عمد المغرب الى القيام بإصلاح جذري لاستراتيجيته الوطنية للسياحة منذ 2001،ووضع مخططات للتنمية السياحية تتمحور حول إحداث أقطاب سياحية جديدة وتطوير جيل جديد من المحطات السياحية المندمجة. وقد أطلقت هذه الإستراتيجية الجديدة بتعليمات ملكية سامية،حيث أعلن جلالة الملك محمد السادس سنة 2001 في خطاب سامي بمناسبة انعقاد المناظرة الأولى للسياحة بمراكش،عن الخطوط الكبرى لهذه التوجهات والخيارات المتعين اعتمادها في هذه الاستراتيجية المستشرفة لمستقبل القطاع السياحي،حسب خطط عمل دقيقة تروم عشريتي 2010 و2020. كما أكد جلالته في رسالة سامية إلى المشاركين في المناظرة الوطنية التاسعة للسياحة المنعقدة بمدينة السعيدية في يونيو الماضي حرصه على «ضمان المناخ المناسب لخلق دينامية دائمة داخل القطاع السياحي،وتدعيم حيويته وتنافسيته». و منذ إطلاق جلالة الملك سنة 2001 لرؤية 2010 المتعددة الأبعاد للنهوض بالقطاع السياحي ،والتي دشنت لإعادة النظر بصفة جذرية في الاستراتيجية الوطنية للسياحة،شهدت المملكة إطلاق مشاريع سياحية ضخمة ضمن «مخطط أزور» الذي استهدف إنشاء ستة أقطاب سياحية. جيل جديد من المحطات السياحية ويتمثل هذا البرنامج في إحداث جيل جديد من المحطات السياحية المندمجة وفق مبدأ التنمية المستدامة ومن خلال تعبئة القطاعين العام والخاص والتفافهما حول هذه الرؤية الواعدة. ويستهدف «مخطط أزور» سد العجز الكمي والنوعي في التجهيزات الفندقية أخذا بعين الاعتبار الاستفادة من المؤهلات الطبيعية الوطنية،وغنى الموروث الثقافي المغربي وتنوعه. ومن أجل تحقيق تنمية جهوية متوازنة بجميع تراب المملكة تم اختيار ست محطات بكل دقة ،هي محطة السعيدية ببركان التي تقع على 713 هكتار،وليكسوس بالعرائش على 461 هكتار،ومازغان بالجديدة على مساحة 504 هكتار،وموغادرو بالصويرة على مساحة 581 هكتار،وتاغازوت بأكادير على مساحة 615 هكتار،والشاطئ الأبيض بكلميم على مساحة 695 هكتار. ومن شأن هذه المحطات الست تقوية العرض في القطاع السياحي الوطني وتنويعه من خلال إضافة طاقة استقبال من نحو 120 ألف سرير من بينها 85 ألف سرير فندقي ،في إطار برامج للتهيئة مجددة ومتنوعة. وبالفعل فمنذ البدء الفعلي في تنفيذ هذه الخطة الهيكلية سنة 2001 حقق القطاع السياحي قفزة نوعية كما وكيفا ،بحيث وصل عدد السياح الذين زاروا المغرب حتى نهاية 2008 إلى 9ر7 مليون سائح أي بارتفاع نسبته 84 في المائة مقارنة مع سنة 2000. نتائج جيدة للقطاع كما عرف عدد السياح الوافدين نموا مطردا ومتواصلا منذ سنة 2001،وهو ما تعزز أيضا في بداية سنة 2009 حيث عرف ارتفاعا ب 10 في المائة مقارنة مع الفترة نفسها من سنة 2008 ،حسب المعطيات التي أعلن عنها خلال المناظرة الوطنية التاسعة للسياحة بالسعدية. وتفيد المعطيات ذاتها أنه حتى متم سنة 2008 بلغ عدد الليالي السياحية في الفنادق المصنفة 5ر16 مليون ليلة أي بارتفاع نسبته 22 في المائة مقارنة مع سنة 2000. ومن جهتها عرفت المداخيل السياحية ،سنة 2008 ،ارتفاعا بلغ نحو 55 مليار درهم أي بمعدل نمو وصل إلى 156 في المائة مقارنة مع سنة 2000. كما بلغت الطاقة الاستيعابية للمؤسسات السياحية 153 ألف سرير بنهاية 2008 بارتفاع نسبته 7 في المائة مقارنة مع سنة 2007 و61 في المائة مقارنة مع سنة 2000. أما في ما يتعلق بحجم الاستثمارات التي شهدها القطاع فقد بلغ خلال العام 2008 نحو 15ر8 مليار درهم همت أساسا إنجاز 12 ألف و640 سرير فندقي وخلق 2250 منصب عمل مباشر. السعيدية أول محطة في سلسلة المحطات وتعد محطة السعيدية التي دشنها صاحب الجلالة الملك محمد السادس مؤخرا أول محطة في «مخطط أزور» ،كما تعد أول محطة من «الجيل الجديد « في الواجهة المتوسطية والتي عهد بإنجازها لمجموعة «فاديسا المغرب» . وتتوفر هذه المحطة على طاقة استيعابية من 17 ألف سرير باستثمارات قيمتها 12 مليار درهم. ولعل ما يمثل فرادة هذه المحطة وأهميتها على الصعيد الأقليمي والدولي هو كونها لا تبتعد سوى بساعتين من الطيران عن العواصم الأوربية،وتبعد بأقل من 40 دقيقة عن مطار وجدة أنجاد. أما المحطة الثانية التي سيتم قريبا تدشينها (أكتوبر 2009) فهي محطة مازغان بالجديدة والتي تنجزها مجموعة «كيرزنر» الألمانية مع مستثمرين مغاربة . ومن أجل مواكبة «مخطط أزور» شرع المغرب في فبراير 2004 في نهج سياسة تحرير أجوائه توجت بتوقيع اتفاقية «الأجواء المفتوحة» بين المغرب والاتحاد الأوربي في ديسمبر 2006. وقد مكن ذلك من مضاعفة عدد الرحلات الجوية الدولية بين المطارات المغربية والخارج،بحيث انتقل عدد الرحلات الدولية للمغرب من 560 رحلة في الأسبوع عام 2003 الى نحو 1130 رحلة في الأسبوع بنهاية عام 2008. كما تضاعف حجم النقل الجوي في المطارات المغربية خلال الفترة ذاتها وانتقل عدد المسافرين من 2ر5 مليون الى 11 مليون مسافر. وعلى الرغم من التداعيات السلبية للأزمة الاقتصادية العالمية على قطاع النقل الجوي على الصعيد الدولي خلال العام 2008،فقد سجل المغرب نموا في النقل الجوي بنحو 5ر8 في المائة. وبالنسبة للأشهر الأربعة الأولى من العام 2009 عرف النقل الجوي الدولي في المطارات المغربية ارتفاعا نسبته 7ر6 في المائة. كما تعزز قطاع النقل الجوي في المغرب سنة 2009 بميلاد شركة مغربية جديدة هي «الخطوط العربية المغرب» التي شرعت في مزاولة أنشطتها باستخدام طائرتين على أن تصبح متوفرة على خمس طائرات بنهاية 2009. وبالموزاة مع ذلك شهدت التجهيزات الأساسية للنقل الجوي تحسنا متواصلا في قدرات المطارات والموانئ من أجل الرفع من حركة النقل الجوي المرتبط بالسياحة وخاصة محطات «مخطط أزور» . وهكذا تم ،في هذا الصدد ،خلال السنوات الأخيرة توسيع مطاري مراكش وطنجة توسعة مهمة . وتعزيزا لمكتسبات رؤية 2010 تم وضع رؤية مستقبلية جديدة في أفق 2020 تروم إعداد سياسة سياحية وطنية للعقد المقبل.