من يسيرالدار البيضاء؟ من يدبر أمورها ؟ من يتحكم في قراراتها؟ أسئلة سنحاول الإجابة عنها من خلال وقائع خمس سنوات من التدبير في هذه المدينة، سيتضح أنها سريالية ولن «يقشع» فيها أي عالم من علماء مدارس التدبير في العالم! سنحاول أن نعطي نماذج قرارات لم تنفذ ، وقرارات تعاكسها أخرى في ظرف لا يتعدى ثلاثة أيام... الآن تقوم سلطات عين الشق بتنفيذ قرار لا يعلم أحد من اتخذه ، والمتمثل في هدم «الزليج» المؤثث للشوارع ، وتضع مكانه «الزفت». من لم يعجبهم ذلك من المواطنين اتصلوا بمجلس مدينة الدار البيضاء، المقرر الرئيسي في شؤون الدارالبيضاء ، فتبرأ مما يجري هناك ونفى مسؤول به أن يكون مكتب مجلس المدينة على علم بذلك. تعالت احتجاجات أرباب المقاهي، لأنهم معنيون بجمالية الشوارع التي تستقطب الزبناء، ولم يتوصلوا إلى حدود الآن بأي جواب من أية جهة، وكأن القرار وضعه الأشباح! بعد شكايات متعددة من طرف آباء وأولياء التلاميذ، الذين تضرروا من مقاهي الشيشا، بعد أن أصبح أبناؤهم من الجنسين القاصرون من روادها، أصدر الوالي السابق محمد القباج مذكرة من أجل محاربة الشيشا، فحدث لُبْس لدى بعض العمال مفاده : هل سينضبطون لمذكرة الوالي، أم سينضبطون للقانون الذي لا يمنع تداول الشيشا، فبدأت القرارات العشوائية، إقفال هذه المقهى وترك أخرى، وهو ما خلف امتعاضا وتذمرا لدى أصحاب المقاهي التي أدركتها الحملة، و«الحال، يقول متتبعون للشأن المحلي البيضاوي ، أن المسؤولين كان عليهم ، بكل بساطة ، أن يعاقبوا أصحاب المقاهي التي تستقطب القاصرين، فباعة الخمر في البلاد يبيعون الخمر لكنهم يمنعون القاصرين والقاصرات من الدخول الى محلاتهم...»! عندما تعرضت طفلة إلى عضة كلب «بيت بول » أدت إلى حد بتر رجلها ، أصدر ذات الوالي مذكرة تمنع هذا النوع من الكلاب من التجوال في المدينة ، لكن اللصوص تحدوا هذا القرار ، وزادت أعداد السرقة بواسطة هذا الكلب، الذي مازال يستعرض أنيابه في الشوارع أمام المسؤولين بمن فيهم الأمنيون! سلطات الدار البيضاء، بمعية الوزارة المسؤولة عن الشؤون الاجتماعية، أعلنت في زمن سابق، بأنها ستحارب المتشردين ولن تتركهم «يخدشون جمال المدينة»، تحركت «الفاركو» لمدة أسبوع، لكنها انهزمت أمام هذا الجيش من المتشردين والمتسولين الذين أصبحوا «يحتلون» شوارع المدينة بامتياز.. السلطات المركزية، وتنفيذا لأوامر الملك، قررت مع سلطات الدار البيضاء ومجلس مدينتها، أن تحارب الكاريانات وكلفت هذه العملية الدولة ملايير الدراهم، من أجل توفير مساكن لأصحاب البراريك، وبنيت المساكن فعلا، لكن البراريك مازالت قائمة في مختلف العمالات والمقاطعات باستثناء منطقة مولاي رشيد، التي حذفت منها آخر براكة قبل أشهر، واغتنى مقاولو تلك الأبنية وفوت بعضها بطرق غير صحيحة، ومازالت العاصمة الاقتصادية ترث القصدير.. مسؤولو الدار البيضاء أعلنوا في إحدى المرات بأنهم سيزرعون مليون شجرة ، وعقدت من أجل ذلك عدة اجتماعات ولقاءات، وأعطيت التعليمات كي تنخرط كل المؤسسات في هذه العملية، وخصصت ميزانية لذلك، لكن الأشجار لم تُزرع ، والتلوث البيئي ازدادت خطورته ... الأمثلة عديدة وكثيرة ، كلها تصب في اتجاه واحد ، وهو أن الدار البيضاء بدون «ضابط» ، ولا أحد يمسك بزمام أمورها، ليُترك هامش التحكم في بعض القرارات إلى اللوبيات من مختلف الاختصاصات لتتلاعب في شؤون الدار البيضاء كما يحلو لها ويتماشى مع مصالحها!؟