منذ نعومة أظافره ظل عبد الكبير الذي لم تطأ قدميه اي مدرسة او مسجد لتعلم الابجديات، يعمل بالحقول تارة بالأجر اليومي واخرى بالخمس او الخبزة. اذ لم يعرف عنه في يوم من الأيام انه اساء معاملة احد او اعتدى على أحد سكان الدوار. ظل على هذا الحال الى أن بلغ سن الرشد حيث قرر استكمال دينه، وذلك بالبحث عن زوجة صالحة تعينه على عوانيه الزمان وتستر عرضه . ظل يبحث عن فتاة تقبل بمستواه المعيشي هو الذي ألف العمل بالحقول، وبعد عدة اسابيع من الاستشارات، قرر الزواج ب (ع) احدى بنات فلاح كبير بالمنطقة ، تردد بداية نظرا للفارق المعيشي والهوة الاجتماعية بينه وبين صهره المحتمل. الا أن هذا الأخير لم يتردد ولو لحظة واحدة في مباركة خطوات عبد الكبير وبالتالي تزويجه ابنته فرح عبد الكبير كثيرا واعتبر ان زواجه بعايدة يعتبر انتصارا له وفتحا لأبواب المستقبل خاصة وأن صهره يتوفر على عدد كبير من الأراضي الفلاحية التي سيشتغل بها وكأنها في ملكه. تحول إجتماعي في حياة عبد الكبير تكلف الصهربكل متطلبات العرس وتم استدعاء اعيان القبيلة إعلانا بزواج عبد الكبير بالمصونة ابنة الفلاح الكبير وصاحب الأراضي الزراعية الخصبة. مر كل شيء على ما يرام وتم زف( ع) لعبد الكبير بعد ان منحهما والدها منزلا قريبا من أملاكه مجهزا بكل الوسائل. وبعد مرور أسابيع على هذا الزواج خرج عبد الكبير للعمل بجانب أبناء صهره الذين اعترضوا بداية على هذا الزوج الذي لا يتناسب موقعه الاجتماعي مع موقعهم. حيث ظل عبد الكبير الشخص المفضل عند صهره نظرا لما عرف عنه من اتقان في العمل وحرص على ممتلكات الناس. ظل على هذا الحال يشارك العمال الزراعيين الحرث وقت الحرث والحصاد لحظة الحصاد، لا يعتبر نفسه صهرا لهذه العائلة، بل مستخدما عندها. وبعد سنتين تعرض الحاج احمد الى نوبة صحية ألزمته الفراش عدة شهور قبل ان يسلم الروح الى باريها ليتسلم بعد ذلك مشعل الاستمرارية ابنه عمر الذي تحول من انسان مسالم الى ما يشبه الباطرون القاسي على عماله. حيث لم يسلم من تصرفاته حتى صهره عبد الكبير الذي يعود اليه الفضل في بناء كل هذه الثروة وظل يهدده هو الآخر بالطرد ان لم يكف عن توجيه النصائح له، بل لم يشفع له حتى زواجه من شقيقته التي تعتبر من ضمن ورثة احمد. الاب ضمانة لوحدة العاءلة رغم كل ما حدث فقد استمر عبد الكبير في العمل ضمن طاقم ضيعات وأراضي الورثة التي اصبح يسيرها ابنه عمر الا أن حلول فصل الصيف والانطلاقة غير الموفقة لعمر في تفويت المنتوجات الى الاغيار قادت عبد الكبير الى إعلان التمرد ضد عمر ومغادرة أراضيه للعمل في أراض أخرى مما ادى الى قطع كل صلات الرحيم مع اصهاره ، وهي اللحظة التي كانت فيها بنته قد رأت النور في بيته. ظل عبد الكبير على حاله الى أن تحول الى سبة في الدوار ذلك انه يتوفر علي قسط كبير من الاراضي الفلاحية ومازال يعمل لدى الغير فكر مليا في الامر، وأخبر زوجته بهذا الجديد مطالبا إياها بمساعدته قصد الحصول على نصيبها من الإرث واستثماره لصالح العائلة التي بدأت تتسع بداية اتصلت (ع) بشقيقها عمر الذي كانت قد قطعت معه كل صلة والتمست منه العمل على منحها قطعة أرضية من أراضي والدها قصد استغلالها رفقة زوجها، وعدها عمر خيرا وطلب منها العودة بعد شهر الا أن عودتها في المرة الثانية كادت ان تودي بحياتها حيث هددها عمر بالقتل بل طلب منها عدم العودة مرة أخرى الى بيته الذي لم يكن سوى بيت والديها تحملت هذه الإهانة وعادت الى منزل زوجها وهي تجر ذيول الخيبة. اخبرت زوجها بما حصل. وحملته أمانة الدفاع عن استرداد حقها.. حاول عبد الكبير بداية فهم الذي حصل وقرر ان يتكلف هو شخصيا بإدارة ملف هذه القضية بشكل حبي قبل اللجوء الى المحاكم بعد وفاة الأب. الصهر يطالب بنصيب زوجته من الإرث اتصل بداية عبد الكبير بأعيان القبيلة والتمس منهم التدخل لدى صهره قصد تسليم زوجته حصتها من الارث دون اللجوء الى المحاكم. وهو ما تم بالفعل، الا ان عمر ظل متشبثا بكل الارض رافضا تسليم شقيقته قسطا من تركة والدهما. فقرر عبد الكبير في الأخير الاتصال به شخصيا عسى ان يرق قلبه ويتفهم مطالب شقيقته الا ان هذه المحاولة باءت هي الأخرى بالفشل. وكان الاحراج الذي كان يسببه له عبد الكبير في كل الافراح والاقراح النقطة التي دفعت بعمر الى البحث عن وسيلة يتخلص منها من صهره حتى يرتاح من صداع الرأس. بدأ بداية في الابتعاد عن كل الاماكن التي يتردد عليها عبد الكبير قصد الحد من احتقاره والإساءة اليه امام اعيان القبيلة. الا أن تردده على السوق الاسبوعي كان يؤدي به اسبوعيا الى سماع كلام يحط من قيمته امام الجموع وبعد طول تفكير قرر أخيرا التخلص منه ومن صداعه بشكل نهائي. الشعوربالظلم والاحتقار ظل عمر طيلة تلك الليلة يفكر في الطريقة التي ستريحه من الاحراج الذي يسببه له صهره، فقرر الترصد له في الطريق المؤدية الى السوق الاسبوعي الذي سيزوره لا محالة. اذ منذ الساعات الأولى ترصد له قرب باب الصبار الذي اعتاد المرور بقربه، وفي حدود الساعة السابعة تراءى لعمر طيف عبد الكبير وهو متوجه الى السوق، وفي غفلة منه وجه له ضربة قوية على مستوى رأسه الا أنه ورغم قوتها فقد استطاع الوقوف على رجليه، وهو مازاد غضب عمر، اذ بدأ يوجه له الضربة تلو الأخرى الى أن خارت قواه وسقط ارضا والدماء تسيل منه بغزارة، وبعد لحظات ظن انه فارق الحياة الا ان المعتدى عليه كان مازال متشبثا بالحياة، فبدأ يوجه له الضرب بكل ما أوتى من قوة حتى كسر يديه ورجليه. وبعد ان بدأ الضحية يفارق الحياة قام بتكبيله ومزق ثيابه قبل ان يوجه له الضرب الى مختلف أنحاء جسده وغادر المكان . وماهي الا لحظات حتى ألقي عليه القبض نظرا للعداوة التي كانت بينه وبين الضحية والتي لم تكن خافية، على احد فأحرى اعوان السلطة. المتهم يجهز على الضحية بعد أن نكل به وبعد استكمال البحث احيل الملف على المدعي العام الذي استنطق المتهم وأحال الملف على التحقيق حيث اكد أمامه ابتدائيا وتفصيليا انه كان في نزاع مع الضحية بشأن الإرث وكان دائما يطارده ويهدده بالقتل مطالبا إياه بنصيب زوجته التي هي شقيقته وكان قد رد عليه مرة بالضرب. وبخصوص الواقعة صرح انه كان في طريقه الى السوق، فالتحق به الضحية واخذ يطالبه بنصيب زوجته من الارث ثم تحوز بعد ذلك على عصا من عربته وأخذ يضربه بها، الا انه تصدى له واخذها منه وبدأ يضربه بها على رأسه الى أن سقط ارضا وظن انه توفي الا انه سرعان ما نهض وامسك به من تلابيبه فضربه مرة أخرى بنفس العصا وقام بتكبيله بربط إحدى يديه مع إحدى رجليه. واخذ يواصل الضربات على مختلف جسمه وهو يردد «هل مازلت تريد الإرث والأرض؟» وتركه على تلك الحال وانصرف في اتجاه مدينة آسفي، ولما عاد في اليوم الموالي اخبر ان الضحية قد غادر الحياة فقدم نفسه الى الدرك. المحاكمة وبعد انتهاء البحث احيل الملف على غرفة الجنايات التي احضر امامها المتهم في حالة اعتقال مؤازرا بدفاعه كما حضر دفاع المطالب بالحق المدني، وبعد تلاوة قرار الإحالة والتأكد من هوية المتهم التي جاءت مطابقة لمحضر الضابطة، اشعره الرئيس بالمنسوب اليه اجاب ان الضحية وقع معه سوء تفاهم حول الأرض، حيث اعتدى عليه بعصا وتمادى عدة مرات في ذلك مما حدا به الى انتزاعها وتوجيه ضربة واحدة لا غير وأكد واقعة تكبيله. ونودي علي شاهد فأكد انه شاهد الضحية في حالة مابين الحياة والموت لا يتلفظ بأية كلمة وقد كان مربوطا بالحبال دفاع المطالبين بالحق المدني وبعد ان تناول ظروف النازلة اكد ان المنسوب الى المتهم ثابت في حقه والتمس ادانته وفق فصول المتابعة وفي الدعوى المدنية الحكم بما جاء في مذكرة المطالب المدنية. ممثل الحق العام التمس ادانة المتهم وفق الملتمسات النهائية في الاقصى وإسناد النظر في المطالب المدنية بعد ذلك تناول الكلمة دفاع المتهم الذي بعد عرضه لمناقشة القضية التمس إعادة تكييف الفعل الى جناية الضرب والجرح المفضي الى الموت واحتياطيا تمتيع المتهم بأوسع ظروف التخفيف. وبعد ان كان المتهم آخر من تكلم انسحبت الهيئة للمداولة وعادت بعدها لتصدر القرار التالي تصرح غرفة الجنايات علنيا حضوريا ابتدائيا.. في الدعوى العمومية بمؤاخذة المتهم عمر من أجل المنسوب اليه والحكم عليه بثلاثين (30) سنة سجنا نافذا والاجبار في الادنى. في الدعوى المدنية بقبولها شكلا وموضوعا الحكم على المتهم بأدائه لفائدة المطالبين بالحق المدني تعويضا اجماليا قدره (40000 درهم) مع الصائر والاجبار، وهو الحكم الذي أته غرفة الجنايات الإستئنافية .