توقع صندوق النقد الدولي استمرارية صمود الاقتصاد المغربي أمام الأزمة الاقتصادية العالمية، ولاحظ أن تعدد موارده واعتماده بشكل خاص على الفوسفاط والفلاحة والسياحة والصناعة والبناء والأشغال العمومية، مكنه من تحقيق معدل نمو بلغ 5,7% سنة 2008 ، أما بالنسبة لسنتي 2009 و 2010 فتوقع أن يستقر معدل النمو في حدود 5,4%. التقرير الصادر في بداية هذا الأسبوع حول الآفاق الاقتصادية في افريقيا، وضع المغرب وتونس ومصر في خانة الدول التي تتوفر على موارد متنوعة تقيها من تبعيات تقلبات الأسعار في الأسواق الدولية على عكس الدول التي تعتمد على مورد وحيد كالبترول. وفي التقرير المخصص للمغرب، تم استحضار الوضعية المناخية المتميزة بقلة التساقطات المطرية وسوء توزيعها، وهي الوضعية التي أسفرت عن تراجع نمو القطاع الأولي بنسبة 20% سنة 2007 بعد أن تراجع المحصول الزراعي من 92 مليون قنطار سنة 2006 إلى 24,4 مليون قنطار سنة 2007. وبالنسبة لسنة 2008 فإنها تميزت بتساقطات مطرية تمثل خمسة أضعاف المعدلات السنوية العادية، مما أعطى للقطاع الفلاحي دينامية جعلت فائض قيمته يرتفع بنسبة 12,8%، أما بالنسبة لسنة 2009 فمن المرتقب أن يرتفع فائض قيمة القطاع بنسبة 3,2% في السيناريو القائم على أساس حصاد موسم متوسط مع صمود الزراعات الصناعية والخضر والفواكه وتربية المواشي. وبعد أن ذكر التقرير بالنتائج الجيدة التي حققها المكتب الشريف للفوسفاط، بفعل ارتفاع الأسعار الدولية في الفصول الثلاثة من سنة 2008 وبالبرنامج الاستثماري الذي أعلنه المكتب، والذي حددت قيمته في 20 مليار درهم على مدى 7سنوات، سجل بخصوص القطاعات غير الفلاحية أن ضعف صادرات قطاع النسيج خلال سنة 2008 قلص من حصته في أسواقه المعتادة، ومع ذلك فإن الآفاق لاتزال تسمح بتحقيق نتائج إيجابية خلال سنة 2009، في حين أن نمو القطاع الطاقي تواصل وواكب الطلب الأسروي على الكهرباء رغم أنه ارتفع بمعدل 7,8 عند متم شهر شتنبر 2008. أما بالنسبة لقطاع البناء، فإنه واصل تحسنه لدرجة أن مبيعات الاسمنت ارتفعت بحوالي 12% التقرير أوضح بخصوص القطاع الثالثي أن النتائج الإيجابية التي حققتها قطاعات التجارة والسياحة والنقل والاتصالات والخدمات المالية، ستواصل تحسنها خلال سنة 2009 حيث من المرتقب أن يرتفع فائض قيمته بنسبة 5,9%، كما خلص إلى أن تقليص الرسوم الجمركية المطبقة على الواردات من الاتحاد الأوربي وتحسن المناخ الاستثماري ، ساعد على ارتفاع الاستثمارات الوطنية من 32,5% سنة 2007 إلى 34,8% سنة 2008، كما خلص إلى أن تقوية ديناميكية قطاع البناء والأشغال العمومية، فضلاً عن شراء الأسر لمنافع مستدامة سيمكن الاستثمار من مواصلة ارتفاعه ليصل معدل نموه سنة 2009 إلى 7,2% عوض 5,8% المحققة سنة 2008. والملاحظ أن هذا التقرير لم يأخذ بعين الاعتبار مستجدات بداية السنة الجارية، بما في ذلك توقع جني محصول جيد في حدود 1,2 مليون طن من الحبوب وتأمين توفير الطاقة الكافية لمواكبة الطلب المتزايد ابتداء من سنة 2013، فما تم إنجازه طيلة العقد السابق من بنيات تحتية ومن تنقية للمناخ الاستثماري، ومن توجه نحو التقليص من تبعية النمو الاقتصادي للتقلبات المناخية، أعطى للمغرب دفعة قوية زادت من صموده أمام الأزمات الخارجية. وبتواصل هذه المجهودات وتعميم الاستفادة منها، يمكن تحقيق معدلات نمو أحسن من تلك التي توقعها صندوق النقد الدولي خلال سنتي 209 و 2010.