صدمة في غابة دونابو بطنجة: قطع الأشجار يثير غضب المواطنين    إضراب عام في المغرب احتجاجًا على تدهور القدرة الشرائية وتجميد الحوار الاجتماعي    مداهمة مطعم ومجزرة بطنجة وحجز لحوم فاسدة    نبيلة منيب: مدونة الأسرة تحتاج إلى مراجعة جذرية تحقق العدالة والمساواة -فيديو-    المغرب واليمن نحو تعزيز التعاون الثنائي    ارتفاع تحويلات مغاربة العالم    توقيف سائق طاكسي بأكادير بتهمة ترويج القرقوبي    أكادير تحتفي بالسنة الأمازيغية الجديدة بتكريم مايسترو الرباب لحسن بلمودن    مهرجان قرطاج لفنون العرائس يعود بمشاركة 19 دولة وعروض مبتكرة    التساقطات المطرية الأخيرة تعيد الآمال للفلاحين وتعد بموسم فلاحي جيد    وهبي: العدالة الانتقالية تجربة وطنية أفضت إلى المصالحة بين المجتمع المغربي وتاريخه    الشبيبة التجمعية تشيد بمجهود الحكومة استعداداً للمونديال وفي "تصفية تركة حكومتي العشر سنوات العجاف"    الاتحاد المغربي للشغل ينظم إلى الداعين لخوض "الاضراب العام"    الاتحاد العربي للثقافة الرياضية يمنح فوزي لقجع الجائزة التقديرية ل2024    النصيري يمنح الفوز لفنربخشة أمام ريزا سبور    مفتاح الوقاية من السرطان.. دراسة تؤكد أن الرياضة وحدها لا تكفي دون الحفاظ على وزن صحي!    المفوضية الأوروبية تحذر من "رد حازم" إذا استهدف ترامب منتجاتها برسوم جمركية "تعسفية وغير منصفة"    ابن تطوان "الدكتور رشيد البقالي" ينال إعجاب علماء كبار ويظفر بجائزة عالمية في مجال الفكر والأدب    التساقطات المطرية الأخيرة ترفع نسبة حقينة سدود المملكة إلى أزيد من 27%    الشرع: الرياض تريد دعم دمشق    بني ملال ينتزع التعادل مع بركان    صادرات قطاع الطيران ناهزت 26,45 مليار درهم سنة 2024    خبير صحي يحذر: إجراءات مواجهة "بوحمرون" في المغرب "ضرورية ولكنها غير كافية"    المغرب يتسلم رئاسة التحالف الإفريقي للعلوم والتكنولوجيا لتعزيز التنمية المستدامة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    بعد انضمامه للأهلي.. بنشرقي: اخترت نادي القرن لحصد الألقاب    فتح تحقيق جنائي بحقّ زوجة نتانياهو    أسعار المحروقات تشهد زيادة "طفيفة" للمرّة الثانية توالياً خلال شهر بالمغرب    العثور على مهاجر مغربي مقتول داخل سيارته بإيطاليا    تحولات "فن الحرب"    نشرة إنذارية (تحديث): تساقطات ثلجية وأمطار قوية مرتقبة من الأحد إلى الثلاثاء بعدد من أقاليم المملكة    المغاربة أكثر الجاليات اقتناء للمنازل في إسبانيا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    الزوبير بوحوت يكتب: السياحة في المغرب بين الأرقام القياسية والتحديات الإستراتيجية    القيمة السوقية لدوري روشن السعودي تتخطى المليار يورو    الإرث الفكري ل"فرانتز فانون" حاضر في مهرجان الكتاب الإفريقي بمراكش    تطوان تحتفي بالقيم والإبداع في الدورة 6 لملتقى الأجيال للكبسولة التوعوية    القنيطرة... اختتام دوري أكاديميات كرة القدم    باب برد: تفكيك عصابة إجرامية متورطة في سرقة وكالة لتحويل الأموال    حكومة أخنوش تتعهد بضمان وفرة المواد الاستهلاكية خلال رمضان ومحاربة المضاربات    هكذا يخطط المغرب لتعزيز أمن منطقة الساحل والصحراء    الإعلام في خدمة الأجندات السياسية والعسكرية    الرجاء البيضاوي يتجه إلى إلغاء الجمع العام مع إناطة مهمة الرئاسة إلى بيرواين حتى نهاية الموسم    تجميد المساعدات الأميركية يهدد بتبعات خطيرة على الدول الفقيرة    دراسة: هكذا تحمي نفسك من الخَرَفْ!    استئناف المفاوضات بين حماس وإسرائيل الاثنين بعد رابع عملية تبادل للرهائن والمسجونين    الصين: شنغهاي تستقبل أكثر من 9 ملايين زائر في الأيام الأربعة الأولى من عطلة عيد الربيع    المنتخب الوطني لأقل من 14 سنة يجري تجمعا إعداديا بسلا    الجمعية المغربية لدعم إعمار فلسطين تجهز مستشفى الرنتيسي ومستشفى العيون باسطوانات الأكسجين    أولياء التلاميذ يؤكدون دعمهم للصرامة في محاربة ظاهرة 'بوحمرون' بالمدارس    مؤسسة طنجة الكبرى تحتفي بالكاتب عبد السلام الفتوح وإصداره الجديد    تفشي "بوحمرون" في المغرب.. أرقام صادمة وهذه هي المناطق الأكثر تضرراً    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    محاضرة بأكاديمية المملكة تُبعد نقص الذكاء عن "أطفال صعوبات التعلم"    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عقل إشهاري عربي معطوب .. : الفراش يلفظ الكتاب حفاظا على الطاقة !

دعما لحملة حكومية حول اقتصاد الطاقة في بلد عربي يعاني من عجز فادح في القطاع، تفتقت عبقرية العقل الاشهاري عن إنتاج لقطة تلفزيونية صادمة روجتها بقوة إحدى القنوات الفضائية العربية. اللقطة بلهاء للغاية، ذلك أن العقل الإشهاري المعطوب لم تسعفه مخيلته، في سعيه لدعوة الناس إلى الكبس على أزرار الكهرباء بمنازلهم، سوى في إنتاج المشهد التالي: غرفة نوم فسيحة، سرير مرتب بلحاف ناصع البياض، فوقه استلقت امرأة في كامل زينتها وهي ترتدي قميص نوم ناعم، ووسطه جلس رجل وعيناه شاخصتان بين دفتي كتاب.
محيا المرأة جامح لا يشي بإرهاق أو تعب، بل بتوثب للانغماس في اللحظة الحميمية. في المشهد الصامت، تبتسم المرأة للرجل. تأخذ الكتاب من بين يديه لتضعه جانبا.
تطفئ نور مصباح غرفة النوم لتندس والرجل في الفراش .. الفراش الذي يلفظ الكتاب حفاظاعلى الطاقة! غلطة الشاطر بألف كما يقال. غلطة من عيار ثقيل كهذه، أسقطت الخطاب الإشهاري القاحل في مطبات محاربة العلم وتكريس الجهل، وجعلته يخدش نقاء تلك القاعدة الذهبية التي أنارت عقولنا وقلوبنا منذ نعومة أظافرنا. قاعدة ( العلم نور، والجهل ظلام ).
الكارثة أن الأمر يحدث في زمن تعج فيه المنطقة العربية بجيوش مجيشة من الأميين (نحو مائة مليون أمي في صفوف ساكنة تناهز335 مليون نسمة، حسب تقارير المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم - الألكسو).
في اللقطة الاشهارية، يزيح الظلام (الجهل) النور (العلم)، لتعم طمأنينية متوهمة ومضللة. طمأنينية الخلود للنوم وتجنب الإصابة بوجع الرأس جراء القراءة تحت ضوء المصباح الكهربائي، تلك الممارسة المخزية الضارة بالاقتصاد الوطني! هنا إعلاء صريح لشأن النوم - الراحة، وخنق سافر لجذوة المعرفة. الأدهى من ذلك أن فعل وقف القراءة في اللقطة ذاتها جرىبسهولة متناهية، فالرجل الجالس فوق السرير لم يكن يأخذ الكتاب بقوة. لقد استسلم طواعية لأمر ترك الكتاب واحتضان الظلام. هكذا، يكرس خطاب إشهاري فاقد لروح الخلق والإبداع، فكرا ذكوريا فجا يقوم على الاستدراج. هنا الأنثى الدلوعة المثيرة تسقط الذكر في شباك الرغبة وتثنيه عن شغف المعرفة، والرجل مطواع، مستكين ومستسلم لفعل الغواية.
دون التفكير في بدائل، أفتت بلاهة الخطاب إياه بوقف فعل القراءة بكبسة زر تحججا بالسعي إلى تحقيق هدف نبيل (كبح هدر الطاقة). ألم يكن من الأصوب والأجدى، مثلا، إبقاء اللقطة الإشهارية على فعل القراءة على ضوء شمعة أو قنديل (...) بعد إطفاء نور المصباح الكهربائي؟، أو الاستغناء كليا عن مشهد المطالعة وإبداع مشاهد أخرى تحذر من «فداحة» إضاعة الوقت وهدر الطاقة، من قبيل لعب الورق أو مشاهدة التلفزيون ليلا...؟ « الطاقة ثمينة، حافظوا عليها»، هكذا يقول منطق الاقتصاد، إلا أن تكريس هذا الشعار على حساب المعرفة لا يعدو كونه ضربا من ضروب الجهل والعماء.. لقد اكتسح التلفزيون البيوت وتوارى منسوب القراءة، وجاء الإشهار ليستكمل حلقة الإجهاز هذه.
نزق عقل إشهاري كهذا يجعلنا نترحم على أيام مضت، ونرجع بذاكرتنا إلى المنابع الأولى الأكثر صفاء، إلى زمن الطفولة الجميل، حين كان آباؤنا يعاتبوننا على السهر في القراءة ويأمروننا بإطفاء مصابيح الكهرباء بغرفنا، لا حفاظا على الطاقة بل رحمة بعيوننا الرخوة وأجسادنا الغضة.
كان شغف القراءة الآسر يدفعنا للإنتفاض على الأوامر الأبوية الناهية. ومن أساليبنا الماكرة في ذلك، التسلل إلى أسطح منازلنا للاستعانة بالأنوار التي كانت تسطع من المصابيح الكهربائية المثبتة على أعمدة شاهقة بالشوارع.
(العلم نور، والجهل ظلام)، ذاك ما استوعبناه ودرجنا عليه منذ أن كنا نهرول فرحين نحو كتاتيبنا القرآنية مع بزوغ أول خيط من ضوء الصباح.. تلك الكتاتيب المؤثثة بحصائرها وألواحها الخشبية ورائحة الصلصال المنبعثة منها، التي دربتنا على الحفظ والكتابة (...)، وأججت لدينا دهشة الاكتشاف في رحلة معرفية مفعمة بالأنوار. رحلة لم تضرب حسابا قط لعبء أو هاجس الاقتصاد في الطاقة (الجسدية والكهربائية حتى!).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.