الذين يولدون مع مطلع كل فجر، يولدون وقلوبهم الفتية مفعمة بحب الأرض، وحب الوطن، يولدون وفي قبضتهم مشاعل الضياء وعلى جبينهم خط الفجر الندي بأحرف نورانية: هؤلاء قاهرو الظلام! قاهرو الظلم والطغيان! هؤلاء رجال متيمون بالاصباح والاشراق! يبنون رجولتهم في صمت وعصامية ويكبرون، ويكبر معهم هم الأرض وهم الوطن! يتحركون في كل زمان ومكان فرداى وجماعات وبعفوية ينتفضون، يتأهبون كلما أحسوا بخطر يتهدد تربة الأرض وسيادة الوطن، مسترخصين أرواحهم غير عابئين لما يتعرضون له من أصناف التعذيب والتنكيل، ومآسي السجن والاعتقال، ومحن النفي وأحكام الإعدام! هم فداء بالغالي والنفيس في سبيل الحرية و الكرامة والعدالة الاجتماعية والغد المشرق، ويمضون كمن اختار قدره في إباء ونكران ذات بشجاعة وعفة الشهداء! لا يرجون جزاء ولا شكورا.«منهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدلو تبديلا». وقليل من يذكرهم، إنه خبث جهل الأجيال بهم ومسؤولية من فضلوا الصمت والانزواء، ممن عايشوهم وقاسموهم المحن والويلات من أجل نحت وميض لحظة الحدث التاريخي. ومن وقت لآخر كان يعقد لقاءات داخل غرفة إقامته يحضرها بعض رفاقه وأصدقائه الطلبة، تبسط فيها مواضع مختلفة للنقاش ويديرها بمهارة فائقة ومنهجية سلسلة بغية تنمية الوعي الثقافي التحرري لدى الطلبة، بالاضافة الى حضوره المتميز ومساهمته الفاعلة في مختلف الأنشطة الثقافية الطلابية، وتوجيهاته للتحركات التعبوية والنضالية في مواجهة الإقطاع المحلي المتمثل في الباشا الكلاوي. وله مواقف متميزة في مختلف التحركات والانتفاضات النضالية سواء التي قام بها طلبة (جامعة بن يوسف) من أجل المطالبة بتحسين ظروف معيشتهم وإقامتهم، وتحديث المناهج الدراسية، وإخراجها من دهاليز الجمود والتقليد المتخلف. أو التلقائية الشعبية كمظاهرة - المشور - التاريخية. وكان يحرص مع ثلة من الطلبة والرفاق على إحياء حفلات عيد العرش كل سنة بساحة مدرسة الزاوية العباسية، يحضرها جمهور غفير من جميع الشرائح، تقدم فيها عروض مسرحية هادفة من التاريخ الاسلامي، وتلقى فيها قصائد شعرية ذات شحنة حماسية منتقاة من الشعر العربي، وكلمات بالمناسبة تمجد الوطن والملك، وتشحذ الهمم والعزائم. وكان يحضر هذه الحفلات احد الفتيان من لاعبي فريق الكوكب المراكشي لينشطها بما يتميز به من تلقائية، وخفة الروح وسرعة اختلاق المشاهد الفكاهية والنكث المضحكة الساخرة التي صاغت منه فيما بعد الفنان الفكاهي المسرحي عبد الجبار الوزير - وكانت هذه الاحتفالات فضاء للفرجة والتعارف وتعميق الوعي بالقيم الوطنية والتاريخية والدينية والانسانية، ومنها تم توطيد العلاقة بين بن ابراهيم الضرير ومجموعة جديدة من الشبان، كان من بينهم المقاوم والمناضل السيد محمد بن ابراهيم حسونة المعروف انذاك - بالصبان. وعلى اثر اقدام الدولة الفرنسية الاستعمارية على تنفيذ خيوط المؤامرة المدبرة ضد العرش المغربي والسيادة الوطنية، ومباركة عملاء واعوان الاستعمار لعملية ابعاد جلالة الملك محمد الخامس ر حمه الله، ومحاولة اجراء مراسيم تنصيب - محمد بن عرفة ملكا على المغرب، ومدينة مراكش تعيش تحت وطأة اختناق قاتل بفعل الحصار العسكري الشديد المضروب على جميع منافذها، وطرقها، ودروبها من طرف الادارة الاستعمارية وعملائها واعوان الباشا (الكلاوي). يقول المقاوم والمناضل السيد محمد بن ابراهيم حسونة، وبحضور المقاوم والمناضل السيد حامد زريكم: في هذا الوقت العصيب وبعد خروجي من السجن باربعة عشر يوم فقط، زارني بن ابراهيم الضرير في بيتي - بالديور الجداد - بالزاوية، وهو في حالة انفعال، وقال لي بالحرف وهو واقف: لابد ان نعمل اي شيء؟ لا يمكن ان نبقى مكتوفي الايدي؟ اي شيء، فقد وصل السيل الزبى؟ ومن هنا بدأ التفكير في خلق خلية عمل فدائية من بين الشباب الطلبة والرفاق الذين ابانوا من خلال المعرفة الشخصية بهم، واللقاءات المتعددة معهم، عن غيرتهم الوطنية وايمانهم واخلاصهم الذي لا يرقى اليه الشك، وبرهنوا بحماسهم واستعدادهم للعمل والتضحية بارواحهم في سبيل تحرير الوطن، والدفاع عن ثوابته ومقدساته، وهم حسب افادة المقاوم والمناضل السيد محمد بن ابراهيم حسونة: محمد بن ابراهيم الضرير التي تعتبر اول فرقة للعمل الفدائي السري المنظم والمسؤول بمدينة مراكش بعد فرقة الشهيد محمد البقال. الكلام للسيد محمد بن ابراهيم حسونة. وفي أول اجتماع لها بغرفة اقامة السيد بن ابراهيم الضرير بمدرسة الزاوية العباسية، ادى افرادها القسم على المصحف الكريم، متعاهدين على التضحية والاخلاص وعدم افشاء السر. واتفقوا على خطة العمل الاولية، و منهجية تصريفها، وكانت البداية بكتابة المناشر وتوزيعها لاستنهاض الهمم و نبذ شبح الخوف وبث يقظة الوعي الوطني في نفوس السكان، والدعوة الى مناهضة الاستعمار الفرنسي والتصدي لعملائه واعوانه. وفي هذا الوقت التحق بالمؤسسين مجموعة من الطلبة والشباب الحرفيين ممن تتوفر فيهم الشروط المؤهلة للعمل الوطني السري منهم: الطالب عبد الكريم مطيع، والطالب البشير الرحماني، والمختار الحشادي، والذين تولوا الى جانب الطالب احمد بنكيران كتابة المناشر بخط اليد وكان بن ابراهيم الضرير يملي مضمونها احيانا ويرسم خريطة توزيعها مكانا وزمانا. وكان من بين الذين تعززت الفرقة بهم وساهموا في توزيع المناشر عبر احياء المدينة واسواقها السادة: حامد زريكم، محمد المسعودي الصفوي، احمد الزوهدي، مولاي عبد الكريم الخنبوبي، حميد الكص، حميد عبد الناصر الفطواكي، وبوجمعة الكهربائي، وعمر نضال، والمحجوب الشكدالي الشهيد، وعبد اللطيف الخراز، وعبد الجبار الوزير، والعربي بن محمد، واحمد بن الجيلالي المالكي ومحمد البحيري. وكان بن ابراهيم الضرير قبل ان يقترح على المجموعة الحاق اي عنصر جديد بها يخضعه لاختبارات متباينة ولفترات زمانية حتى يتأكد من اخلاصه ووطنيته ومدى استعداده للتضحية فداء للواجب المقدس. ويحكي الممثل الفكاهي عبد الجبار الوزير كيف التحق بفرقة بن ابراهيم الضرير في روايته لجريدة (الاتحاد الاشتراكي) عدد 8962 الصادر يوم الاربعاء 3 شتنبر 2008 ضمن صفحة فسحة رمضان. الحلقة رقم 3 ، حيث يقول: «شرعت في البحث عن المقاومين والتنقيب عن سبيل الالتقاء بهم، في تلك الاثناء كان بن ابراهيم الضرير طالبا يدرس بابن يوسف، يجتمع بنا بغرفته بسيدي بلعباس، ويشرع في بسط مواضع للنقاش لجس نبضنا،قال لنا ذات يوم: انظروا كيف ان النحل وهو كائن صغير يلتف حول ملكته اذا طارت يطير معها وان خرجت من الخلية يرافقها، فأجبته والله هذا ما اعانيه هذه الايام، واتحرق شوقا للتعرف على رجال المقاومة للقيام بواجبي، فغير مجرى الحديث بسرعة، وبقيت الح عليه وادوام على حضور اجتماعاته الى أن قال لي ذات يوم: هل انت مصر على الالتقاء بالمقاومين؟ اجبت نعم، فطلب مني التريث قليلا الى أن يستشير مع بعض رفاقه، حينها لم اكن اعرف انه عضو في خلية حمان الفطواكي، بعد ايام قال لي: سأكلفك بمهمة، ستذهب الى جامع الفنا، امام - جوطية الورزازي - حيث يوجد مقر - نادي البحر الابيض المتوسط حاليا - لتلتقي رجلا سيمدك بامانة تخصني، علامة التعرف عليه، هي انه عند مصافحتك سيمسك بخنصرك. ذهبت في الموعد المحدد وبقيت انظر حولي منتظرا الشخص المعني، التفت جهة مقر الشرطة القريب مني، فرأيت رجلا يخرج منه ويراقب تحركاتي بنظرات مخيفة، تقدم نحوي قائلا: ماذا تفعل هنا، هل هذا مكان الوقوف؟ هيا تحرك امامي، فسحبني اتجاه مقر الشرطة وهو يتفحص ملامحي باحثا فيها عن علامة الخوف فلم يعثر عليها، وبدأنا نتسلق ادراج ملامحي باحثا فيها عن علامة الخوف فلم يعثر عليها، وبدأنا نتسلق ادراج المخفر، في الدرج الثالث امسك بخنصري، فصرخت انت ليصدني بقوة اصمت، بعد خروجنا من الكوميسارية، همس في اذني سلم على السي بن ابراهيم، بعد خروجنا من الكوميسارية، همس في اذني سلم على السي بن ابراهيم، وقل له الامانة راه مقضية، ادركت بعدها انني اخضع لاختبار الخلية» فقد كان عمل المقاومة والفداء يتسم بالسرية التامة، وبالحذر والحيطة المفرطة الى حد ان اعضاء الخلية الفدائية الواحدة او الفرقة غالبا ما يجهل بعضهم بعضا، اذ حدود المعرفة الشخصية لا تتجاوز اثنين الى ثلاثة، اما على مستوى المهام فهي محاطة بالسرية والكتمان. فحتى بعد تأسيس فرقة الشهيد حمان الفطواكي بمنزل السي علي رضوان بحي سيدي يوسف بن علي واصبحت فرقة بن ابراهيم الضرير أحد تفرعاتها الاحتياطية، لم يكن احد يعلم بذلك الا من كانوا مكلفين بالتنسيق والتواصل، ولا من يعرف ان الشهيد حمان الفطواكي هو قائد المقاومة بمراكش. يتبع يقول الفكاهي المسرحي عبد الجبار الوزير، وهو يتابع سرد روايته المنشورة بجريد الاتحاد الاشتراكي (تنظيم الخلايا كان مطبوعا بسرية كبيرة، اعضاء خليتنا كانوا ثلاثة، اضافة الى بن ابراهيم، وكنا نجتمع فيما بيننا ودون ان نعرف شيئا عن الخلايا الاخرى، ولم نتعارف الا بعد اعتقالنا. حمان الفطواكي نفسه لم يعرف انه زعيم التنظيم الا بعد التقائنا به في السجن). ويقول المقاوم السيد محمد بن ابراهيم حسونة (لا أحد من فرقة بن ابراهيم الضرير، رغم ادعاءات البعض، سبق له ان التقى بالشهيد حمان الفطواكي او رآه قبل الاعتقال الا السادة بن ابراهيم الضرير والحبيب الرحماني وعبد ربه). فالاعتقاد الراسخ لدى المقاومين الحقيقيين يقول المقاوم والمناضل السيد حامد ازريكم بمحضر المقاومين السيدين محمد الصفيوي المسعودي واحمد بن الجيلالي المالكي: هو انتفاء البطولة الفردية في عمل المقاومة السرية المسؤولة، لان اية عملية فدائية لا تتم الا في اطار مسؤولية تسلسلية مضبوطةلا يمكن الخروج عليها، و الا مآلها الفشل، فهناك من يخطط للعملية، ومن يدبرها،، وهناك من يدرس خريطة مكانها وتحديد وقتها، وهناك من ينتدب لتنفيذها، وهناك من يوصل السلاح او اداة التنفيذ لنقطة العملية، وهناك من يراقب ويحرس، وهناك من يوضع احتياطا على أهبة التنفيذ، اذا ما حصل خلل ما، وهناك من يمهد السبل للافلات بعد تنفيذ العملية او فشلها لسبب من الاسباب، وقلم يعرف بعضهم بعضا، بالاضافة الى كلا منهم يتخذ اسما حركيا او مستعارا للتمويه والتضليل عن اسمه الحقيقي. فمثلا عملية سينما مرحبا التي انتدب السيد عبد الجبار الوزير لتنفيذها، لما تم التخطيط لها، كانت الحاجة تدعو الى الحصول على قنبلة، وكان المسؤول الوحيد من طرف الشهيد حمان الفطواكي على خزن واخفاء اسلحة المقاومة داخل سكناه بمراكش هو المقاوم السيد الحبيب الرحماني المحفوظي. اسمر سيرة2 يتبع ص زوايا فهو بمثابة أمين السلاح، لايسلمه إلا عندما يتلقى إشارة بذلك، تكلف السيد محمد بن ابراهيم حسونة بجلب القنبلة من هناك وتسليمها الى السيد بن ابراهيم الضرير،لانه لم يكن يثير الشبهات حوله، وقلما يقدم الفرنسيون او اعوان الكلاوي على إيقافه، او تفتيشه باعتباره كفيفا ، فعمل بدوره على تسليمها الى السيد محمد المسعودي الذي يتولى ايصالها للسيد عبد الجبار الوزير بمكان تنفيذ العملية. وهكذا فالانجاز إنجاز جماعي، تظافرت فيه جهود الجميع لإنجاح العملية الفدائية، لهذا لانجد من بين المقاومين المتشبعين بقدسية العمل الوطني الفدائي من يتطاول وينسب لنفسه انجاز هذه العملية او تلك او يجرؤ على القول، لولاه لما تم انجازها ونجاحها، لأن تنفيذ العملية الفدائية الواحدة لها اكثر من فريق عمل واكثر من مساهم، ولها اكثر من شاهد، يقول المقاوم المناضل السيد حميد ازريكم: رموز المقاومة الابطال، سواء من أنصفهم التاريخ أو من طالهم تجاهل الاجيال، يربؤون بأنفسهم ان يوقفوا المنجزات البطولية والعمليات الفدائية على ذواتهم فقط او يصبغونها بألوانهم من يسعى سعي الجبناء بكل الوسائل الخسيسة والدنيئة للركوب على مواقف الغير ومنجزاتهم البطولية في المقاومة والفداء، ويعمل على انتسابها إليه بدون حياء. وقد بلغ عدد العمليات الفدائية المنجزة بمدينة مراكش 22 عملية نوردها كما صنفها المقاوم المناضل الاستاذ محمد الحبيب الفرقاني رحمه الله، في كتابه - الثورة الخامسة - صفحات من تاريخ المقاومة وجيش التحرير، الجزء الاول الصفحة 475، وقد أغفل ذكر عملية سينما مرحبا. بالاضافة الى العمليات الفدائية المنجزة من طرف الفرقة الثالثة التي تشكلت من بين اعضاء فرقة الشهيد حمان الفطواكي وفرقة بن ابراهيم - الضرير - ممن تمت تبرئتهم او انهوا مدد حبسهم التي لم تتجاوز شهرين الى ثلاثة اشهر بعد الاعتقالات والمحاكمات التي تعرضوا لها. وكان اعضاء الخلايا وخاصة المكلفون بتنفيذ العمليات يتلقون تداريب على استعمال السلاح بأماكن غير مأهولة خارج اسوار مدينة مراكش بعيدا عن الانظار، يقول السيد محمد بن ابراهيم حسونة: «ومن بين الذين كانوا يصرون على تلقي هذه التداريب، السيد بن ابراهيم الضرير، وكان يدهشنا بخفته وطريقة امساكه للمسدسات ومهارته في التسديد والرماية رغم أنه - كفيف - فسبحان الله! وكانت بداية شهر غشت 1954 بداية شؤم على المقاومة بمراكش، بعد العملية الفدائية الفاشلة التي كانت تستهدف رئيس الغرفة التجارية المدعو - بليبيلة - بائع الثوب - بالسمارين - واعتقال منفذها السيد حسن السباعي الذي لم يقو على الصمود تحت سياط وتعذيب الشرطة الفرنسية، وباعترافاته تم اعتقال جميع اعضاء فرقة الشهيد حمان الفطواكي، الذي طاله الاعتقال هو الآخر صبيحة عودته من الدارالبيضاء في العاشر من شهر غشت. وكان المؤمل ان تصبح فرقة بن ابراهيم الضرير خلفا للفرقة الرئيسية، الا ان توالي الاعترافات مكن السلطات الاستعمارية من التوصل الى افرادها يوم 18 غشت 1954 بعد اكتشاف امر السلاح المخزون بضيعة والد السيد الصفيوي المسعودي - بالعزوزية - طريق آسفي 8 كلم خارج مراكش. وكانت جريدة - السعادة - عدد 9143 الصادرة يوم 20 غشت 1954 قد نشرت وعلى صفحتها الاولى خبر اعتقال فرقة بن ابراهيم الضرير، وتحت مانشيط عريض كتبت: «مكافحة الارهاب بالمغرب» - اعتقال ستة عشر شخصا يشكلون شعبة ارهابية. واستهل مراسل الجريدة بمراكش مقاله الاخباري بقوله: «بعد اعتقال الشعبة الارهابية الهامة التي نشرت الرعب بمراكش في الايام الاخيرة، اعلنت الشرطة يومه عن القاء القبض على شعبة هامة أخرى، كان عليها ان تخلف الشعبة الاولى عند الاقتضاء، ويستفاد من رواية رجال الشرطة ان هذه الشعبة تضم ستة عشر عضوا، جعل حد لنشاطهم الخطير. واغفل مراسل الجريدة ذكر: محمد بن ابراهيم حسونة المعروف بالصبان، وحميد بناصر وهو حميد بناصر الفطواكي. وبعد انتهاء الابحاث والتحقيقات مع المعتقلين بدهاليز التعذيب بمركز الشرطة بجامع الفناء. وكان الشهيد حمان الفطواكي قد أبان اثناء التحقيق عن صموده وثباته رغم ما تعرض له من ألوان التعذيب الوحشي الجهنمي لإبعاد التهم عن رفاقه ولتخفيف الاحكام عليهم، والحفاظ على استمرارية حركة المقاومة والفداء اذا ما تم الافراج على بعضهم، واحيل الشهيد حمان الفطواكي وستة من رفاقه على المحكمة العسكرية التي اصدرت حكمها بالاعدام، وقد نفذ في ثلاثة منهم بسجن - العدير - بالجديدة صباح يوم التاسع من ابريل 1955وهم: الشهيد حمان الفطواكي، والشهيد علال بن احمد، والشهيد امبارك بن بوبكر. في حين احيل باقي اعضاء الفرقة على المحكمة الابتدائية التي اصدرت في حقهم احكاما خفيفة مختلفة من البراءة الى مدد متقاربة من العقوبة السجنية، وكان الفضل في ذلك للشهيد حمان الفطواكي الذي تحمل اثناء التحقيق مسؤولية جميع التهم المتعلقة بتنفيذ العمليات الفدائية المنجزة لتبرئة ساحة باقي اعضاء الفرقة. وبعد الاعلان عن الاستقلال وعودة المغفور له محمد الخامس، افرج على جميع من تبقى في السجون، وكان من المفرج عنهم محمد ابراهيم الضرير الذي كان معتقلا بسجن «لعلو» بالرباط. وبمجرد رجوعه الى مراكش اشتغل بمعية بعض الرفاق على تأسيس (مؤسسة محمد الخامس لانقاذ الضرير) ولاستكمال دراسته الجامعية، سجل بكلية الآداب بالرباط وكان ضمن أول فوج يحرز على الاجازة بعد الاستقلال سنة 1959، وفي السنة الدراسية 1961/1960 سجل بالسنة الاولى من الليسانس في الحقوق بكلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية بالرباط تحت رقم 628، وكان من بين رفاقه هناك السادة عبد الرحمان بنفضيل واحمد الشهيدي واحمد بنكيران، الا أن ما أولاه من اهتمام للنهوض بمؤسسة محمد الخامس لانقاذ الضرير وتفرغه لإدارتها وتدبيرها جعله يؤجل مواصلة دراسته القانونية بكلية الحقوق غير أن الموت انتزعه في غفلة من الجميع يوم 04 دجنبر 1967 بعد أربع وعشرين ساعة من عودته من لقاء جمعه في الرباط مع السيدة لمياء الصلح زوجة المرحوم الامير مولاي عبد الله حول مستقبل مؤسسة محمد الخامس لإنقاذ الضرير ، تاركا خلفه رفيقة عمره السيدة حليمة و5 أبناء صغار وهم: عبد الرؤوف، رجاء، عبد الغفور، سيدي محمد، هبة. وقد خلفت وفاته المفاجئة حزنا عميقا في نفوس رفاقه المقاومين واصدقائه، وكل معارفه، خاصة وانه لازال في ريعان شبابه والبلاد في حاجة الى عطاءاته واسهاماته. محمد الضويوي سيرة 3 - انتهى - الاربعاء بديعة