تعود أطوار هذه القضية الى شهر نونبر من عام 2007 حين تم العثور أحد أيامه على جثة شابة مرمية بأحد الحقول على قارعة طريق مديونة قرب إحدى محطات البنزين داخل المجال الحضري لمدينة برشيد. عناصر الضابطة القضائية لمفوضية ذات المدينة وبعد انتقالهم لمكان تواجد الجثة اتضح من المعانية الاولية ان الامر يتعلق بجريمة قتل ومن تم بدأ العمل لتحديد هوية الضحية التي لم تكن تحمل معها أي وثيقة تثبت نسبها، غير ان هذا اللغز ما انفك ان اتضح بعد ان تقدم لنفس المفوضية سائق سيارة أجرة مصرحا انه في ليلة يومه كان يقل شابا وشابة الى برشيد وأنهما تناوشا عند مدخل المدينة غادرا اسيارة الى وجهة مجهولة وانه لازال يحتفظ بحقيبة الشابة داخل صندوق سيارته، وعلى التو طلب المحققون من السائق إحضار الحقيقة وبعد فتحها عثروا على جواز سفر تبين صورته بما لايدع مجالا للشك انها للضحيج وان على نفس الجواز تأشيرة تخص سويسرا يتضح بالعين المجردة انها مزورة. امام هذا المعطى الجديد توجهت عناصر الضابطة القضائية لولاية الامن بسطات مدعمة من قبل عناصر من برشيد وتحت اشراف رئيس الفرقة الولائية الجنائية فؤاد عزيز الى مقر سكنى الهالكة بالدار البيضاء، وبعد الاتصال بواليدها اوضحا هذان الاخيران ان ابنتهما المعنية سافرت أمس سويسرا وان فلان جارهما هو من توسط لها ورافقها لمطار محمد الخامس ، رئيس الفرقة الجنائية الولائية أوهم الابوين كون ابنتهما تعرض ليلته لحادثة سير أجبرتها على تأجيل سفرها وطلب منهما مرافقته لبرشيد، وبعد تهييئهما نفسيا لتلقي الفاجعة، أخبرهما الحقيقة مطالبا إياهما مساعدة المحققين في تحديد هوية المرافق وعنوانه، وبالانتقال لمحل سكنى هذا الاخير وجدوا زوجته التي أكدت لهما ان زوجها مسافر وفي الوقت ذاته عثروا بالغسيل على قميص عليه أثار دم، أقرت الزوجة انه يخص زوجها الذي تعرض أمس لحادثة سير خفيفة، فطلبوا منها مهاتفته وايهامه مرض أحد أفراد الاسرة والعودة فورا للمنزل، وهو ما تم فعلا ليسقط المتهم في الفخ ويلقى عليه التنبض، ويحول لمفضوية برشيد للاستنطاق، ليقر أنه فعلا الجاني وأنه تخلص من الضحية بعد إصرارها على تنفيذ وعده لها بتهجيرها لإحدى البلدان الاوربية أو أن يرد لها المبلغ الذي تقاضاه مقابل ذلك وخوفا من ان يعود للسجن ثانية بعد ان أصبح أبا، انتقل معها للرباط قصد الحصول على التأشيرة الذي اتضح انها مزورة ولا تخصها وحدد معها وأسرتها موعدا لمرافقتها إطار محمد الخامس، ولتنفيذ خطته أخذ ليلتها سيارة أجرة كبيرة للمطار، وأضاف المتهم انه لحظتها كان يبحث على سائق مرافق تكون بنيته ضعيفة، وأنه قبل ذلك اقتنى مخذرا مزجه بعصير للفواكه ومادة سائلة قابلة للاحتراق، اضافة لسجائر بالتقسيط، وطلب من مرافقته الجلوس جانب السائق وان يقعد هو خلفه، غير أن الضحية رفضت هذا الاقتراح كون الرجل هو من يجلس بالمقاعد الاساسية. وامام إلحاحها أخذ مكانه جانبها خلفا وبالطريق ناولها والسائق العصير المخذر وأخذ يسكب داخل السيارة المادة المحرقة ويحاول اشعال سيجرته وهو ما فطنت إليه الهالكة متسائلة عن مصدر السائل وكونه لايدخن. استمرت محاولات الظنين تنويم مرافقيه بعد اجتيازه الطريق المؤدية للمطار الى أن تراءت له من بعيد اضواء مدينة برشيد وخوفا من أن يدخلها وتعي ضحيته انه نصب عليها مرة أخرى سكب كمية زائدة من البنزين اشتم رائتحها السائق فتوقف جانب إحدى محطات الوقود على مداخل برشيد لاستطلاع مصدرها وهنا تدخلت الفتاة والمتهم في مشاداة ترجلت إثرها منن السيارة هاربة نحو الحقول فيما فر السائق تاركا إياهما وشأنهما بالخلاء ليظهر الوجه الحقيقي لمتهم بعد ان تمكن من طريدته وأجهش على رأسها بحجرة فقدت إثرها الوعي فصب عليها بالنزين محاولا إحراق جثتها وترك لمصيرها الى أن فارقت الحياة وعثر على جثمانها مرميا علي قارعة الطريق الوطنية رقم 9 اتجاه مديونة فيما عاد هو للدار البيضاء لاستبدال ثيابه موضحا لزوجته انه تعرض لحادثة سير خفيفة فيما مرافقته تحلق الآن صوب سويسرا، السائق، وبعد فراره لم يقدم بالاغاني النازلة لرجال الامن ببرشيد بل عاد صوب عائلته بالبيضاء مبلغا افرادها حكايته موضحا لهم أنه لم يقدم البلاغ كون شرطة المرور سحبت منه رخصة سياقته في مخالفة سابقة، فما كان من أخيه الا أن تطوع ونزل لبرشيد مقدما لرجال الامن نفسه كونه سائق سيارة اجرة راويا لهم الحادثة وان المعنيين بالامر تاها وسط دروب برشيد وافتقد اثرهما. عناصر الغرفة الجنائية الولائية بسطات مدعومة بزملاء لهم من برشيد القوا القبض على كل من وردت أسماءهم في هذه النازلة وبعد ان اقر المتهم الرئيسي بالمنسوب إليه أعاد تمثيل الجريمة بمحيطها وسط حشد من الجمهور ليتم عرضه على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بسطات صحبة المتهمين الآخرين ليعرضهم بدوره بعد الاستماع اليهم على قاضي التحقيق بالغرفة الثانية، السيد بوشعيب عسال قاضي التحقيق وبعد الانتهاء من تحقيقه الاعدادي والتفصيلي والاطلاع على تقرير الطبيب الشرعي الذي أقرأن الوفاة ناتجة عن اختناق الضحية بالغاز الكاربونيك بعد احراق معطفها وكذلك عن نزيف في الدماغ تكونت للقاضي قناعة متابعة المتهم بالقتل العمد مع سبق الاصرار والنصب والسرقة ومحاولة اضرام النار في ناقلة، وتابع زوجة الاخير بالمشاركة في النصب وسائق سيارة الاجرة بعدم تقديم المساعدة لشخص في خطر والسياقة من دون رخصة. غرفة الجنايات الابتدائية باستئافية سطات وبعد عدة جلسات آخرها جلسة الخميس ثامن يناير الجاري وبعد الاستماع للشهود ومرافعات الدفاع واعطاء الكلمة في الاخير للمتهم الرئيسي وبعد المداولة اقتنعت هيئة المحكمة بضرورة مؤاخذ الجاني بالمنسوب إليه واصدرت في حقه حكم المؤبد فيما قضت بأحكام متفاوتة في حق سائق سيارة الاجرة وباقي المتهمين.