ونحن على بعد أيام من الانتخابات الجماعية المقبلة، نلاحظ عزوف الناس، وخصوصا الشباب، عن التصويت وعن الشأن السياسي برمته ، ربما لأنهم فقدوا الأمل في أشخاص يُمنونهم بالكثير حتى إذا ما «اختطفوا » منهم أصواتهم بمكرهم ودهائهم كما نلاحظ الآن في أكثر من حي بيضاوي نكصوا على أعقابهم وصعّروا خدودهم وتنكروا لمن كانوا حتى الأمس القريب يخطبون ودهم! وكما يقول المثل العربي القديم: «أسمع جعجعة ولا أرى طحينا»، فقد أصبحنا نسمع وعوداً كثيرة لمسؤولين في إطار «البرامج» التي يعدونها لما بعد الانتخابات لا تلبث أن تذهب أدراج الرياح، وكأننا نستمع لإنشاء كتبه تلميذ فقير يقطن في أحد البوادي الموغلة يحكي فيه بأنه سوف يقضي عطلته الصيفية بشاطىء البحر، بينما هو متأكد تمام التأكد أن لن يراه بتاتاً. وكما أن هناك أشخاصا مفسدين منطوين على الخبث ويتلاعبون ، عن سوء نية، بآمال وأحلام المواطنين، بينما هم في الواقع لا يفكرون إلا في أنفسهم وفي قضاء مآربهم الشخصية، فهناك أناس شرفاء لا هم لهم إلا المصلحة العامة وخدمة مدينتهم ( وطنهم عموما ) ، غير أنهم قليلون، إذا ما قورنوا بأصحاب العقلية الغوغائية وأصحاب «الكروش» المترهلة التي لن يملأها إلا التراب. وأصبح كل من رغب في أن يقفز قفزة «مادية» يتخذ أصوات الناخبين مطية له، وأضحت المناصب التي يخولها «النجاح » في الانتخابات بمثابة مأدبة يتسابق إليها المتسابقون، متناسين أن كل منصب هو بالدرجة الأولى مسؤولية وتكليف لا تشريف، وبأن كل من أراد أن يخدم مدينته، فمرحباً به وإلا فلْيتَنَحَّ بعيداً ليفسح المجال لمن هو أهل لذلك المنصب. فمتى نكف عن أنانيتنا ونفكر ولو قليلا في المصلحة العامة؟