انتهى عهد «الحزب السري» ، لكن هناك بقايا منطق وفكر أراد دائما التحكم في الواقع السياسي > نحن أبناء الدولة البررة ولا نريد مواجهة مع دولتنا > شكيب بنموسى ليس من طينة الوزراء السابقين، ولا أتهم وزارة الداخلية كمؤسسة لن نرشح أكثر من 40 % من مجموع عدد المرشحين العلاقة مع أجهزة الدولة ، من خلال وزارة الداخلية مسألة الاستقالات من الحزب الانتخابات الجماعية القادمة قضية عزل بوبكر بلكورة من رئاسة المجلس البلدي لمكناس.. وقضايا سياسية أخرى راهنة ... إنها محاور حديث عبد الإله بن كيران ، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية لجريدة «الاتحاد الاشتراكي »... أستاذ عبد الإله بن كيران ، نبدأ من خبر الإعلان عن استقالة جديدة من صفوف حزبكم في الناضور، وقبيل أيام كان الحديث عن استقالات من تنظيمكم الجهوي بمدينة صفرو .. ماذا يحدث بالضبط داخل حزب العدالة والتنمية؟ مايحدث داخل العدالة والتنمية هو أن بعض وسائل الإعلام قد أقسمت على أن تشوه صورة الحزب حتى تسوغ لنفسها زعما مفاده أن ليس في العدالة والتنمية ما هو مختلف عن الأحزاب الأخرى، فإذا كانت هناك استقالات من حزب فؤاد عالي الهمة، فهي تقع أيضا في حزب العدالة والتنمية، وإذا كان هناك بعض المنتخبين الفاسدين في هيئات أخرى فالعدالة والتنمية لاتند عن هذه القاعدة. لكن الاستقالات ، وكما هومعروف، مسألة عادية قي سياق دينامية الحياة الحزبية. وبالنسبة لنا عقدنا بعد المؤتمر، مؤتمرات جهوية ومؤتمرات إقليمية تجاوزت الستين ، وأمام هذا الزخم التنظيمي لابد من حدوث بعض المشاكل، وخاصة عندما يتعلق الأمر ببعض الأعضاء الذين لم ترقهم نتائج الديمقراطية الداخلية التي تتسم بالصرامة. وعلى العموم فإن عدد الاستقالات لم يتجاوز في صفرو تسعة أشخاص وفي الناضور أربعة. لكن ما أثار انتباهي هو انتقال عدد هذه الاستقالات من تسع حالات إلى 71 حالة مع التركيز الإعلامي على الأمر، وهذه ملاحظة غريبة ومدعاة للريبة والشك، وكأننا بجهة ما تترصد هذه الفرصة وتنتظرها. وفي هذا السياق أريد أن أشيرالى أن العدالة والتنمية نص في قوانينه الداخلية على حق الاستقالة ، ومادام هذا الحق منصوصا عليه فما الغرابة في أن يمارس هذا الحق؟ خلال ندوتكم الصحفية، وقبل قليل ، تتحدثون عن شكوك حول جهات ما تستهدف حزبكم، ماذا تقصدون بالضبط ؟ هل في ذهنكم صورة أوملامح لهذه الجهات؟ هذا سؤال مهم من طرف صحفي يمثل جريدتكم، وهنا سوف أوضح بعض الأمور. فمنذ تولي الحسن الثاني ، رحمه الله، الحكم إلى حين رحيله ، كانت هناك معركة بين تيار كبير داخل الاتحاد الاشتراكي ، واليسار عموما من جهة ، والنظام من جهة أخرى، وكانت الصراعات تدور حول صلاحيات الملك. وواجه النظام هذه الصراعات بالتحكم في الحياة السياسية بشكل عام، والتحكم في الانتخابات بشكل خاص، وذلك من خلال ما كان يطلق عليه السي عبد الرحيم بوعبيد ( الحزب السري) ، وفي تلك الفترة كان هذا (الحزب السري ) يعبر عن نفسه بشكل واضح ، خاصة في عهد وزير الداخلية السيد إدريس البصري أو الوزراء الذين سبقوه. كيف كان تصوركم في خضم هذا النسق السياسي؟ بعد ما صوت الاتحاد الاشتراكي على دستور 1996، وبالمناسبة نحن لم يكن لدينا أي اعتراض على الدستور، اللهم بعض التحفظ الذي حصل عند الدكتور الخطيب رحمه الله، فهمنا أننا خرجنا من مرحلة النزاع حول صلاحيات الملك، ودخلنا في مرحلة يمكن أن تكون فيها الإصلاحات الدستورية نتيجة توافقات . وقلنا إن الخروج من منطقة الصراع والنزاع سوف يطلق ديناميكية جديدة تنعكس على مستوى الحريات ، وإرساء دولة الحق والقانون ، وتكريس الديمقراطية، ولكن ما الذي حدث؟ إذا كان المجال السياسي عرف انفراجا للأوضاع ، فإن الأمر يختلف على مستوى النفوذ ، فالذين سمحت لهم فترة الصراع بالتحكم في الدولة ومراكز القرار بدؤوا يشعرون أن نفوذهم يتقلص ، خاصة بعدما أصبح القرار يعود نسبيا إلى الوسط السياسي. وبالتالي أصبحت مصالح أولئك المتنفذين تتراجع ، وللحفاظ على ذلك الوضع والمصالح المرتبطة به كان لابد من محاولة اختلاق عدو حتى يتم تبرير الاستمرار في الضبط. ويقتضي هذا السيناريو البحث عن خصم ولم يجدوا إلا حزب العدالة والتنمية، ولكن هذه الخطة لا تستقيم ، لأن حزب العدالة والتنمية ليس هو الاتحاد الوطني للقوات الشعبية قي الستينات ولا هو الاتحاد الاشتراكي قي السبعينات ، ثم إننا لانريد الدخول في معركة مع الدولة . قلتم إن «الحزب السري» في الماضي كان يعبر عن نفسه بشكل واضح، هل يعني ذلك أن آلياته لم تعد واضحة اليوم؟ لا أعتقد بوجود «حزب سري» اليوم بالمعنى الذي تحدثنا عنه في السابق، ولكنني أظن أنه مازالت هناك بقايا فكر ومنطق يريد التحكم في الواقع السياسي ويروم ضبطه. ولا يفهم أصحاب هذا المنطق أن ديناميكية المشروعية الملكية التي يؤمن بها المغاربة ويدافعون عنها انطلاقا من قناعتهم، تغني عن آليات الضبط هذه. تلك الآليات التي كان لها مبرر في هذا النسق إلى حدود سنة 1996 . طبعا لن يتم التخلص من مخلفات الماضي بسرعة، ولكنني أعتقد أن ديناميكية التخلص من الماضي موجودة، بدليل أن هناك أشياء كثيرة تغيرت، فأنت تلاحظ أن هناك رجال سلطة يقبعون اليوم في السجون وأن لا أحد فوق القانون . لكن ذلك النفس الذي يريد أن يخلق الهلع و التوجس بين مكونات المجتمع السياسي والمؤسسة الملكية حتى يستطيع أن يزعم أنه هوالذي يضبط الإيقاع ويحصد مقابل ذلك مايسعى إليه من نفوذ وامتيازات، هذا هو الذي مازال موجودا. في نظركم ، من الذي يلعب هذا الدور بالضبط ؟ بكل صدق لاأعرف، هل يتعلق الأمر بشخص ، أو بمجموعة، أوبجهة ما . طبعا لدي بعض الشكوك، وفي بالي بعض الأسماء. من هي هذه الأسماء؟ لا أستطيع أن أعين، ولكن عندما غادر فؤاد عالي الهمة وزارة الداخلية اعتبرت أن ذلك مؤشر جيد ،لأن ذلك الرجل ما فتئ يتهجم علينا . لكن هل هو من وراء ما يحدث أو هو يتحرك في مجموعة؟ لست أدري، ولا أريد أن أتهم أحدا بطريقة مباشرة. وماذا عن السجال الذي بينكم وبين الداخلية؟ أنا لا أريد أن أتهم وزارة الداخلية كمؤسسة، لأن الوزير شكيب بن موسى ليس من هذا النوع، لكن هذا لا يمنع من وجود بعض السلوكات ، فتسرب خبر بلكورة من الداخلية إلى الصحافة وإفادة الوالي المفتش العام بأن تسريب الخبر هوالذي عجل بقرار العزل ، يجعلنا نخمن بأن جهات ما تشتغل في هذا الاتجاه. لنتحدث الآن عن قضية بلكورة، لجنة التفتيش قدمت تقريرا يفيد تورط هذا الرئيس في عدة اختلالات ، كيف تعالجون هذه القضية داخل أجهزتكم الحزبية؟ بالنسبة لقضية بلكورة، لقد طلبت من وزير الداخلية دراسة الملف ومنذ شهور، وقبل عشرين يوما ، وتحدث معي بعد ذلك عن مؤاخذات تعتبر عادية ، خاصة أن بعض القوانين لاتساعد على العمل ، وأضاف أن هناك نقطة تطرح إشكالا حقيقيا، وهي المرتبطة باستثناء متعلق بأرض وبرخصة بناء.وعندما بحثت في الأمر اتضح لي أن استثناء الأرض يعود إلى سنة 2002، أي خلال الولاية السابقة. ومجمل القول في ملف بلكورة أن فيه شبهة استغلال النفوذ، وعندما فاتحت بلكورة في الموضوع قال نحن على استعداد للذهاب إلى القضاء. لكن المفتش العام لوزارة الداخلية تحدث خلال ندوته الصحفية عن وجود ملف آخر لبلكورة يعود لسنة 2004؟ لاعلم لي بهذا الملف، ولكن لماذا سكتوا منذ ذلك الوقت؟ هل الأمر يتم حسب الوضع السياسي للمعنيين؟ لست أدري، المهم أنا رجل سياسي وأتحدث معكم في حدود ما قاله لي وزير الداخلية ، وهو أن الأمر لايعدو أن يكون مجرد شبهة استغلال النفوذ. قلتم إن ماحدث لحزبكم خلال الأيام الأخيرة هو حركات تسخينية في أفق الانتخابات القادمة، ماذا تقصدون؟ إن نجاح مؤتمرنا الأخير أعطى صورة جيدة عن الديمقراطية داخل الحزب، وعن طريقة تداول المسؤولية داخل الأجهزة بكل شفافية، وعودة الدكتور سعد الدين العثماني لتحمل المسؤولية داخل الأمانة العامة، واستكمال مؤتمراتنا الجهوية والاقليمية ، واستعدادنا الجيد للانتخابات القادمة، كل هذا جعل حزب العدالة والتنمية يبدو بصورة ايجابية قد تقلق البعض. وجرت الأقدار أن تقع أحداث غزة المؤلمة، فتفاعلنا معها مثل جميع الناس ، والسبب في ذلك هو حجم المعاناة التي عاشها الشعب الفلسطيني في غزة خلال أيام الحرب ،وتلك أحداث حركت الجميع، بمن فيهم بعض اليهود، وأيضا بسبب تقاسمنا مع المقاومة عدة أمور تتعلق بالمرجعية وعدالة وشرعية القضية، لكن هناك من قال إن تحركنا التضامني مع إخواننا في غزة قد يعود علينا بمكسب انتخابي، أو سنحصد من خلاله شعبية .وهذا ليس مسلما به، إذ علينا أن نلاحظ أن الدولة مؤسسة راسخة لن تتأثر بانتخابات محلية و حزب العدالة والتنمية لن يرشح أكثر من 40 %من مجموع الدوائر ، ثم إن نظامنا الانتخابي لايسمح لأي حزب أن تكون له الأغلبية في أي مدينة كبرى. إذن هناك عوامل متعددة و كافية لضبط الخريطة ، أما أن تقوم الآن حملة تسخينية ضدنا فهذه شبيهة بمن يصفع نفسه، لأن الأحزاب السياسية من مؤسسات الدولة، ونحن من الأبناء البررة للدولة، وفي جميع الحالات لن يصل حزبنا إلى تسيير مدينة من المدن إلا بالتوافق مع الأطراف الأخرى.