كان ابراهيم يأكل كثيرا من الطعام، وكان، أيضا، يستضيف الناس ليتقاسموا معه الأكل. وفي يوم، وبينما كان يهم بتناول غذائه، لمح رجلا مسنا يمشي تحت قيظ الشمس. فبعث إليه بحمار مع أحد رجاله. امتطى الرجل المسن الحمار وجاء إلى ابراهيم الذي قدم إليه الطعام، لكن الرجل عوض أن يحمل قطعة الطعام إلى فمه كان يحملها إلى أذنه أو عينه. ولما أفلح في حملها إلى فمه أخرجها من شرجه. لما رأي ابراهيم حال الرجل سأله: - لماذا تفعل هكذا؟ - يا ابراهيم، إنها الشيخوخة! - لكن، كم عمرك؟ كان الرجل يكبر ابراهيم بسنتين، ولما علم بذلك، قال هذا الأخير: - تكبرني فقط بسنتين. هل معنى ذلك أنني سأكون مثلك لما أصل إلى مثل عمرك؟ فقال الرجل: - نعم. وكان ابراهيم قد دعا ربه أن لا يتوفاه إليه قبل أن يطلب ذلك هو بنفسه. لكنه عندما سمع جواب الرجل المسن، توجه إلى الله، قائلا: - اللهم توفني إليك قبل أن أبلغ هذه المرحلة. ثم نهض الرجل الذي لم يكن سوى ملاك الموت وقبض روح ابراهيم. ++++ روى ابن إسحاق: رأى إبراهيم في المنام أنه يذبح ابنه، فقال لإسماعيل: - يابني، احمل هذا الحبل وهذا السكين. سنسلك هذا الممر للبحث عن الحطب. ولما أصبحا وحيدين في ذلك الممر، قال له: -يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ. فأجاب إسماعيل: - يا أبتي، شد وثاقي حتى لا أتحرك. أبعد عني ثيابك حتى لا تتلطخ بدمائي لأن إمي لو رأته لانزعجت. اشحذ سكينك واقطع رقبتي بسرعة لتسهل علي سكرات الموت. وعندما تلتقي أمي أقرئها مني السلام، وسلمها قميصي لتتذكرني به إذا كان ذلك لا يزعجك. - يا بني، لقد خففت عني كثيرا تنفيذ أمر الله. ففعل ابراهيم ما طلب منه ابنه. قيده، ثم ضمه إليه ليقبله. ثم صارا يبكيان معا والدموع تسيل على خدودهما. ثم لما رفع إبراهيم يده بالسكين وأدناها من عنق إسماعيل، لم تطاوعه السكين التي لم تذبح ولم تقطع. [ يحتل ابراهيم مكانة كبيرة بين مشاهير المسلمين. فيسمى عندهم «خليل الله»، إنه في الوقت نفسه كليم الله وباني الكعبة. ويقدم ابنه إسماعيل كجد للعرب. وقد أسال «ذبح ابراهيم لابنه» مدادا كثيرا في القرون الأولى من الإسلام. فالقرآن لا يحدد أي من الابنين- إسماعيل أم إسحاق- كان هو الذبيح. فبعض العلماء، مثل الطبري، كان يقول إنه إسحاق، بينما يذهب آخرون إلى أن الأمر يتعلق بإسماعيل. لكن الإجماع وقع على أن الذبيح هو إسماعيل، واعتبرت رواية الطبري بدعة [إسرائيليات] [ومما يروى، على سبيل المثال في الإسرائليات، أن إسحاق لما بلغ 30 عاما، وقبل وفاة سارة، أن الله قال له: يا إبراهيم، خذ ابنك وحيدك الذي تحبه واذهب إلى أرض المريا واصعده، هناك محرقة على أحد الجبال الذي أقول لك. فبكر إبراهيم صباحا وشد على حماره ومعه ابنه وشقق حطبا لمحرقة وقام وذهب إلى الموضع الذي قال له الله. وكلم الابن إبراهيم أباه وقال يا أبي فقال ها أنذا يا ابني فقال هوذا النار والحطب ولكن أين الخروف للمحرقة، فقال إبراهيم الله يرى له الخروف للمحرقة يا ابني فذهبا كلاهما معا، فلما أتيا إلى الموضع الذي قال له الله، بنى هناك إبراهيم المذبح ورتب الحطب وربط ابنه ووضعه على المذبح فوق الحطب، ثم مد إبراهيم يده وأخذ السكين ليذبح ابنه].