تأخذنا الكاتبة السورية سلوى النعيمي في جولة شيقة ومثيرة من خلال عودتها إلى الأدب الإيباحي في الثقافة العربية-الإسلامية. في هذا الحوار المتحرر من كل الطابوهات، تسلط الضوء على الأفكار التي تقول ب «قذارة» الجسد، وتؤكد أن «الجنس أحلى بلغتي العربية». هل ثمة شيء منك في كتابك «برهان العسل»؟ الراوية السورية تقول إنها مخلوق لغوي. ليس ثمة مشكل هوية، لأن لها علاقة وثيقة بثقافتها وعروبتها. أنا بدوري مخلوق لغوي، وأجدني بقوة في شخصية تلك الراوية.، لكن ما تحكيه شيء آخر. هل ستختلف قراءة كتابك إن كان القارئ رجلا أو امرأة؟ أنا لا أتحدث عن الرجال أو النساء، بل عن مصلحة الشباب في العالم العربي أو في أي مكان آخر، كفرنسا أو إيطاليا أو حتى في ألمانيا، وهي البلدان التي ترجمت كتابي إلى لغتها. وسبق لصحافي شاب من سوريا أن كتب ما يلي: «إن سلوى النعيمي تصالحنا مع أجسادنا». إن هذه الحرية الجنسية لم تسقط علي من السماء هكذا، بل هي مرتبطة بموروثي العربي-الإسلامي. وما كان من المتاح التوصل إلى تلك المصالحة بدون العودة إلى موروثنا. لو أنني ألفت كتابا يظهر فيه الجنس بلا سند أو مرجع، فإن أولئك الشباب سينظرون إلي وكأنني واحدة من أولئك المستشرقين الذين لا تربطهم بهم ولا بثقافتهم أية صلة. وهذا الرابط بين الحرية الجنسية والتعبير والتصرف من جهة وتاريخنا من جهة أخرى يظل أمرا ضروريا. إن حريتنا الجنسية تنتقل عبر اللغة والفعل. وكأنك تقولين بأن هذه الحرية تظل فعلا في الظل، لأن أولئك الشباب يقرؤون كتبك في الخفاء!! لا أعتقد ذلك، سأحكي لكم قصة لم يسبق أن حكيتها لأي أحد: قام صحفي بإرسال نسخة من روايتي عبر البريد الإلكتروني إلى صديقه، وطلب منه قراءتها. وعندما شرع صديقه في القراءة، دخلت أخته إلى غرفته، وسألته عما يقرأ، ثم طلبت منه أن سمح لها بقراءة الرواية حالما ينتهي منها. تردد ذلك الشاب قبل أن يستجيب لطلبها. يقول: «عندما انتهيت من قراءة آخر صفحة من الرواية، تركت الرواية مفتوحة على شاشة جهاز الحاسوب». لقد بدت لي ردة الفعل تلك قوية للغاية وذات دلالة. لقد حظيت الرواية بإعجاب كبير لدى فئة الشباب من 20 إلى 30 عاما، فالجميع عشق حياة تلك المرأة عشيقها. لقد كتبت: «لا علاقة بين وازعي الأخلاقي والقيم التي تحيط بي». حدثينا عن وازعك الأخلاقي، والقيم التي تحيط بك، وهل هي تلك التي تركت بدمشق أم تلك التي وجدت في باريس؟ قيمي هي تلك الموجودة بدمشق وباريس في نفس الآن. أما وازعي الأخلاقي، فهو أمر شخصي للغاية. في العالم العربي، يقال دوما إن الخطوط الحمراء موجودة ويجب ألا نتجاوزها. لي خطوطي الحمراء، لكنها ليست حيث يتوقعها أصحاب الرقابة. ما هو فاحشة بالنسبة لهم ليس كذلك بالنسبة لي، والعكس صحيح. هل تقصدين الجنس؟ المشاعر والأحاسيس هي الفاحشة، وليس الجنس. تقولين إن العربية هي لغة الجنس، فهل قراءة هذا الكتاب بالفرنسية أو الإيطالية أو الألمانية قد يجعلنا نفقد تلك النشوة؟ بالنسبة للراوية، فإن العربية هي لغة الجنس، لأن لغتها الأم هي العربية. والأمر كذلك لأن العرب حُرموا من لغة الحب التي تبدو لهم صعبة عند الحديث عن الجنس، ويجدون عكس ذلك عندما يتحدثون بالفرنسية أو الإيطالية. أنا أحاول إعادة النظر في اللغة العربية وجعلها لغة للجنس. الجنس أحلى باللغة العربية؟ هو كذلك لأن لغة الراوية هي العربية. ودون التذكير بأن العربية هي لغة الدين، فإن بعض الكتاب، المتفرنسين منهم، يعتقدون أنه لا يمكن الكتابة عن الجنس باللغة العربية. أما أنا فأقول إن الجنس أحلى بلغتي العربية. المسألة لا تتعلق بالتوفر على قاموس واسع، بل إن المغزى يكمن في تكوين علاقة حميمية مع اللغة. تبدو بعض الكلمات، كالمضاجعة دائما، أسهل في القول والكتابة في لغة أجنبية... هذا الأمر لا ينطبق علي. والدليل هو أنني كتبت تلك الكلمات، أليس هذا صحيحا؟ ثم إن هاته الكلمات أضحت مشاعة الاستعمال أكثر فأكثر. صحيح أنها تثير الخجل، لكنها موجودة على كل حال. ماذا عن الكلمات الناعمة؟ باللغة العربية! هل ثمة فقط كلمات ناعمة في الجنس؟ أجل. هل يمنح الإسلام الحريات بأكملها؟ لا يمكن أن أجيب بالإيجاب. فكل الأديان تحدد مجموعة من المحظورات. أنا أتحدث عن الإسلام كثقافة. لكن ألا تستعملين الإسلام لتمنحي نفسك انطباعا بالاطلاع الجيد؟ بالتأكيد لا، فتفكيري لائكي. إن الجنس الذي يقود نحو ارتقاء الروح لا يهمني. أنا أركز على الفعل البيولوجي الجسدي. تقولين إنه عندما تجتمع المرأة والرجل، يكون الشيطان ثالثهما. لست أنا من قال ذلك. بل هو عبارة عن قولة تحولت إلى مثل. الشيطان هو الرغبة والشهوة. ما الحل للتخلص من القلق الجنسي؟ عبر الثقافة. الراوية لم يكن لديها مشكل مرتبط بالهوية، لأنها تربطها علاقة متينة بثقافتها. وكلما كانت تعيش في محيط ثقافتها، كلما كان انفتاحها على باقي الثقافات أكبر. هذا أمر واضح. لقد تعرفت على الأدب العالمي من روسيا وأمريكا وإيطاليا وفرنسا واليابان... عبر ترجمتها إلى اللغة العربية. أنا أستقبل العالم عبر لغتي. إذن فاجتثاث الناس من وسطهم الثقافي أمر سلبي للغاية. عن مجلة «أفريك آزي»