نشرت صحيفة لوموند في عددها ليوم الأحد/الإثنين الأسبوع الماضي وثيقة تنشر لأول مرة، وثيقة ذات قيمة بمحتواها وقصتها. في نونبر 1996، كانت المصورة مارينا كوك بصدد الإعداد لكتاب يتضمن قصصا عن «أزواج أمريكيين» ومن بين الأشخاص الذين التقتهم باراك أوباما وزوجته ميشيل.وكان أوباما أنذاك محاميا في شيكاغو وبصدد دخول غمار السياسة. وكانت زوجته ميشيل تستعد لدخول عالم التدريس بالجامعة . في هذا الجزء من الكتاب (وهو جزء ارتأى ناشر الكتاب أنه لايستحق النشر)، يشرح باراك وميشيل كيف التقيا وربطا علاقتهما، ونظرتهما للمستقبل وللسياية وأصولها... ونظرا لأهمية مضامين هذا الاستجواب، نقدم للقارئ الكريم ترجمة له اجرت الاستجواب: ماريانا كوك وترجمه الى الفرنسية الين بروتو لقد استقر هذا المفهوم، مفهوم النظام الإقليمي العربي، منذ حرب يونيو1967، في قلب الثقافة الاستراتيجية العربية كمعطى أو كيقين يستغني عن أي بحث أو حتى تساؤل عن صلابة المنطلقات أو حقيقة النتائج. ولفترة طويلة اعتبر الجميع أن هذا المفهوم/الشعار يدمح في آن واحد الرسمي والشعبي، يزاوج بينهما دونما تضاد أو تنافر. اليوم، أزيد من أربعة عقود من الزمن على ظهور هذا المفهوم واستقراره في قلب القاموس السياسي العربي. اليوم وعلى ضوء الأحداث الكبرى والأزمات المتعددة وأشكال العدوات المتكررة التي تعرضت لها العديد من مكونات الأمة وفي مقدمة هذه المكونات الشعب الفلسطيني. اليوم وقد مضى ما يكفي من الوقت (أزيد من 4 عقود) على انطلاق التجربة الميدانية والأداء السياسي لهذا النظام الإقليمي العربي. والآن والقمة العربية تتهيأ للانعقاد - في غياب أطراف وازنة من أعضائها بذرائع واهية - ثلاثة أسابيع بعد انطلاق العدوان على أهالي غزة وسقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى - اليوم والآن يحق أن نتساءل، ماذا يعني النظام الإقليمي العربي بالضبط وماذا تبقى منه؟ هل النظام الإقليمي العربي منظومة مؤسساتية تشتغل بشكل منتظم، تعمل على بلورة رؤية استراتيجية موحدة لأعضائها؟ - هل هي منظومة تطور الفهم المشترك لأعضائها بخصوص التحديات المطروحة وطرق مواجهتها. - هل هو فعلا نظام يخضع لحد أدنى من القواعد والضوابط الآمرة،نظام يقبل مثلا منطق الأغلبية والأقلية في اتخاذ القرارات والمبادرات؟ - هل النظام الإقليمي العربي هو برنامج عمل يبدأ بتحديد أهداف واضحة تم يحدد طرق ومسالك الوصول إليها، تم تكون النتائج، ثم يقع تقييم هذه النتائج بشكل دوري؟ - هل النظام الإقليمي العربي هو نظام يتطور في الزمان والمكان، بحيث يمكن أن نقيس تطوره بين عشرية وأخرى كما نستطيع مثلا أن نقيس تطور النظام الإقليمي الأوربي (ممثلا في الاتحاد الأوربي)؟ وبعيدا عن أية نزعة شعبوية في التعبير، أو نية في ذلك، هل النظام الإقليمي العربي يختلف في مضمونه حقا عما يوحي به ذلك المنظور الذي صار مألوفا لدينا عندما تنعقد القمم العربية، ونتابع أشغالها في القنوات التلفزية، أقصد منظر رئيس الدولة المضيفة في المطار يستقبل رؤساء وملوك الدول المشاركة ثم التصريح بالانطباعات الأولية حول حفاوة الاستقبال وأهمية العمل العربي المشترك، ثم منظر السيارات السوداء الفخمة وهي تنقل نفس الرؤساء الى مقر المؤتمر، ثم كلمات الترحيب وأخيرا البيان الختامي للقمة، يتلوه الأمين العام لجامعة الدول العربية عند نهاية أشغال لا تعرف كثيرا كيف تمت، وماذا تمت مناقشته أثناءها، ولا كيف تم التوصل إلى التوافقات أثنائها. - أخيرا هل النظام الإقليمي العربي هو نظام قادر، حسب حالات الاستعجال والإلحاح التي قد تمليها الظروف، أن يتحرك بالسرعة المطلوبة لا تخاذ القرارات والمبادرات التي قد يتطلبها الموقف، عوض انتظار أسابيع قبل أن تنعقد قمة أو اجتماع يحضره البعض ويتغيب عنه البعض، كما هو حال القمة العربية المرتقبة؟ - تطرح هذه التساؤلات التي لا نجد لها اجابات في واقع حال هذا النظام الإقليمي، ونحن نعرف أن القوى الوطنية والديمقراطية وشعوب الأمة على امتداد العالم العربي، هي قوى وشعوب واقعية جدا تؤمن بموازين القوى والتعقل والاعتدال و الاتزان، ولكنها مع هذا وذاك تؤمن بأن أي نظام إقليمي لكي يستحق فعلا هذه التسمية، لابد أن يكون قادرا على حد أدنى من الحركة ومن الفعالية. - هذه القوى، وهذه الشعوب ليست حالمة و لامثالية، وقد علمتها تجربة السنين الطويلة منذ 1948 أن لا تطمح في تطابق تام بين توجهات وإكراهات ومنطق الرسميين، و توجهات وآمال وانتظارات الرأي العام الشعبي، لكن أن يكون كل هذا التباعد والتنافر بين انتظارات ومشاعر الناس وحسابات الرسميين، فهذا لا يؤشر إلى وجود نظام إقليمي عربي يستحق فعلا هذه التسمية. - إن هذه القوى، وهذه الشعوب تعرف بالطبع بحسابات القوة وموازينها الدولية قد لا تمسح بتحريك مجنزرات أو طائرات أو مشاة جيوش، والإخوة الفلسطينيون، بحكم التجربة ودروس التاريخ القريب والبعيد يعرفون هذه الحقيقة، ولكن الجميع من مكونات الأمة ينتظر على الأقل تحركا ميدانيا يفسر ويعبأ، يضغط بأدوات الضغط الاقتصادي والتجاري والمالي المتوفرة لأصحاب الفوائض، يبرز وحدة الأمة رسميا بعد أن وقف العالم على هذه الوحدة شعبيا، تحرك يفرض في النهاية توجها آخر في دنيا السياسة الدولية. - إن هذه القوى والشعوب لا تربط حينما يتعلق بقضايا الهوية والمصير، بين القضية القومية وقضية الديمقراطية، فتلك قضية وهذه قضية، هي لا تستغل مطلب التحرك لنصرة أهالي غزة لطرح الإشكال الديمقراطي برمته، لأنها تدرك أن المسألة القومية هي مجال الهوية والإنتماء، فيما القضية الديمقراطية هي بناء وتركيب متواصل طويل المدى. فليكن النظام الإقليمي العربي على الأقل قادرا على الوفاء بالالتزامات التي يطرحها على الأرض متطلب صيانة الهوية. - إن هذه القوى الشعبية الديمقراطية لا تريد إيقاد نار صراع الأديان والحضارات، وهي لا تقدم قضية غزة، كما تذهب إلى ذلك بعض الفضائيات العربية كصراع بين المسلمين واليهود، بل تقدم الموضوع في صورته الحقيقية باعتباره صراعا بين النزعة الصهيونية التوسعية للكيان الاسرائيلي والشعب الفلسطيني الأعزل الذي يناضل من أجل دولته الوطنية المستقلة ويدافع عن حقه المشروع في مقاومة الاحتلال. الكيان الإسرائيلي يمارس الحرب العدوانية على أهالي غزة باعتبارها استمرارا للسياسة التوسعية بطرق أخرى - وهو بذلك يروض أو يطوع مقولة كلوزفيتس على طريقته الخاصة، كما فعل دائما منذ 1948 - فهل يتسع النظام الإقليمي العربي للحقيقة القائلة بأن المقاومة الفلسطينية هي استمرار للسياسة بوسائل أخرى. ماذا يعني النظام الإقليمي العربي أو ماذا تبقى منه؟ لقد ابتدأ النظام الإقليمي العربي منذ أزيد من خمسين سنة في إطار جامعة الدول العربية.، وكان الطموح كبيرا، وكانت أجندة التنسيق والعمل المشترك تتسع لكل المجالات والقطاعات، من الأمن والدفاع إلى السوق المشتركة، ولكن هذا النظام تقلص طموحا وآليات عمل، فأصبح لا يرمز إلى أكثر من تلك اللازمة التي تتردد بشكل رتيب في أروقة مكاتب جامدة، لأزمة «التشاور والتنسيق»! { هل تسمحين بذكر اسمك وسنك؟ > اسمي ميشيل أوباما وعمري 32 سنة. { هذا المشروع اسمه «أزواج في امريكا» أحاول من خلاله إعادة تركيب العلاقات الشخصية لزوجين في اطار سوسيولوجي أوسع. هل بإمكانك أن تحدثيني أكثر عن أصولك الاجتماعية والعائلية عن لقائك مع باراك، علاقاتك معه وأهدافك في الحياة. > أوباما: انحدر من وسط أفرو أمريكي تقليدي جدا، كبرت في شيكاغو في أحياء ساوت سايد، غير بعيد عن المكان الذي نعيش فيه اليوم في هايد بارك، أنا قريبة جدا من عائلتي، لي أخ أكبر ووالدي ينتميان إلى الطبقة الشعبية، علمونا قيما. دخلنا مدارس خاصة هنا في شيكاغو، وبعد الدراسة الثانوية درست في جامعات الساحل الشرقي وفي برينستون وكلية الحقوق بهارفارد. { أساسا للحصول على شهادة الإجازة > م. أوباما: نعم { وماذا يشتغل والدك؟ > م.أوباما: كان موظفا بلديا، رجل إطفاء مكلف بحراسة محطة لتطهير المياه. { هل كانت والدتك تشتغل؟ > م. أوباما: نعم حتى التحقت بالثانوية، بعد ذلك أصبحت ربة منزل، في حيي كانت والدتي وسيدة أخرى فقط لا تشتغلان { وهو أمر غير مألوف. > م. أوباما: نعم { ولكن الالتحاق ببرينستون يخرج أيضا عن العادي؟ > م. أوباما:نعم { لاشك أنك كنت طالبة متميزة. > م. لم أكن أعاني كثيرا، وكنت محظوظة لكوني كنت محتضنة من طرف «رابطة إيفري» (يضم أرقى الجامعات، هارفارد، يال، كولومبيا، بروان، كورنيل، جامعة ينسلفانيا، جامعة بورسموت). وأخي الذي يكبرني بسنتين كان يستفيد من منحة دراسية ويلعب جيدا كرة السلة، كان يحصل على نقط جيدة وكان رياضيا ممتازا، وحصل على احتضان لولوج جامعة برينستون حيث تم قبوله. ومن تم اعتبرت أنه بإمكاني أن أيضا أن ألجها وهذا سمح لي بالتآلف مع رابطة «إيفري». { وجعلنا أمرا متاحا لك. > م. أوباما: نعم،جعل الأمر أكثر سهولة، تضع هذا الهدف في لوحة قيادتك وبمجرد الانطلاق في هذا النهج تبدأ في البحث، وكلية الحقوق كانت خيارا ممكنا وبعد ذلك ماذا سأفعل؟ بالنسب لي الأمر لا يتعلق بقرار مفكر فيه بقدر ما كانت يتعلق بإمكانية تأمين حياة جيدة وممارسة مهنية راقية وذات قيمة اجتماعية. { ولكن لم يكن ذلك هو ما تبحثين عنه فعلا؟ > م. أوباما: لم يكن ذلك ما أبحث عنه ولكنني لم أكن أعرف ذلك، عندما تخرجت من كلية الحقوق مارست في مكتب محاماة كبير قضيت فيه ثلاث سنوات ولم يعجبي ذلك، كنت أتساءل ما الفائدة من القيام بدراسات مماثلة لكي يكون الانسان غير سعيد. وبكل المقاييس كنت مقطوعة تماما عن الزبائن والقضايا التي كنت اشتغل عليها لم تكن تحفزني، عندما استيقظ في الصباح لم أكن سعيدة للذهاب إلى العمل ولذلك قررت الابتعاد عن العمل الحر. واشتغلت طيلة سنتين كمساعدة لعمدة شيكاغو في الادارة البلدية، ثم اشتغلت بعد ذلك كمساعدة للمسؤول عن التخطيط والتنمية الاقتصادية. لقاء الناس العاديين والاشتغال في قضايا ملموسة تهم المدينة أعطاني فكرة أولية عن السياسة، ثم قدت برنامجا اسمه (public allies)، الذي هو عبارة عن تكوين لتطوير التسيير الذي أنشأته في شيكاغو، وهو ما سمح لي بالاتصال المباشر مع الشباب ودفعني للقيام بشيء ما لنفسي وتدبيره بنفسي وجعله يعيش، وضعت هذا المشروع على السكة. وهو برنامج موجود منذ ثلاث سنوات ويشتغل بشكل جيد. الآن سألتحق بالمحيط الجامعي، حيث أنوي اقتراح نفس الانشطة لفائدة شريحة مختلفة من الناس، كل هذا يلخص تقريبا من أين أتيت، انا ابنة شيكاغو، ولدت وتربيت فيها وأحب هذه المدينة، أما بخصوص لقائي مع باراك، فذلك تم في مكتب المحاماة الذي كان يشتغل به في الصيف... { كان ذلك في مكتب سيدي وأوستن؟ > م. أوباما: نعم في مكتب سيدي وأوستن (سنة 1989) حصل باراك على منصب تدريب في الصيف، وصادف أن تمت ترقيتي شريكة وطلب مني أن أكون مؤطرة له، كان علي أن أتكفل بطالب وكان باراك نصيبي، كنت أقوم بمهمتي بجدية كبيرة، كنت أسدي له النصائح، وأقوده تقريبا في كل مكان، كنت حريصة على أن كل شيء على ما يرام بالنسبة له، كنت أجد له مهاما تعجبه وبعد شهر من هذا التدريب دعاني للخروج معه وأبديت ترددا واضحا إزاء هذه الدعوة. كنت أقول: «لا أنا مؤطرتك وسيكون أمرا سيئا قبول لقاء معك »ولكن ترددي لم يدم طويلا، وفي ذلك الصيف بدأنا نلتقي ببعضنا البعض وبعد حصوله على دبلوم كلية الحقوق عاد عدة مرات في الصيف، أصبحنا خطيبين في الصيف الموالي لحصوله علي الدبلوم. { كان قد تخرج للتو من كلية الحقوق. > م. أوباما: نعم بالضبط، هذه هي القصة المختصرة للقائنا والتزامنا المشترك، { كيف كانت صورته لديك عندما كنت مؤطرته في مكتب المحاماة؟ > م. أوباما: كان الأمر غريبا، تلك الجلبة حول هذا الطالب في السنة الأولى شخص لامع، وسيم وذكي، الجميع كان يتحدث عن باراك.. وانا كنت من النوع المتشكك، كنت اعتقد أنه بالتأكيد شخص غبي ولكن، كنت متشككة، لأنني كنت دائما اعتقد انه عندما يتحمس القانونيون لشخص ما، فهم ينسون المميزات الاجتماعية، ولذلك كنت أقول، انه شخص رائع، ولكنه بالتأكيد شخص عادي جدا. وهكذا في اليوم الاول جاء متأخرا، بسبب المطر، ثم دخل المكتب وبسرعة حصل بيننا انسجام وتفاهم لانه كان شخصا وسيما ومؤدبا. هكذا كنت اعتقد وأظن أننا انجدبنا لبعضنا البعض، لأننا لم نكن نأخذ أدوارنا بكل الجدية خلافا لآخرين. كان يحب سخريتي اللاذعة دون ضحك وملاحظاتي (sarcastiques)، وجدت أنه شخص جيد ومثير للاهتمام، وكنت مبهورة بقصته الشخصية المختلفة تماما عن قصة حياتي. { في اي اتجاه؟ > م. اوباما: باراك نشأ في وسط متعدد الاعراق، أمه كانت بيضاء، وأبوه من كينيا، عاش في هواي حيث ولد وأمضى جزءا مهما من مراهقته في اندونيسيا لأن والدته كانت باحثة انتروبولوجية، ولايحدث ان تلتقي دائما فتاة من أحياء ساوت سايد في شيكاغو بشخص يتحدث الاندونيسية، سافر ورأى الكثير من الاشياء المذهلة. وهذا يزيده بعدا نادرا، في محيطي المهني للطبقات المتوسطة العليا، وعموما هؤلاء الاشخاص يمرون من نفس القالب، ولكن هو جاء من محيط آخر. كان يملك مستوى عال من النقاش والحوار مع بقائه شخصا عاديا. كان لديه مسار مثير، لكنه كان رجلا واقعيا وعاديا، كان يحب كرة السلة هذا ما أثارني لديه، علاقتنا كانت في البداية مبنية على الصداقة، ومن هنا انطلقنا. يتبع