اعتاد حميد شباط أن يستعمل الكلاب في حروبه ضد مخالفيه، كما حدث عندما تصارع مع أفيلال حول الاتحاد العام للشغالين بالمغرب. وقد نجحت الكلاب طبعا، كما نجح شباط في الانتصار في حرب نقابية. ومنذ تلك اللحظة دخلنا في المرحلة الكلبية لحسم الصراعات والاختلافات، وأصبح النباح مداخلة «محترمة» في الحديث إلى الخصوم، ونقطة نظام في التعبير عن المشاعر والعواطف والأحاسيس. وفي انتظار أن يصل الانحطاط العام في السياسة إلى جعل العواء ... تلميحا سياسيا، والخوار طريقة جديدة في تلبية الحاجة الجماهيرية للظهور، والنعيق فلسفة في التاريخ. لقد اعتاد عمدة فاس أن «يطلع» السطح من أجل فرض خياراته النقابية على إخوانه في الاتحاد العام، كما طلع علينا بتصريحات وقحة تسب المهدي بنبركة. ولعل من نكاية الدنيا بالمغاربة هو أن يتحول شباط الى صاحب رأي في التاريخ، ويتحول أيضا إلى صاحب رأي يتطاول على شهداء هذا البلد وأحد وطنييه. ومن النكد الكبير على المغاربة، وأولهم بناة حزب الاستقلال، أن يكون أحد مؤسسي الحزب وأحد كبار الاستقلاليين هدفا لرجل بدأ فوق دراجة هوائية، ومازال يعتقد بأن السياسة تحتاج دائما الى مقود (گيدون) على شاكلته. ومن النكد أننا مطالبون بالرد على رجل من شدة قربه من السيليسيون أصبح يعتبره مقدمة للدخول إلى السياسة والتاريخ. لقد هاجم شباط شخصية وطنية مثل المهدي بن بركة، وسماه بالقاتل ونسب إلى شهيد بلا جثة جثثا أخرى. سيكون من باب احتقار المغاربة بكاملهم أن نناقش شباط، لكن سيكون من باب الاستجابة إلى شيء بداخلهم أن نطرح السؤال: هل شباط اسم مستعار لكل الجبناء الذين يهاجمون الاتحاد بوجوه مخبأة؟ هل هو درجة الصفر في الوطنية التي تجعل الذين يقتسمون معه الاسم والشعار والمسؤولية في لحظة تفرج؟ هل شباط قناع أم صوت على فونوغراف قديم بدأه أوفقير ثم عرشان ثم كل سلالات المخزن العتيقة التي ترى في الشهداء أسماء تقلقهم باستمرار، فيطلقون علينا القطط والذئاب ويفتحون أفواههم، وعوض أن نسمع كلاما سياسيا نسمع صوت القطعان التي تلهث من شدة التعب الأخلاقي؟ ومن شدة تخلفه لم يستطع أن يجتهد حتى في الأحقاد..! فقد عاد إلى عبارات مستعملة من قبل من سبقوه من أبواق لكي يهاجم بها الاتحاد(حتى ف هاذي ما استطعتيش تبدع؟)، وكما يحدث دائما في لحظات التردي الكبرى، فإن الذين يملؤون البلاد بالصراخ هم عادة الذين يقلدون الطبل! لننظر إلى تصريحات حميد شباط الأخيرة حول المهدي بنبركة والاتحاد الاشتراكي ... لننظر إلى وجهه مليا، ثم لننظر إلى ثروته الطارئة وإلى ثروته الطائلة وإلى يديه جيدا، لكن لننظر أولا وأخيرا إلى ما يميزه كله: هناك السب والقذف، هناك الاغتناء الفاحش بلا حرثة ولا ورثة، هناك الكلام الفاحش، وهناك ..طبعا الجانب السلبي في الرجل ! لقد دخل المغرب مرحلة التشبيط الوطني الشامل، عندما بدأت السياسة والانتخابات بالخصوص تنتج عمداء من قبيل شباط ..! لقد اتهم الرجل المجلس الأعلى للحسابات بالإرهابيين، ولم يتابعه أحد، بل لقي الحماية وتم ترحيل الرجل الذي كتب له كل مساوئه على ورق صقيل.. ولم نفهم لماذا كل هذه الهناية والدلال للعمدة؟ وأطلق الكلب على رفاقه ولم تتم أبدا مساءلته، كما لو أنه كان مكلفا بالكلاب البوليسية الضرورية للأمن، ولم نفهم لماذا؟ وسب الرجل كل الذين اختلفوا معه، حتى اعتقدنا أنه منذور للمهمة حتى لا تختفي لغة الشارع من قاموس السياسة، ومع ذلك لم نفهم لماذا هذه الرعاية ؟ ومازال شباط يستطيع أن يخلق الحدث الإعلامي... لأن البلاد مازالت في حاجة، فيما يبدو إلى النباح حول مقبرة بلا جثث. وتجرأ الرجل، وكان له رأي في التاريخ الحديث للبلاد، وفي سنوات الرصاص..( لم يشرح له أحد هذه المسألة ولعله تصور أن الحديث يدور حول رصاص ...السودورات). وعوض أن يتواضع ويحدثنا عن سنوات السيليسيون ... والشامبريرات، أراد أن يعلمنا سنوات الرصاص. هناك اثنان يعرفان سنوات الرصاص فعلا، السي ادريس رحمه الله والسي ...كليس! شباط أيضا اتهم الاتحاد بأنه كان وراء سنوات الرصاص وأنه كان وراء إضرابات النقل وكان وراء .. الشمس. ولم يسعفه الحظ لكي ينتبه إلى أنه سيكون وراءه أيضا ... والزمن طويل حتى ولو «تفرع» عنه الكثير من الأشباه! ونعتقد بغير قليل من الحسرة أن شتم المهدي، شتم لكل الذين كانوا وطنيين في البلاد.