استفاق سكان منطقتي الرصيف وباب الجديد التابعتين لمقاطعة فاسالمدينة يوم الأحد 4 يناير الجاري على إيقاع هول فيضان سد القعدة التلي الكائن بمحاذاة حي عوينات الحجاج بعد أن ارتفع به مستوى المياه إلى حدود فاقت طاقته الاستيعابية بفعل كمية الأمطار الهائلة التي تهاطلت على مدينة فاس في زمن قياسي يوم السبت الماضي، حيث تسربت أمواج مياه السد التلي الجارفة عبر منطقة ويسلان وهي تملأ مسار وادي الزيتون لتصل إلى منطقتي باب الجديد والرصيف، اللتين غمرتهما المياه محولة المدينة القديمة إلى جزيرة معزولة بعد أن شطرت مجاري المياه المتعددة المنطقة إلى شطرين، بحكم أن الشارع المؤدي إلى الرصيف انطلاقا من باب الجديد تحول إلى واد والذي يبدو أنه جاء ليعيد رسم مساره القديم أيام كان هذا الشارع في واقع الأمر، واديا قبل أن تتم عملية تغطيته وإقامة شارع على واجهته السطحية. وإلى ذلك أكد سكان هذه المنطقة التي طالتها الفيضانات بأنه لم يتم إخبارهم بخطر فيضان السد التلي في الوقت المناسب لاتخاذ التدابير الوقائية، لولا أنهم شعروا بتقدم المياه نحو منطقتهم منذ الساعات الأولى من صباح يوم الأحد، مما خلق موجة من الذعر والهلع في صفوف السكان الذين سارعوا إلى إخبار السلطات المحلية التي حضرت إلى عين المكان، جالبة معها كل وسائل التدخل من جرافات ووسائل الوقاية المدنية اللوجيستيكية، والتي لا تزال تعاني نوعا من النقص من حيث الفاعلية وعدد أفراد هذه المصلحة العمومية الهامة في مثل هذه الحالات، بحيث كان عدد عناصر قوات الأمن يفوق بكثير أفراد الوقاية والنجدة المدنية.وبالرغم من ذلك تمكن المسؤولون من شطر مسار واد الزيتون إلى ثلاثة مسارات، في محاولة للتخفيف من قوة المياه الجارفة التي لو اتخذت مسارا واحدا لما حصلت كارثة إنسانية حقيقية بهذه المنطقة التي تعاني نقصا كبيرا في البنية التحتية، ذلك أن بالوعات صرف مياه الأمطار بدت معطلة بسبب امتلائها بالأتربة والقمامة،مما تسبب في تسرب المياه نحو الأزقة المنخفضة كما حصل مع حي النخالين وسيد العواد اللذين غمرتهما المياه وأغرقت المحلات التجارية، وبعض الدور السكنية متسببة في خسائر مادية كبيرة همت 44 محلا تجاريا تفاوتت درجات الأضرار التي لحقت بمحتوياتها.كما انهار منزل عتيق يقيم به 12 فردا من عائلة واحدة بدرب الشفشاوني بمنطقة لكزيرة، جراء التساقطات المطرية القوية وأصيب خلاله صاحب المنزل ادريس الوزاني، وهو رجل مسن بكسور برجليه ونقل على الفور إلى مستشفى الغساني. هذا ويبقى أبرز عنوان لهذه الفيضانات هو انهيار جزء من القنطرة المؤدية إلى حي باب الجديد، حيث تنتصب العديد من المرافق السياحية بالمدينة، ذلك أن القنطرة المنكوبة أنجزت مؤخرا ولم يتم بعد تسليمها كمشروع منته حتى جرفتها المياه، مما ينم عن عدم إخضاعها لجميع الشروط التقنية ودواعي السلامة الواجبة في الجسور والقناطر، وما يطرحه ذلك من تساؤلات محرجة تخص عمليات تفعيل أداة مراقبة وتتبع العديد من مشاريع البنية التحية المنجزة بمدينة فاس، والتي عرتها مياه الأمطار ولم يمض على إنجازها سوى زمن قصير. وفي سياق تفسير ما حدث، كشفت مصادر عليمة بأن مسؤولي حوض سبو يتحملون قسطا من مسؤولية ما حدث بحكم أن المصلحة الوطنية للأرصاد الجوية كانت قد دقت ناقوس خطر سوء الأحوال الجوية على مدى الأيام القليلة الماضية، فيما لم تبادر مصالح الحوض إلى إفراغ السد التلي لتكييف طاقته الاستيعابية مع حمولة المياه المرتقبة ولوجها إليه بعد موجة التساقطات المطرية التي كانت منتظرة مع نهاية الأسبوع المنصرم.فيما أرجعت مصادر أخرى أسباب هذه الكارثة إلى كون السلطات المحلية والجماعة الحضرية وكذا شركات التدبير المفوض وعلى رأسها «لارادييف» لم تُعر أي اهتمام لعمليات صيانة وتنقية الأودية وممرات القناطر وبالوعات الوادي الحار قبل حلول موسم الأمطار، ذلك أن امتلاء مسار وادي الزيتون بالنفايات جعل هذه الأخيرة تجبر المياه على تغيير مسارها نحو منطقة الرصيف، مهددة حياة وممتلكات المواطنين الذين قضوا يوما عصيبا، شأنها في ذلك شأن بقية ساكنة أحياء المدينة القديمة والأحياء الشعبية غير المجهزة في غياب تصور حقيقي للقائمين على تدبير الشأن العام المحلي، والذين يغضون الطرف عن مسببات هذه الفيضانات والتي قدم حولها المستشارون الاتحاديون اقتراحات عملية احترازية، تفاديا لتهديدات المياه الجارفة كما حدث خلال الدورة الأخيرة للجماعة الحضرية لفاس، بمبادرة من المستشار الاتحادي محمد الخضوري الذي أثار بجدية المخاطر التي تطرحها وضعية البنيات التحية بالمدينة، والتي أضحت غير قادرة على تحمل وقع حالات الفيضانات غير أن العمدة شباط فضل التبرك ببركة مولاي إدريس الذي يقول عنه إنه يحمي مدينة فاس من كل مكروه مرتقب،وبالتالي فلا حاجة إلى تدابير وقائية.. !؟