تعهدت الحكومة من خلال توقيعها على الميثاق الوطني للاقلاع الصناعي، يوم الجمعة بالقصر الملكي بفاس، بتنفيذ 111 إجراء تصب كلها في تأهيل النسيج الصناعي الوطني ليصمد أمام التحديات التي فرضتها الأزمة العالمية من جهة وليرفع من مساهمته في الناتج الداخلي الخام ب50 مليار درهم إضافية من جهة أخرى. الميثاق الذي جاء على شكل برنامج تعاقدي بين الدولة والقطاع الخاص، يمنح رؤية استراتيجية واضحة ترسم بدقة الأهداف الكبرى التي ينبغي الوصول إليها في أفق 2015، كما تضع بنفس الدقة آليات التفعيل الموكولة إلى الدولة (بوزاراتها التسع) وهو ما سيكلفها غلافا ماليا يناهز 12.5 مليار درهم ، كما يركز الميثاق على ضرورة انخراط القطاع الخاص ومعه القطاع البنكي في هذا المخطط المندمج للرفع من حجم الاستثمار في النشاط الصناعي بحوالي 50 مليار درهم. الاجراءات ال111 التي جاء بها البرنامج يمكن تقسيمها إلى3 أقطاب رئيسية ينصب أولها على المهن الدولية للمغرب، ويتعلق الأمر بقطاعات ترحيل الخدمات (الأوفشورينغ) والسيارات وتجهيز الطائرات والالكترونيك، وقد خصها البرنامج ب28 إجراء لجلب أكبر عدد ممكن من المستثمرين إليها، بحكم التميز الذي يستطيع المغرب تحقيقه في هذا المجال (القرب إلى الأسواق الأوربية، انخفاض كلفة التشغيل..إلخ). و بالإضافة إلى هذه المهن الحديثة جاء البرنامج ب28 إجراءا آخر للدفع بقطاعيه التقليديين: النسيج والصناعات الغذائية بغرض مضاعفة قدراتهما التصديرية، وتتعهد الدولة في هذا الجانب بمصاحبة المقاولات التي تبدي فعالية أكبر في تطوير منتجاتها التنافسية وكذا تلك التي ترغب في الاسثمار في الصناعات الغذائية الأكثر مردودية. ثاني الأقطاب التي ركز عليها البرنامج تتعلق بالرفع من تنافسية المقاولات الصغرى والمتوسطة، حيث تم تسطير ترسانة من آليات الدعم والمساعدة و تحفيز الأبناك على مصاحبة هذه المقاولات من نشأتها إلى أن يشتد أزرها، وذلك عبر مدها بمساعدات عمومية مباشرة من خلال برنامجي امتياز ومساندة. أو عبر الرفع من اعتمادات الصناديق الاستثمارية المدعمة للمقاولات الأكثر صلابة. وتسهيل الولوج إلى القروض البنكية. ونظرا لما يحتاجه هذا القطب من تأهيل وتكوين في الموارد البشرية، فإن وزارة التشغيل وحدها سطرت مخططات موازية لمصاحبة هذا البرنامج، خصوصا لسد الحاجيات التي سيتطلبها نمو المهن الدولية للمغرب، وسيتم انجاز هذه المخططات التكوينية بشراكة مع الفاعلين الصناعيين مباشرة، الذي سيساهمون في إنشاء معاهد متخصصة بكلفة تناهز 340 مليون درهم، كما ستعمد الدولة إلى منح مساعدة مباشرة للتكوين من أجل التشغيل والتكوين المستمر في 4 قطاعات هي السيارات ، الطائرات،الالكترونيك والأوفشورينغ، وتتوقع وزارة التشغيل أن يكلف هذا البرنامج بين 2009 و2012 ما مجموعه 1.5 مليار درهم. هذا دون الحديث عما ستساهم به وزارة التعليم العالي بدورها في مجال التكوين والبحث العلمي الخاص بهذا البرنامج التعاقدي. هذا الأخير لم يغفل كذلك ضرورة تحسين وضعية المغرب في الترتيب الدولي لمناخ الأعمال بمعالجة جميع النواقص التي كانت تجر المغرب إلى مراتب متأخرة في هذا المجال. وعلى مستوى خلق المحطات الصناعية المندمجة، واصل هذا البرنامج دعمه لنفس الأفكار التي جاء بها مخطط الانبثاق في نسخته الأخيرة، حيث تم تسطير مجموعة من الإجراءات لتيسير خلق هذه المحطات بمختلف الجهات وتعميمها قدر الامكان للتغلب على المشاكل التي يطرحها ضعف أو انعدام الرصيد العقاري/الصناعي. وحتى لا يبقى هذا البرنامج بالتزاماته المتعددة حبرا على ورق، تم إرفاقه بمسطرة مدققة لتتبع مراحل تنفيذه، سواء بواسطة الجهاز التنظيمي الخاص الذي سيحدث للمتابعة المالية لمختلف أشواط الانجاز أو بواسطة المرصد الذي سيتم تكليفه برصد الصعوبات التي قد تعرقل أداء هذه «الماكينة» الضخمة.