خلص البحث الميداني الذي أجراه المركز المغربي للتربية المدنية حول السلوك المدني في المؤسسات التعليمية، وأساسا بفضاءات التعليم الاعدادي، الى العديد من المعطيات الدالة منها ان %71 من الاساتذة يعتبرون علاقتهم بالتلاميذ علاقة تعاون وتواصل، و %69 يرون علاقتهم بالآباء منعدمة و %73 يلاحظون ان ظاهرة الغش كثيرة ومتفاقمة. ويسجل البحث بموازاة ذلك ان %25 من التلاميذ يرون أن علاقتهم بالاساتذة يسودها عنف يتخذ إما مظهرا لفظيا أو جسديا، و %65 يعتبرون مرافق المؤسسة ضعيفة ومهملة و %83 يحاسبون من طرف الاسرة على التغيب أو التأخر عن الدروس، و %47 يصرحون أنهم مارسوا الغش في الامتحان أو في الفروض المحروسة. وفي سياق سبر أغوار كل الاختلالات القيمية المفترضة بين مكونات المدرسة أو مكونات المؤسسة التعليمية - انطلاقا من نموذج أو حالة التعليم الاعدادي - سجل البحث أن 31 % من أولياء التلاميذ لايحضرون الى المؤسسة، فيما يحضر 34 مرة واحدة في السنة على الاقل. البحث الذي اعتمد كآلية منهجية على استمارة خاصة بالاساتذة، شملت 484 استاذا وأستاذة، واستمارة أخرى خاصة بالتلاميذ، همت عينة من المستجوبين تتألف من 3 آلاف و909 مستجوب ومستجوبة، والذي اعتمد ايضا على ما يمكن تسميته بالمسح الجغرافي ل 6 أكاديميات تعليمية ذات أهمية بالغة في الحقل التعليمي المغربي (مثل أكاديمية جهة سوس، وأكاديمية دكالة، عبدة، وأكاديمية فاس - بولمان، وأكاديمية تازةالحسيمة، وأكاديمية جهة الرباط زمور زعير، وأكاديمية جهة الدارالبيضاء)، كان من أهدافه الأساسية رصد واقع السلوك المدني داخل المؤسسة المدرسية، أي رصد كل الاختلالات المفترضة في القيم داخل المؤسسة (من أبرز هذه القيم، قيمة التعاون والتضامن واحترام الآخر، والثقة في النفس، وقيمة العمل، واحترام القانون والوقت...) وحسب الأستاذ كمال بلحسن الذي أشرف على إنجاز البحث وقدم خلاصاته أول أمس الخميس بمدينة الدارالبيضاء، فإن الغاية من الرصد هي تدقيق تشخيص الإختلالات المفترضة في العديد من القيم داخل المدرسة التي تشكل عائقا أمام عملية التحصيل الدراسي للعديد من التلاميذ، وذكر في الاتجاه ذاته أن البحث الذي تطلب تعبئة خاصة، ومجهودا كبيرا من قبل مختلف المنتسبين للمركز أو المسؤولين عنه، والذي اكتفى برصد واقع الحال دون البحث عن الأسباب يروم المساهمة في إثراء النقاش حول موضوع يكتسي أهمية مجتمعية بالغة في أفق بلورة تصور يستجيب «لانتظارات المدرسة المغربية». وإذا كان البحث قد توَّج أعماله بالعديد من الخلاصات، منها أن القيم المذكورة حاضرة في تمثلات وتصورات المستجوبين بيد أنها لا تترجم على مستوى السلوك والممارسة بشكل «مُرْضٍ» ومرغوب فيه، بالرغم من حضورها «كحاجات داخلية»، فإن النقاش الهام جداً الذي أثاره موضوع هذا البحث من طرف مهنيي التعليم (الذين منهم مَن حضر من مدن فاس وبن سليمان والرباط وغيرها) والباحثين والمهتمين والصحافيين، يؤكد من جهة على أهمية وجدة موضوع البحث، ويبرز من جهة ثانية الدلالات العميقة لموضوع مغيَّب بالرغم من أنه يشكل أحد العناصر المركزية في خلق مدرسة سليمة وقوية، وتعليم في مستوى التحديات في المحصِّلة النهائية.