رغم الهالة التي كانت حول حزب «التراكتور» في الإنتخابات الجماعية الأخيرة، إلا أنه كان هو الخاسر الأكبر في ما يخص الحصول على مقاعد المسؤولية بالدارالبيضاء، وذلك إلى جانب حزب الاستقلال. فبالإضافة إلى كون «الأصالة والمعاصرة» قد اعتمد مقاربة الأسوار العليا، المصاحبة بالتهديد أحيانا، فإنه لم يعرف كيف يدير مفاوضاته، لتظهر عدم حنكة بعض المسؤولين فيه! ففي مدينة الدارالبيضاء التي اعتمدت أصلا على تحالف كانت له تجربة في التسيير تضم أحزاب الإتحاد الدستوري والحركة والأحرار بالإضافة إلى العدالة والتنمية، حاول حزب «التراكتور»، وعمل جاهدا بشتى الطرق على أن يكون له موقع داخلها، لكن بطريقة تتيح له التحكم في آليات تقريراتها، وهو الشيء الذي استعصى على من آلت لهم هذه المهمة داخل الحزب الجديد، مما أدى إلى تدخل الهمة شخصيا برفقة بيد الله وحضور وليمة ساجد التي أقامها بمنزله. بإطلالة على نتائج حزب التراكتور، نجد أنه اكتسح النتائج بشكل غريب جدا! وتمكن من احتلال المقدمة في عدد من المقاطعات، لكنه لم يصل إلى الرئاسة إلا في مقاطعة سيدي مومن، والتي التحق رئيسها بالحزب الجديد دقائق قبل انتخاب رئيس مجلس المدينة، وهو بذلك منح هذا الحزب هدية لم تكن في الحسبان ! خلال المفاوضات اعتمد هذا الحزب أسماء ليست لها القوة الاقناعية الكافية، مثل سفيان القرطاوي، الذي لم يتمكن من الحصول ولو على جماعة أو مقاطعة. فمن جهة يعد هذا الرجل محسوبا على التحالف القديم المسير للدار البيضاء، ومن جهة ثانية فإن علاقته به أوطد من علاقاته داخل الحزب الجديد، وظهر هذا الأمر جليا خلال عملية انتخاب أعضاء مكتب مجلس مدينة الدارالبيضاء. فقد كان «أشبال» الهمة لا يقدمون ترشيحاتهم للمكتب إلا بعد أن يأذن لهم التحالف القديم، الذي كان بإمكانه الإطاحة بهم، حتى سفيان نفسه لم يجرؤ على ترشيح نفسه إلا بعد أن أخذ الإذن! هذا كان يفهمه منتخبو الدارالبيضاء، فالجميع يعلم أن هذا المنسق ما هو إلا «تلميذ» لمن احترفوا «هندسة» توزيع المواقع داخل الدارالبيضاء في السابق كالمستاوي الرئيس السالف لجماعة مديونة، كما أن المواقع التي حصل فيها على المسؤولية، كانت بفضل أمثال المستاوي، فالرجل يفتقد لما هو أساسي، والأساسي هنا هو القاعدة الشعبية في المنطقة التي سينتخب فيها. أضف إلى ذلك أن منسق «التراكتور» هذا قد عاش مراحله التمثيلية بين هذه المنطقة وتلك، من حي مولاي رشيد إلى الإعداد للترشح بالهراويين، إلى عين السبع، دون إغفال أن رصيد الشعبية لديه ضارب في الأصفار! الخاسر الثاني في هذه الانتخابات هو حزب الاستقلال الذي كانت مفاوضاته مع هذا التحالف جد ضعيفة ظهرت من الوهلة الأولى خلال انتخابات مجلس مدينة الدارالبيضاء ، وهو ما نبه له محمد فهيم عضو فريق هذا الحزب قبل انطلاق جلسة انتخاب رئيس مجلس المدينة، الذي توجه بانتقاد أمام الملأ للوزير كريم غلاب الذي كان يقود مفاوضات المواقع لحزبه على موائد ساجد، وبحضور الهمة. إذ قال فهيم للوزير :« إننا لن نحصل على شيء لأن مفاوضاتك كانت كلها مبنية على أساس الحصول على مقعد رئاسة مقاطعة اسباتة». بعد انطلاق عملية انتخاب نواب الرئيس سيظهر أن التحالف لم يكن يرغب في تواجد حزب الاستقلال إلى جانبه، وسينعكس ذلك أيضا على انتخابات المسؤولية بالمقاطعات، إذ ستتم «تنحية» غلاب بفعل تدخل التحالف القديم للدار البيضاء ، ليدخل حزب عباس الفاسي إلى الدارالبيضاء هذه المرة بناقص مقاطعة وبدون مواقع المسؤولية بمجلس المدينة!