في العقد الأخير فرض مركز التنمية لجهة تانسيفت نفسه كواحد من أهم المؤسسات المدنية الوازنة بمراكش، بفعل مبادراته التنموية المشهود لها بكفايتها و قوتها و نجاعتها الميدانية، وبفعاليتها التنظيمية التي تعبئ طاقات مهمة بخبرات كبيرة لصالح تنمية المدينة و الجهة. تأسس المركز بتاريخ 25 أبريل 1998 وهو جمعية مستقلة من أهدافها الأساسية: المساهمة في حركة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية داخل مجالها الجهوي «مراكش تانسيفت الحوز». ويطمح لأن يكون فضاء متميزا منفتحا على الطاقات والفعاليات الجهوية و التي بإمكانها أن تساهم في تقديم تصورات ومقترحات في إطار مشاريع نموذجية، وأن يكون قوة اقتراحية داخل الجهة. وبفعل حضوره المتميز ومساهمته النوعية، حصل المركز على صفة المنفعة العامة بتاريخ2006. في هذا الحوار يتحدث أحمد الشهبوني رئيس مركز التنمية لجهة تانسيفت عن خلاصات سلسلة اللقاءات التي نظمتها الجمعية حول سؤال: مراكش إلى أين؟ ومن ضمنها معضلة السير بالمدينة، والتنمية الثقافية ومشكل التطور العمراني والهشاشة طرح مركز التنمية لجهة تانسيفت مؤخرا سؤال « إلى أين تسير مراكش؟» ماهي دواعي انشغالكم بهذا السؤال ؟ في إطار مساهمة مركز التنمية لجهة تانسيفت في النقاش العمومي حول قضايا المدينة، وتبعا للدراسة التي أنجزها سنة 2007 حول «جودة الحياة بمدينة مراكش» والتي تم فيها استقصاء آراء عينة تمثيلية لسكان مراكش حول أهم القضايا التي تتعلق بحاضر ومستقبل المدينة، نظمنا ملتقيات محلية حول ثلاث قضايا رئيسية تتعلق بآفاق تطور مدينة مراكش، الملتقى الأول المنظم يوم 5 مارس 2009 والمخصص لمحور السير والجولان بالمدينة، استهدف فتح نقاش حول قضية أصبحت تؤرق ساكنة وزوار مراكش في السنوات الأخيرة، نظرا للتوسع العمراني الذي شهدته من جهة، ونظرا للارتفاع في حظيرة العربات والدراجات التي تتنقل بين مختلف الأحياء دون احترام الضوابط التنظيمية، في أغلب الأحيان، كتحديد أوقات مرور شاحنات توزيع المواد الغذائية والسلع، أو استعمال عربات مجرورة بواسطة دواب، أو التوقف العشوائي لسيارات نقل الأشخاص في قارعة الطريق، إلى غير ذلك من المظاهر التي تتسبب في عرقلة السير ووقوع حوادث بالإضافة لما أصبحت تعرفه بعض الشوارع وملتقيات الطرق من نسب مرتفعة للغازات الملوثة، التي لها آثار سلبية على الصحة العمومية. في نفس الإطار، طرحتم كذلك مسألة الهشاشة بالمدينة الحمراء. نعم الملتقى الثاني خصص لولوجية الخدمات الاجتماعية بالنسبة لساكنة المدينة، وخاصة الفئات الهشة من أجل الوقوف على ما حققته مدينة مراكش كإنجازات، فيما يتعلق بتوفير خدمات اجتماعية ولوجة وفعالة، وكذلك الخصاص الملاحظ سواء فيما يتعلق بالربط بالماء الشروب والكهرباء والصرف الصحي، أو الحماية الاجتماعية للفئات الهشة من فقراء ومعاقين وأطفال مشردين، أو التمتع بالحق في التعليم الجيد والتطبيب الولوج...الخ. كل هذه المواضيع شكلت محاور الملتقى الثاني الذي يسعى المركز من خلال تنظيمه لإثارة انتباه المواطنين أولا، ومجموع الفاعلين المؤسساتيين والمجتمع المدني، إلى أن لا تنمية مستدامة دون منظور استراتيجي لواقع وآفاق تطور المدينة، تنخرط فيه كل المكونات، ويأخذ بعين الاعتبار استفادة كل فئات المجتمع من الخدمات الحضرية ويثمن الموارد التي تشكل رصيدا مشتركا للساكنة أولا، وللجميع، كما هو حال المواقع المصنفة تراثا للإنسانية. بمعنى أن الثقافة تدخل كمكون استراتيجي للتنمية المتكاملة والمستدامة ؟ بالطبع، ولذلك خصصنا الملتقى الثالث لإعطاء الانطلاقة لإعداد استراتيجية للعمل الثقافي بمدينة مراكش وجهة تانسيفت، يسعى المركز من خلال تنظيمه إلى الوقوف على وضعية التنشيط الثقافي بمختلف أحياء المدينة، وأيضا تشخيص وضعية المؤسسات الثقافية، وتحديد مدى مساهمتها في توفير فضاءات تنهض بطاقات الشباب والأطفال إناثا وذكورا، ودوي حاجات خاصة دون استثناء. ويشكل هذا الملتقى لبنة أولى في أفق بناء استراتيجية ثقافية للمدينة خاصة، ولجهة مراكش تانسيفت الحوز بشكل عام، ينخرط في تفعيلها النخب والمثقفون، بتعاون مع المتدخلين المؤسساتيين من مجلس جماعي ومجالس المقاطعات والمديرية الجهوية للثقافة، ومؤسسات التربية والتكوين، ومجتمع مدني، وفاعلين اقتصاديين، من خلال تشجيع كل الأشكال التعبيرية الأدبية والفنية والعلمية والتكنولوجية. لنعد لمعضلة السير والجولان التي تشكل محنة حقيقية لسكان مراكش وفي كل لحظة من يومهمم .. نعم، فمراكش تعرف منذ عشر سنوات نموا سريعا بسبب عوامل كثيرة من بينها : التزايد المطرد للسكان، سواء منهم المحليون أو الأجانب. فمدينة مراكش تضم ما يقارب عشرين ألفا من الفرنسيين، يقيمون فيها بصفة دائمة أو مؤقتة، والتطور السياحي الذي تعرفه المدينة وجهتها، بحيث تمثل الوجهة السياحية الأولى للمغرب باستقبالها ما يقارب خمسة ملايين زائر سنويا، بالإضافة إلى العدد المتزايد من المغاربة الذين أصبحوا يأتون للإقامة بالمدينة، وخصوصا بعد فتح الطريق السيار بين مراكشوالدارالبيضاء. يضاف إلى ذلك مشاريع التعمير الكبيرة التي باشرتها كل من الدولة والخواص، والتي ساهمت في التطور الذي عرفته المدينة. غير أن ارتفاع عدد السكان وعدد زائري المدينة رافقه تزايد كبير في حركة السير، حركة تضاعفت حدتها بسبب ارتفاع عدد السيارات الفردية. هذه الظاهرة التي ترجع إلى التحسن في مستوى العيش وإلى التسهيلات في الوصول إلى القروض، وإلى توفر سيارات بأثمان مختلفة. وفي هذا الإطار توجد بمراكش مائة وعشرون ألف سيارة، يضاف إليها سنويا ستة آلاف سيارة جديدة تقريبا، وهو ما يمثل زيادة تصل إلى أربعة في المائة سنويا. بمعنى أن مراكش تدفع ثمن تطور غير مضبوط؟ هذا التطور الذي تعرفه مدينة مراكش له طبعا سلبياته، فقد ارتفع ثمن الدور والأراضي بنسب كبيرة جعلت الوصول إلى امتلاك سكن أمرا يزداد صعوبة بالنسبة لفئات واسعة من السكان. كما أن المدينة أصبحت تعرف مشاكل متزايدة في تنظيم السير بالمدار الحضري، بحيث يسجل ازدحام كبير في أهم شوارع ومدارات المدينة، ازدحام يزداد حدة في العطل المدرسية والأعياد وخلال فصل الصيف. أما الشوارع الأكثر تأثرا فهي شوارع الزرقطوني، الحسن الثاني، عبد الكريم الخطابي، محمد الخامس، طريق الدارالبيضاء، طريق أكادير، طريق آسفي إلى حدود سيدي غانم، طريق تاركة، بالإضافة إلى بعض المدارات مثل مدار شارع آسفي، مدار فندق مراكش، ومدار محمد الخامس . ربما يرتبط ذلك أيضا بمشكل التعمير؟ يمكن القول إن المشاكل قد ازدادت تفاقما بسبب نموذج التعمير الذي تم اعتماده بالمدينة في السنوات العشر الأخيرة. فقد تم تشييد عمارات كثيرة مكان المساكن الفردية في أغلب الأحياء بوسط المدينة، هذه العمارات التي جعلت الكثافة السكانية تتضاعف خمس مرات. كما ساهمت الطرق الضيقة وغياب المرآب في قبو العمارات في هذا التفاقم. إن مشاكل السير مرشحة للتطور أكثر بالعلاقة مع المشاريع السكنية الكبيرة التي توجد في طور الإنجاز بالمدينة والتي تهم طاقة إيوائية جديدة بما يناهز 400 ألف ساكن. لا شك أن هذا الواقع يمس بجودة الهواء بمدينة كانت مثالا للهواء النقي .. ذلك هو المؤسف حقا. فقد بدأت جودة الهواء بمدينة مراكش تتأثر وتعاني من هذه الوضعية. ففي إطار حملة القياس التي تم إنجازها في مايو 2006 برعاية من مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، تم تسجيل مقادير للمواد السامة (NO2 /NO/SO2/CO2/SO2/CO/O3 NOX / ، مواد عالقة في الهواء) هذه المقادير لا تزال أقل من معايير المنظمة العالمية للصحة. أما بالنسبة للأوزون فإن تركيزه CONCENTRATIONS يفوق هذه المعايير، وهو ما يفرض درجة عليا من اليقظة في موضوع جودة الهواء. وقامت جمعية علوم الحياة والأرض وهي جمعية تشتغل في مجال البيئة بتحليلات لمقادير المعادن الثقيلة على أوراق الأشجار وعلى التربة، وسجلت معدلات تتجاوز المعايير. إن العدد المرتفع للآليات والحالة المتقادمة للعدد الكبير منها، بالإضافة إلى طبيعة المحروقات، ستقود في المدى المنظور، ولا شك، إلى تردٍّ متزايد لجودة الهواء بمراكش. من الملاحظ أن مراكش هي عاصمة الدراجات بالمغرب، ومع ذلك لا نجد موقعا لها في تصميم الطرق؟ مراكش تمثل رمزا للدراجات، حيث يوجد بها ما يقارب 170.000 دراجة نارية و40.000 دراجة عادية، كما يظهر من دراسة مخطط التنقل الحضري. ولكن غياب ممرات خاصة بالدراجات، يؤدي بأصحابها إلى استعمال نفس الطريق إلى جانب السيارات، مما يؤدي إلى الازدحام ، والى ارتفاع خطر الاصطدامات، وبالتالي الحوادث. وفعلا ، فمدينة مراكش تتوفر على الرقم القياسي في حوادث السير، حيث تم تسجيل 2.800 حادثة سنة 2008، أي بمعدل حوالي 6 حوادث في اليوم. إن غياب الحس المدني وعدم احترام قوانين السير يساهمان بلا شك في هذه الوضعية. ووسائل النقل العمومي التي عرفت تطورا ملحوظا منذ تفويتها إلى القطاع الخاص تنقل ما يقارب 150.000 شخص يوميا، وهو رقم لا يمثل سوى ثلث الأشخاص الذين يصلون يوميا إلى المدينة، مما يعني أن استعمال السيارة الفردية لا زال هو الوسيلة المهيمنة في التنقل داخل المدينة. ولهذا ولمواجهة هذه الوضعية، واستجابة للانشغالات المتزايدة لساكنة مراكش بما تمثله إشكالية التنقل بالمدينة من معاناة لا تزداد إلا حدة، فإن مركز التنمية لجهة تانسيفت، باعتباره فاعلا في المجتمع المدني، وضع من بين أولوياته واهتماماته، إثارة نقاشات حول القضايا المهمة والحساسة التي تهم حياة كل الجهة، في أفق المساهمة في تطورها على المستوى الاقتصادي، الاجتماعي والثقافي . وفي سياق أنشطته المتعددة، فإن مركز التنمية لجهة تانسيفت يعتزم الاستمرار في أبحاثه ودراساته حول مدينة مراكش، وذلك بتنظيم يوم دراسي حول الوصول إلى الخدمات العمومية بالنسبة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك خلال شهر مارس الحالي . بالإضافة إلى تنظيم أسبوع للتنشيط الثقافي خلال نفس الشهر. و اعتبارا لأهمية جودة الهواء، ودوره الرئيسي في جودة الحياة عموما، تساءلنا عن الإجراءات التي تعتزم المدينة اتخاذها لمحاربة التلوث. وما هي الإجراءات التي ينبغي اتخاذها للتخفيض من حوادث السير، وبالتالي لدفع مختلف مستعملي الطريق إلى التحلي بالروح المدنية؟ إذ من اللازم التسلح برؤية تستشرف المستقبل، نظرة نعتبرها ضرورية للتحكم في آفاق تطور المدينة من خلال تحديد وضبط الخطوات الملموسة التي يجب اتخاذها بهدف مرافقة هذا التطور. لذلك فمن المفيد تسليط الضوء على أهمية موضوع السير على المدى البعيد وانعكاسه على حياة السكان والوقوف على طبيعة استعداد المدينة لاستقبال حركة سير ب 200.000 سيارة في حدود 15سنة المقبلة، إضافة إلى حركة السير الإضافية التي يمثلها زوار المدينة من الأجانب والمغاربة و الذين يتوقع أن يصلوا إلى حدود 10 ملايين شخص سنة 2025. فهل قامت مخططات الإعداد الحضري للمدينة بإدماج حركة السير بهذا الحجم ضمن تصوراتها؟ و كيف ستقوم المدينة بإدماج الدراجات النارية والعادية باعتبارها وسيلة التنقل المهيمنة في مراكش ضمن سياسة الإعداد الحضري للمدينة؟ ما هي السياسة التي يتم إعدادها للمستقبل في مجال النقل بمراكش؟ وهل سيتم إعطاء الأسبقية لنظام النقل العمومي أم بالمقابل سيتم تفضيل وسيلة النقل الخاصة؟ وما هي الأوراش التي تعتزم المدينة فتحها في هذا الاتجاه . بالطبع طرحتم سؤال البدائل كذلك ؟ في هذا الإطار يمكن القول إن عشر سنوات فترة كافية لتقييم النتائج المترتبة عن تفويت النقل الحضري العمومي للخواص، والنظر في الإمكانيات المتاحة لتحسين وتطوير هذا القطاع، فما هي الأهداف المستقبلية التي حددها المسؤولون في مجال الأعداد المحتمل نقلها بالمدينة بواسطة النقل العمومي؟ ذلك ما سيلقي عليه الضوء ممثل شركة الزا. علما بأن كلفة مثل هذه الاستثمارات هي كلفة tramway هل تعتزم المدينة اعتماد وسائل نقل جماعية حديثة؟ أم أن هناك عتبة دنيا من المسافرين لا بد من تجاوزها حتى يصبح للمشروع مرودية على المدى البعيد ؟ وماذا عن التنمية الثقافية بمراكش؟ السؤال الرئيسي المطروح هو: أية استراتيجية للتنمية الثقافية بمراكش والجهة ؟ سؤال ارتأينا في مركز التنمية لجهة تانسيفت أن نجمع حوله فاعلين عموميين وخصوصيين ومثقفين ونشطاء بالمجتمع المدني، من أجل تدارسه وتبادل المعطيات ووجهات النظر حوله لتدشين دينامية نأمل أن يتمخض عنها ما هو مأمول ومنتظر لصالح هاته المدينة، وهذه الجهة، في شتى مناحي ومجالات التنمية الثقافية المتنوعة والمتراكبة... لكن ماهي مبررات طرح هذا السؤال وبهذه الصيغة بالضبط؟ إن طرحنا لهذا السؤال ودعوتنا للمتدخلين والمعنيين به قصد التداول بشأنه ينطلق من قناعاتنا في مركز التنمية لجهة تانسيفت بأن التنمية في المجال الثقافي لا تقل أهمية عن التنمية في باقي المجالات، بل هي مدخلها الأساسي.... فلا مدينة بدون ثقافة المدينة، ولا تنمية بدون سيادة ثقافة وقيم التنمية... كما أننا نعتبر أن لا مفاضلة بين مجالات الفعل التنموي (سياسي، اجتماعي، اقتصادي وثقافي) فإننا نعتبر أيضا أن لا مفاضلة في الحقل الثقافي بين الفعل في مجالات الفكر أو الإبداع الأدبي أو الفني... فكل ذلك يستهدف تأهيل العامل البشري والرفع من قدراته وكفاءاته؛ فالإنسان هو وسيلة التنمية وغايتها في نفس الآن. كما ننطلق في ذلك أيضا من كون التدخل والفعل التنموي في مجال ما يتطلب أكثر من مختص ومتدخل؛ فتنمية الكتاب مثلا لا ترتبط فقط بالكاتب أو المفكر أو المبدع، وإنما أيضا بالمطبعي والناشر والموزع، والقارئ أيضا، ومؤسسات الثقافة والتربية و التكوين والمصالح الحكومية منها والمنتخبة المعنية بالمجال... وقس على ذلك في مجالات الموسيقى والتشكيل والمسرح والسينما... قصدنا إذن، أنه بالرغم من تعدد المتدخلين والمعنيين والفاعلين، فإنهم يشكلون، كل من موقعه، وحدة واحدة معنية بالشأن الثقافي، يتوجب بالتالي العمل على مد الجسور بين مكوناتها والتنسيق بينها من أجل فعل تنموي ثقافي تشاركي متكامل ومنسجم. إن السؤال الذي ارتأى مركزنا طرحه إذن هو سؤالنا جميعا: إنه سؤال الجهات الوصية أو المعنية بالثقافة في المديريات الجهوية المسؤولة عن الثقافة والشباب... فأي تصور لديها للعمل الثقافي بالمدينة والجهة؟ وما هي الإكراهات التي تواجهها؟ وما هي انتظاراتها من باقي المعنيين والفاعلين الثقافيين؟ إنه أيضا سؤال المجالس المنتخبة وموقع البعد الثقافي في برامجها ومخططاتها الإستراتيجية ودورها في التحسيس بما يمكن نعته "بثقافة المدينة" التي نطمح بأن تتجسد بيئة ومنشآت و عمرانا ومسلكيات وهو سؤال الجامعة والأكاديمية كمعنيين بصناعة مستقبل المعرفة والأجيال وإنتاج القيم الفكرية والثقافية لربح رهان التنمية وسؤال المعنيين بالصناعة السياحية، فما النصيب المخصص للسياحة الثقافية من هاته الصناعة ذات الأولوية في مدينتنا؟ وما البنيات، وما الموضوعات المقترحة لسياحة ثقافية، وما كفاءاتها وكفاياتها البشرية؟ أية إستراتيجية ثقافية لمراكش؟ هو سؤال جمعياتنا أيضا، بتنوع اختصاصاتها، وأهدافها، ومجالات تدخلها، هو سؤال التنسيق الغائب، والإمكانيات المحدودة... والسؤال نفسه يعني فيمن يعنيهم، كل المختصين في صناعة الكتاب من ناشرين وموزعين وكتبيين... بل يعني كل مهتم بإعادة التخليق لمجتمع كان يعد من عقود ثلاثة أو أربعة من المجتمعات القارئة... متراجعا عما كان، ليصبح مجتمعا متدني المقروئية حيث لا يتجاوز معدل حصة القراءة السنوية لأفراده ست دقائق في مئات الأيام.... وحيث الكتاب الواحد المفرد ل 000 12 شخص.... وهو سؤال المكتبات العامة والإعلام الوطني والجهوي أمام تحديات العولمة الثقافية، وتدفق المعلومة، وتعدد الوسائط... الخ. وهو سؤال أرباب القاعات السينمائية وقاعات العرض التشكيلي ودور الشباب والمسارح والمتاحف والبعثات الثقافية... بل هو سؤال الرأسمال المستنكف عن الاستثمار في الثقافة رغم بعض الجهود التي تستوجب التنويه. وهو إذن سؤال كل المهتمين بمجالات الفنون التشكيلية، والسمعية البصرية، وضمنه السوق والضرائب والعرض والطلب...