تحت سماء من الرصاص، نبحث عن ملائكة، ونبحث عن ملاذ، ونبحث عن وجه العاطفة، ومازلنا، تحت سقف غزة المحترق لم نسم الأشياء من جديد، لم نسمها كما يليق بالضحايا أن يسموا الأشياء التي تقع لهم:جنون أو محرقة. لم نسأل بعد، كما يفعل الصغار وهم يندهشون للحرب: لماذا تأتي الحرب دوما من كل الجهات، ووحدنا تأتينا من السماء، كجهة عارية؟ لم نسأل لحد الساعة لماذا يخرج من صلب أرض نبي فقير عشرون ألف أمير، بألف بئر للنفط، وألف قصر للغط، وألف مهرجان لتكريم جد أجداد البعير؟ لم نسأل لماذا يخرج من بطن المساء كل هذا الليل، وكل هذا الويل، وكل هذه الأشلاء؟ لم نسأل بعد: لماذا وحدنا تزداد أشلاؤونا أكثر من البشرية، لماذا وحدنا نجد للموت دائما أطرافا إضافية، يد ثالثة، وقدم ناقص، وعينان بلا وجه في القارعة؟ أطفالنا أيضا يليقون بالمشهد المأساوي، يليقون بالمجزرة. أطفالنا أيضا يسرعون من أجل أن يكونوا جاهزين للمقبرة، وجاهزين للصلاة، وخفيفين للصعود إلى السماء السابعة. لن يخرجوا اليوم، كما اعتادوا إلى المدرسة، ولن يخرجوا غدا، عندما يكبرون على نار هادئة إلى المقبرة، هم هنا بكفن واحد، من الخليج إلى المحيط، وبزبد واحد عالق في الحنجرة. ودعنا غدنا على مشارف شيئ ليس لنا، وعدنا إلى طبيعتنا الأولى في الجلجلة: الوقوف باكرا عند قافلة الموتى، حتى لا تتركنا خلف غبارها، المقصلة. نحن أوفياء للعدو أيضا: نقدم لحمنا في الساعة التي يشاء، ونقدم نحيب إخواننا في الثامنة. نحن أكثر مما يتصور العدو، نحن أعداؤنا إخواننا. ونحن كما يشتهي العدو، أعداء له وأحباء للحياة العالية. سنترك، بعد هذه الجنازة، عشبا صغيرا ليبني لنا خضرة في الأرض ويبني للسماء رصاصا يذوب فوق رأس الأنبياء.