمة صنعاء. لقد ابلغني، وهو لا ينظر الي، أنه حان الوقت للمغادرة. لم أتردد وتوجهت إلى «عربتنا». انها سيارة «بيكوب» من نوع «تويوتا» بلونين أبيض وأحمر، صدئة بالكامل. اقتعدت المقعد الأمامي، الى جانب السائق الجديد، رفقة أخت زوجي، التي كانت هي الأخرى ترتدي نقابا. أما الرجال فقد ركبوا في حقيبة السيارة الخلفية المفتوحة على السماء بمعية مسافرين تعودوا على السفر في مثل هذه الظروف بذات الطريق يوميا.
تمسكوا جيدا ، إننا سننطلق.
قبل الانطلاق، فتح السائق «مسجلة» السيارة رافعا صوتها إلى الحد الأقصى، لتنبعث من مكبرات الصوت الصدئة مثلما السيارة، إيقاعات موسيقى فلكلورية. يصاحب ترددات الوادي، صوت مغني محلي معروف، حسين محب، الذي سيرافق في ذات الآن الهزات التي تتسبب فيها الحجارة الكبيرة التي تهز سيارة «البيكوب». كنا نقفز في كل الاتجاهات، وكانت بعض الحجارة تجد لنفسها مكانا امام واجهة السيارة الزجاجية. وكانت يدايا الخائفتان تلتصقان بقبضات الباب، وكنت لا أتوقف عن الدعاء أن أصل غير منقوصة الى القرية.
اسمعي الموسيقى! انها ستنسيك قلقك. يقول السائق.
ماذا لو عرف القلق الآخر الذي ألفت التعايش معه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.