أرخبيل الواق واق في المتخيل التراثي الكوني، ذاك الصقع البعيد، الذي يرمز ذهنيا إلى العبث الجغرافي في تفكيرنا ، وقد تحدثت أساطيرنا أن هذه الجزيرة أو الجزر أو الأرخبيل ، كانت أحيانا تشكل معقلا لعقاب زجري للعصاة والمتمردين الذين يلهثون وراء السلطة والنفوذ والمال أو المغامرين.. من خلال حبكهم لدسائس ومؤامرات ضد الملوك والسلاطين، وأن كل من نفي إليها من الصعب عليه أن يعود إلى دياره أو إلى الحياة. وفي وقتنا الراهن لم تعد الواق واق مجرد فكرة لمكان أسطوري ، فالثورة المعلوماتية جعلت كوكبنا الأرض في متناول الجميع وفي ثواني معدودة ،وأصبح الفضاء مجالا للتنافس على مستوى الصوت والصورة،فتناسلت الفضائيات في كل بقاع العالم ولم يعد بإمكان أي بلد أن يعيش خارج هذه التغطية وإن كان عالمنا العربي قد دخل هذا التنافس متأخرا، ولم يتحقق ذلك إلا من خلال الريع النفطي لدول الخليج، أو لأسباب تاريخية وجيو- سياسية ( مصر- سوريا_لبنان- المغرب...)، ومع ذلك فقد أثار هذا العالم الاهتمام الدولي من خلال بعض الفضائيات كالعربية والحرة والجزيرة والمنار والسومرية.. وهذا التناسل لايعكس - مثل الغرب - تمظهرات الواقع السياسي والاجتماعي للوطن العربي، بل هي حالات نشاز موجهة لتحقيق مكسبين هما. أولا: تحويل الاهتمام بالمشاكل الداخلية في العالم العربي نحو الخارج ثانيا: ترضية لخط اديولوجي عبر مستويات مختلفة ومن منظور خط إعلامي يفرض تسويقه ، تمريره إعلاميا وعلى مستوى دولي كبير. مناسبة هذا الحديث شد الحبل بين الدولة المغربية وبعض القنوات العربية الفضائية مثل الجزيرة القطرية وقناة المنار لحزب الله اللبناني ، وذلك على ضوء محاكمة شبكة بلعيرج وقبلها أحداث سيدي إفني ومؤخرا الاحتفال بذكرى المسيرة الخضراء ...: فبعض هذه القنوات ، تصر على الترويج لصورة سيئة عن المغرب، بينما تلح الدولة على مصداقية سياسة الانفتاح الإعلامي التي تنهجها بدون قيود. وهذا ماعبر عنه وزير الاتصال السابق الناطق الرسمي باسم الحكومة في برنامج أضواء على الحدث بفضائية الحوار يوم الاثنين 16 يونيو 2006 ، وأيضا ماعبر عنه مقال عبد الكريم الموس والذي عممته وكالة المغرب العربي للأنباء حول موضوع «أكاذيب قناة الجزيرة الصارخة المكشوفة للعيان». وحتى لا نصنف مجانا ضمن خندق الخط التحريري الذي تدافع عنه بعضها على انه معارض لها، نطرح الملاحظات السبعة التالية على إدارة. القناة القطرية على سبيل المثال وليس الحصر: أولا : لماذا لاتهتم الجزيرة بوضعية عرب البيدون بالكويت مثلا وهم الأقرب إليها جغرافيا من سيدي افني والمغرب؟ ثانيا: لماذا يتحاشى سميح القاسم مثلا في برنامجه الاتجاه المعاكس استضافة المعارضة السورية وزعماء الأقلية الشيعية بقطر والبحرين، ويفضل الحديث عن غلاء الأسعار في مصر والمغرب وتونس... ونحن نعلم أن بلده الأصلي يعيش نفس الأوضاع ... ثالثا: لماذا تحاول قناة الجزيرة وبكل الوسائل إضفاء الشرعية الدينية على التفجيرات في أسواق بغداد وقندهار وإسلام أباد..ولم يسبق لصحفييها أن نطقوا كلمة إرهاب ،وكلما نطقوها أسبقوها بعبارة ما يسمى بالإرهاب ، فهل في القنافذ أملس؟. رابعا: ماذا سيكون موقف الجزيرة إذا تعرضت بعض دول الخليج كقطر مثلا لقدر الله لهجمات «جهادية كما وقع في الدارالبيضاء مثلا؟ خامسا: بماذا تفسر الجزيرة اعتقال اثنان من صحفييها على اثر أحداث شتنبر 2001؟ سادسا: ولماذا حضيت قناتي المنار والجزيرة مثلا بالدعم اللوجيستيكي بالعاصمة المغربية بدون قيود إدارية دون أن تكلف نفسها عناء الحديث عن المسار الديمقراطي والتحول السياسي الذي يعيشه المغرب؟ولماذا لم تؤكدا على أن المغرب كان الأشجع فيما يتعلق بالمصالحة مع تاريخه؟ سابعا: ولماذا ترفض الجزيرة والمنار، مؤخرا اعتبار حدث المسيرة الخضراء على أنه حدث عالمي ميز تاريخ الأمة العربية في القرن العشرين وشارك فيها أشقاؤنا من الشعبين القطري واللبناني، بدل من أن تتحدث الجزيرة عن الحدث مسبوقا بجملة : ما يسمى بالمسيرة الخضراء؟ وهو نفس الموقف المخدوم الذي قدمته قناة المنار يوم الجمعة 14 نونبر الحالي أثناء تغطية مراسلها لمحاكمة شبكة بلعيرج ، حينما تم تثبيث القناة لخريطة المملكة المغربية مبتورة من أقاليمها الجنوبية. أليست هذه خرجة إعلامية معادية لبلد ذو سيادة؟ نحن مع «الجزيرة» ومع مراسل «المنار» في محنته إلى أن يبثث العكس، وأيضا مع حرية الإعلام إذا عالجت الأوضاع في كل دول العالم بما فيه الهند والسند والواق واق وقطر ولبنان.... بنفس القدر الذي تقدم به أوضاع المغرب، ولتقل مثلا إن القواعد العسكرية ببعض دول الخليج منها انطلقت الطائرات الأمريكية لضرب شعب العراق وسوريا ... في انتظار ما تبقى من الدول المنطقة المغضوب عليها . إنها حملة إعلامية مخدومة على المقاس الوهابي والشيعي وتهدف زعزعة أسس السيادة المغربية بالاعتماد على أصوات وأدوات طالها النسيان والتقادم