كأن شيئا لم ينشر حول ظاهرة إركاب أربعة عشر راكبا في تاكسيات لا تستوعب إلا ستة بمنطقة الحنشان، كنا ننتظر على الأقل بعد نشر مقال في الموضوع بجريدة الاتحاد الاشتراكي أن تتحرك الجهات المسؤولة ، أو أن يتعامل رجال الدرك بحزم أكثر مع الظاهرة، لكن شيئا من هذا لم يحدث " هكذا عبر احد الأساتذة العاملين والقاطنين بمنطقة الحنشان بمرارة عن واقع تفاقم " سيبة " النقل بالتاكسيات بمنطقة شياظمة والتي لم يزدها تناولها إعلاميا إلا جرأة . ولأننا لا نتناول المشاكل لأجل الاستهلاك الإعلامي الصرف أو لأجل شرعنتها وتحويلها إلى تحصيل حاصل، بل لدق أبواب المسؤولين لأجل التحرك ، كل حسب اختصاصه ، لأجل إيجاد الحلول اللازمة درءا للمفاسد وحفاظا على المصلحة العامة. نعود مرة أخرى ، بأسف اشد، لتناول الخطر اليومي الذي يتهدد المواطنين المتنقلين في محور الشياظمة بمنطقة الصويرة ، حيث لا زال سائقو الطاكسيات يفرضون قانونهم الذي ضرب بقوانين النقل العمومي الجاري بها العمل عرض الحائط، فتساوى الركاب بالخرفان بالماعز بالدجاج. أربعة عشر راكبا يتم حشرهم أمام أنظار رجال الدرك الملكي، في مقاعد لا تتسع قانونيا إلا لستة ركاب فقط. نساء، أطفال، شيوخ، موظفون، أساتذة، نساء حوامل، معاقون... مواطنون من مختلف الأعمار والفئات يتم التعامل معهم بمنتهى اللاانسانية ، فيكدسون كالبضائع تحت شعار " قضيو الغرض". غير أن بين القانون وبين " قضيان الغرض" مسافة من الاهانة، والمعاناة والخطر والدوس على القانون والكرامة الإنسانية. تختلط الأنفاس بعضها ببعض، بروائح الأحذية، والعرق، فالأغنام، فالماعز فالدجاج... واللائحة طويلة. ولا مجال لان تكون أنيقا، ولا لان تشكو من داء الحساسية بطاكسيات الكريمات أو مسكالة أو تفتاشت. لان " خلعة" التنقل بطاكسيات تضيق بركابها في حالة ميكانيكية كارثية، بدون ضمانات قانونية وبدون تامين، اكبر من أي إحساس بالامتعاض أو الألم . " لقد استفحلت الظاهرة إلى درجات لا تطاق، في السابق مثلا، كان رجال الدرك يرسلون وسطاء لتسلم الإتاوة من سائقي الطاكسيات، أما الآن فقد صار الأمر فاضحا إلى درجة تمس بسمعة وصورة وهيبة الدرك الملكي. بدون استحياء يتسلم بعض رجال الدرك الملكي عشرة أو حتى خمسة دراهم أمام أعين المواطنين بغض النظر عن فئاتهم الاجتماعية أو المهنية " يحكي احد المواطنين بمرارة كبيرة. في سخرية سوداء تفيض مرارة يتناول المواطنون بمختلف فئاتهم موضوع استفحال الرشوة في أوساط بعض رجال الدرك بإقليمالصويرة، هكذا يسيء بعض رجال الدرك الملكي إلى مؤسستهم ويمرغون في التراب هيبة الدولة حين يسمحون بالمغامرة بأرواح مئات المواطنين يوميا لأجل دريهمات صارت عنوانا للإساءة إلى مؤسسة تعتبر صمام أمان بالقرى والمداشر. ماذا يبقى للمواطنين إذا تواطأ ضدهم ممثلو القانون مع من يدوس على روح القانون؟ ومن يتدخل ليحمي أرواح الناس ومصالحهم من بعض رجال الدرك الملكي الذين لم تعد تحرك فيهم هذه الخطابات أي إحساس بالمسؤولية؟ حتى أصحاب الطاكسيات " عنتتوا وتجبروا"، وأصبح العدد 14 هو الطبيعي والقانوني بالنسبة إليهم، وكل مواطن احتج على الازدحام يقابل بعجرفة وتجاهل وخطاب الأمر الواقع. إذ يجد الركاب أنفسهم مجبرين على المكوث داخل الطاكسيات لساعات أحيانا في انتظار أن يكتمل العدد الذي يشفي طمع ونهم وتسيب سائقي الطاكسيات، ولا يهم أن تعطلت مصالح المواطنين، وليموتوا قهرا وكمدا وحزنا على ضياع هيبة القانون والمؤسسات... وفي مقابل تسيب أصحاب التاكسيات، تتناسل ظواهر أخرى تعزز مشهد الفوضى بمنطقة الشياظمة، حيث انتشرت ظاهرة "الخطافة " إلى درجة كبيرة، فتزايد عدد السيارات من نوع س 15 التي تنقل المواطنين جهارا من والى الحنشان ودائما أمام أعين رجال الدرك الملكي. هكذا يفرض هؤلاء منافسة غير قانونية على أصحاب التاكسيات، وينقلون المواطنين في ظروف لا إنسانية كذلك ، بدون تامين أو ضمانات قانونية، وما حالة الخطاف الذي انقلبت سيارته منذ بضعة أسابيع بمنطقة مسكالة والتي تم التستر عليها ساعتها " ببوسان الريوس" ليلفظ احد الركاب الذين أصيبوا ساعتها أنفاسه متأثرا بجراحه أسبوعا بعد ذلك، إلا نموذجا حيا للمال المنطقي للأمور . وبالموازاة مع هؤلاء، توجد فئة أخرى من الخطافة دأبوا على خداع واستغفال الركاب، حيث يقومون بشكل غير قانوني[ بصباغة سياراتهم من نوع بوجو بلون التاكسي باستثناء السقف، فيستقل الركاب سياراتهم على أساس أنها سيارة أجرة مرخصة، بدون أن يعلموا أنهم في رحلة إلى المجهول بدون تامين أو ضمانات. ومرة أخرى، لا يحرك رجال الدرك ساكنا إزاء هذه الظواهر التي تجاوزت كل القوانين والضوابط، واسترخصت أرواح الناس، وداست على سلطة المؤسسات وهيبتها. " أنا ضد ظاهرة تكديس الناس وتجاوز الحمولة القانونية، لكني أجد نفسي مضطرا لدفع إتاوة عن كل رحلة أسوة بالذين يخرقون القانون.." هكذا صرح لنا احد سائقي التاكسيات بمنطقة الحنشان بكثير من المرارة. ويبقى أول خطر يتهدد أرواح المواطنين المتنقلين بتاكسيات إقليمالصويرة هو الحالة الميكانيكية السيئة للسيارات، فقد تجاوزت اغلب الطاكسيات عمرها الافتراضي بسنوات كثيرة، كما أنها لا توفر الحد الأدنى من الراحة للركاب زيادة على سياقتها في أحيان كثيرة من طرف سائقين لا يتوفرون على رخصة الثقة. يقع هذا العبث، وتستفحل هذه السيبة على بعد 30 كيلومترا فقط من مقر عمالة الصويرة، والقيادة الجهوية للدرك الملكي، والمندوبية الإقليمية لوزارة النقل والتجهيز، على الطريق الوطنية الرابطة بين مدينة الصويرة ومراكش. حيث يسهل على أي مسؤول معاينة مظاهر التسيب والرشوة والاستهتار بمشاعر المواطنين والدوس على حقوقهم. فهل من مسؤول إقليمي ليوقف هذه الفوضى؟