وصل عدد نزاعات الشغل بالدارالبيضاء الكبرى ، وفق آخر المعطيات الصادرة عن النشرة الإحصائية السنوية الجهوية، كما رصدتها المندوبيات الجهوية للشغل خلال سنة 2006، إلى حوالي 8510 حالة نزاع، وذلك في انتظار معطيات السنتين الأخيرتين التي لم تكشف عنهما بعد الدوائر المعنية. وحسب البيانات المتوفرة لدينا، فإن أعلى حالات نزاعات الشغل بالمجال الترابي للجهة، تم تسجيلها بعمالتي مقاطعات الدارالبيضاء أنفا ب 2158 حالة، وسيدي البرنوصي ب 2129 حالة، تليهما على التوالي عمالات مقاطعات عين السبع الحي المحمدي ب 1734 حالة، والفداء درب السلطان ب 454 حالة، ثم ابن امسيك ب 122 حالة، فيما يتراوح عددها بعمالة مقاطعات عين الشق الحي الحسني وإقليمي مديونة والنواصر من 10 الى 45 حالة. هذا ووفق ذات المصادر، فقد وصل عدد المطالب التي رفعتها النقابات على اختلاف توجهاتها لدى رؤساء المقاولات على صعيد الدارالبيضاء وحدها ، إلى حوالي 20683 مطلباً. وبخصوص التوجهات العامة الغالبة على الخطاب النقابي المطلبي، كمرجع نظر في توتر العلاقة الشغلية بمختلف تعبيراتها النضالية (وقفات احتجاجية، إضرابات إنذارية، اعتصام مفتوح ..إلخ...)، قالت مصادر نقابية عليمة، إن مطالب المكاتب النقابية والاتحادات المحلية والجهوية، لا تخرج في عناوينها البارزة، عن الدعوة إلى التطبيق السليم لمقتضيات مدونة الشغل، واحترام ما جاء به المشرع في هذا الشأن. هذا ولم يفت المسؤول النقابي الإشارة الى وجوب التمييز هنا بين ما أسماه بالمطالب القطاعية، والمطالب العامة التي تتقدم بها المركزيات إلى الحكومة وأرباب العمل خلال جولات الحوار الاجتماعي في محاولة منها لتذويب جليد الخلاف القائم بين طرفي الإنتاج الأساسيين. وبخصوص مظاهر النزاع الاجتماعي التي تشكل المقاولة الخاصة مجالا قطاعيا واسعاً لتصريف كافة مظاهر التجاوز لتشريع الشغل وحقوق الأجير بها من قبل عدد من المشغلين، كشفت المعطيات نفسها، بأن المطالب التي تمت تلبيتها من أصل 20683 مطلبا، لم تتجاوز في سقفها 12319 مطلباً، وهو ما يعني طبقا لذلك، بأن حوالي 8364 مطلبا نقابيا دخل بالاصطلاح النقابي «الباب المسدود»! هذا الوضع ، برأي عدد من المتتبعين للشأن النقابي، الناجم في نظرهم عن تعليق رؤساء المقاولات المعنية الاستجابة للمطالب النقابية التي يؤكد ذات الرأي، بشأنها، أنها تتعلق في معظمها بالحقوق الأساسية لمأجوري القطاع، قد يُدخل المقاولة في «متاهات» نزاع اجتماعي غير محسوب العواقب، يتحمل فيه المشغل، يقولون، النصيب الأوفر من المسؤولية في الجنوح نحو تعميق التصدع في العلاقة الشغلية بالمؤسسة، أكثر مما يعمل على احتواء التوتر وتجاوز مفاعيل الأزمة المؤسسة له في إطار حوار مسؤول وعلى أساس توافقي بين طرفي الإنتاج. إلى ذلك، كشفت ذات المصادر، بأن الدارالبيضاء الكبرى عرفت خلال نفس السنة، 75 حالة إضراب قطاعية، قدر عدد العمال المنفذين لها، حسب المندوبيات الجهوية للشغل، ب 16430 عاملا، ووصل عدد أيام العمل الضائعة جراءها إلى 147570 يوم عمل. هذا ويتبين من البيانات المتوفرة لدينا، بأن حصة أيام العمل الضائعة سُجلت بعمالة مقاطعات مولاي رشيد ب 108349 يوما، في حين لم يتجاوز عدد العمال المضربين، وفق ذات المصادر، 993 عاملا، كما أن مجالها الشغلي لم يعرف سوى الإعلان عن 7 حالات إضراب، وفي المقابل، تم تجنب 14 حالة إضراب معلن عنها. وجاءت في المرتبة الثانية من حيث عدد أيام العمل الضائعة بسبب الإضراب، عمالة مقاطعات سيدي البرنوصي ب 12778 يوما ، تليها عمالة مقاطعات عين السبع الحي المحمدي ب 9131 يوما ، ثم عمالة مقاطعات الدارالبيضاء أنفا ب 6604 ، فإقليم النواصر ب 5437 يوما متبوعا بعمالة المحمدية ب 4028 يوم عمل ضائع. لعل السؤال الكبير الذي يفرض نفسه هنا وانطلاقاً من معطيات النزاع الاجتماعي بالدارالبيضاء الكبرى، يتمحور حول ضحايا الطرد الفردي والجماعي والتوقيف والتسريح الجماعي للعمال، والمؤسسات التي تم إغلاقها بإرادة المشغِّل، وتلك التي عمدت إلى تخفيض ساعات العمل، والمتلاعبة منها بالتصريح لدى الضمان الاجتماعي. ولطالما أن الإجابة غير متوفرة، فإن حصيلة النزاع الاجتماعي تبقى هي الأخرى مبتورة وغير واضحة الصورة تماماً!