بلغة الأرقام الصادمة، لم يجد المنتخب المغربي طريقه إلى خط الوصول، خط التأهيل إلى نهائيات كأس أفريقيا وبالأحرى إلى نهائيات كأس العالم. المنتخب المغربي فقد كل الآمال في أن يكون حاضرا في النهائيات التي ستحتضنها إفريقيا لأول مرة، وبذلك سيغيب المغرب لثالث مرة عن المونديال بعد أن أخطأ الطريق في 2002 و 2006، وها هو يعلن عن نفسه غائبا لثالث مرة. هي خسارة حقا. وبكل المقاييس، خسارة في الأرقام والحصيلة، وخسارة أيضا لأننا لا نملك فريقا ولا نملك عيونا تقنية تقودنا نحو الهدف الذي لم نقو على إيجاد الطريق الصحيح المؤدي إليه. من أبجديات المنافسة الرياضية عموما والكرة على الخصوص، أن المعادلة تضم ثلاث زوايا، الانتصار والتعادل والهزيمة، ولهذه الزوايا جميعها خطوط مستوية للقراءة والتحليل. منذ خرجتنا الأولى، عانقنا الهزيمة، وكانت الصدمة الأولى قاسية، وقتها قلنا وبلغة الأمل أن لكل حصان «كبوة»، وأن التفكير يجب أن يقودنا نحو انتصار في الأماكن البعيدة هناك في إفريقيا الحارقة. بالطبع أنعشنا الأمل أمام الكامرون، وأخرجنا بعضا من أسلحة الفرسان، الشجاعة والصمود ولامسنا التحدي، وكدنا أن ننجح في هزم خصم كبير، لولا قليل من القراءة النقدية لمجريات ومعطيات المباراة والخصم. وقتها خانتنا من جديد العيون التقنية. ورغم ذلك تشبثنا بخيط رفيع من الأمل، أمل النجاح في المباراة القادمة على أرضنا وأمام جماهيرنا وأعلامنا الخفاقة على جوانب المركب الرياضي. غابت أسماء وحضرت أسماء، وكثرت التصريحات هنا وهناك، حتى رئيس الجامعة أو الوافد الجديد كما يحلو للبعض أن يلقبوه ذكرنا برحلات كيسنجر المكوكية الى الشرق الأوسط، أيام زمان، أيام كنا من المحيط إلى الخليج، نبحث فقط عن أرض ضيقة نختبئ فيها. رحل الرئيس ورفاقه الجدد، أكثر من مرة إلى أوربا والخليج، مراهنين على علاقات جديدة وأجواء جديدة، داخل هذا الفريق الذي رافقته الخصومات الهابطة والانكسارات الصعبة. انتظرنا أن يرتفع الأداء، قياسا مع مباراة الكامرون، وأن ننسى الخروج المسيء في أولى المباراة ضد الغابون. انتتظرنا أن تنتهي مرحلة البياض، لنعبد طريقا جديدا في حياة هذا المنتخب الذي رسم لنفسه الغياب منذ المباراة أمام المنتخب التونسي، هناك بملعب راديس. لكن ما أن انتهت المباراة أمام الطوغو، حتى أدركنا أننا نمارس لعبة صغيرة، نغش فيها أنفسنا، حتى لا نكتشف ضعفنا وتراجعنا وعدم قدرتنا على مواجهة الخصوم، بما يلزم من الأسلحة ومن الشجاعة ومن الكفاءة الكروية. لنا أسماء تكسر الحجر هناك في أوربا، ولنا قدرات محلية مهمة لم نجد لها مكانا، وفي الأخير نجد أنفسنا كالأيتام في مأدبة المنتخبات التي لا ترحم. انتهى كل شيء، انتهى وبلغة الأرقام والمعطيات عهد لومير، انتهى هذا الزمن الذي لم نعد نطيق فيه حتى رؤية بعض الوجوه التي راكمت الخيبات والانكسارات. لقد حان الوقت مجددا، لنفكر بجد وبمسؤولية وأن ننزل كل الشعارات التي تم رفعها على أرض الواقع حتى لا تظل هناك معلقة في أحد طوابق المنظر الجميل بالرباط.