انطلقت صباح أمس بمدينة السعيدية المناظرة الوطنية التاسعة للسياحة، في سياق يشهد فيه القطاع تراجعا حادا في المداخيل السياحية التي انخفضت خلال الربع الأول من السنة الجارية بمعدل 18.7 في المائة بعدما تقلصت من 16 إلى 13 مليار درهم مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، كما تتزامن هذه المناظرة مع انطلاق الدفعات الأولى من المحطات السياحية الضخمة التي يعول عليها المغرب في توسيع طاقته الإيوائية و رفع قدراته التنافسية في سوق دولية تشهد تقهقرا ملحوظا من جراء تداعيات الأزمة العالمية. وبفعل هذه التحديات الصعبة التي يواجهها القطاع السياحي، دعا جلالة الملك، في كلمته السامية التي وجهها إلى المشاركين في المناظرة التاسعة للسياحة، إلى المزيد من التعبئة وتضافر الجهود من قبل الحكومة والسلطات المحلية والمهنيين من أجل تطوير الصناعة السياحية باعتبارها قطاعا يحظى بالأولوية في الاقتصاد الوطني. وفي هذا السياق حث جلالة الملك القطاع البنكي بجميع مؤسساته على تقديم المزيد من الدعم للاستثمارات السياحية ووضع الآليات المالية الملائمة لمواكبة مبادرات المستثمرين المغاربة منهم والأجانب في مشاريعهم السياحية، كما دعا جلالته مهنيي وشركاء القطاع السياحي إلى تعزيز انخراطهم في هذه الدينامية وابتكار أساليب ناجعة في مجالات التسويق والترويج والتواصل مع الأخذ بعين الاعتبار توسع قاعدة العرض السياحي الوطني. في هذا السياق، ومن أجل تأهيل المنتوج السياحي الوطني لكي يستجيب لمتطلبات الجودة العالية و ليصمد أمام احتدام المنافسة إقليميا ودوليا، دعا جلالة الملك الحكومة إلى الانكباب في أقرب الآجال على إعادة النظر في نظام تصنيف الفنادق وملاءمته مع المتطلبات البيئية والطاقية الجديدة، كما ركز جلالته على برنامج تكوين الموارد البشرية المؤهلة لمواكبة نمو القطاع الفندقي والحرص على أن تصبح مناصب الشغل بهذا القطاع قارة ودائمة. من جهة أخرى جدد جلالة الملك دعوته للحكومة من أجل الإسراع ببلورة رؤية 2020 قبل متم السنة الجارية مع العلم أن جلالته كان قد أطلق هذه الدعوة منذ سنتين، وبالضبط في افتتاح المناظرة السابعة للسياحة التي كانت قد انعقدت بفاس على عهد وزير السياحة السابق عادل الدويري. وقد ناقش محمد بوسعيد وزير السياحة والصناعة التقليدية وعثمان شريف العلمي رئيس الفيدرالية الوطنية للسياحة، خلال الجلسات الصباحية الأولى لمناظرة السعيدية، أهم الانجازات التي تحققت في رؤية 2010 ، كما تداول صلاح الدين مزوار، وزير الاقتصاد والمالية وأحمد رضا الشامي وزير التجارة والصناعة وكريم غلاب وزير التجهيز والنقل ومحمد حوراني رئيس الفدرالية العامة للمقاولات بالمغرب، أولوية القطاع السياحي في الاقتصاد الوطني، وقد طرحت للنقاش مسألة تأثر الاستثمارات السياحية بمخلفات الأزمة المالية العالمية. وفي هذا السياق أكد رضا الشامي، بصفته مكلفا بالاستثمارات، أن الاستثمار في القطاع السياحي يشهد منذ 2005 قفزة نوعية وكمية غير مسبوقة، وقد عرفت ذروتها سنة 2007، وإذا كانت قد تراجعت بعض الشيء في العام الماضي، فإنها مع ذلك ظلت في مستوى جيد بالمقارنة مع وتيرتها خلال العشرية الأخيرة. وأكد الشامي على أن المستثمرين الأجانب حين يختارون المغرب كوجهة لإنجاز مشاريعهم، فإن اختيارهم هذا يكون مؤسسا على معطيات بنيوية واستراتيجيات طويلة الأمد، وليس على متغيرات ظرفية، وإذا كانت هنالك من تأثيرات للأزمة العالمية على هذه الاستثمارات بالمغرب، فإنها تمس بالأساس مواعيد إنجاز أو تسليم هذه المشاريع التي قد تعرف بعض التأجيل وليس الإلغاء.