واجه المغرب خلال سنة 2008 مشاكل حادة جراء استقرار أسعار الحبوب في الأسواق العالمية في مستويات مرتفعة، فبفعل ضعف قدرة الإنتاج الوطني على تغطية الحاجيات، فإن حجم المشتريات حتى متم نونبر 2008 بلغ 3.521.937 طن من القمح وكلف نفقات إضافية بلغ معدلها 28,6% بعد أن بلغت أكثر من 11.004 مليون درهم بزيادة بلغت حوالي 2477,5 مليون درهم مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2007، وبالنسبة للذرة فإن الكلفة ارتفعت بحوالي 795,6 مليون درهم لتستقر في أكثر من 3.864 مليون درهم. واستناداً إلى إحصائيات مكتب الصرف، يتضح أن واردات المغرب من القمح والذرة ارتفعت عما كانت عليه في السنة السابقة، بينما الواردات من الشعير سجلت تراجعاً بلغ حوالي الثلث، كما يتضح أن معدل سعر مشتريات القمح تقلص بمعدل 6,1% بعد أن تراجع من 3073 درهم للطن في نونبر 2007 إلى 2887 درهم للطن في نونبر 2008. وإذا كان سعر الاستيراد قد بلغ دروته في ماي 2008 إذ بلغ 3862 درهم للطن ، فإن الكميات المستوردة كل شهر، باستثناء الصيف، تزيد عادة عن 450 ألف طن وقد بلغت ذروتها في شتنبر 2008 حيث تم استيراد 590,7 ألف طن بسعر بلغ معدله 2669 درهم للطن. وسواء تعلق الأمر بالقمح أو بالذرة أو بالشعير، فإن تضارب المصالح بين المستوردين وبين المنتجين مازال يشكل أحد الملفات الأساسية المفروض الحسم فيها ، خاصة أن المخطط الأخضر دخل حيز التنفيذ وأن إشكالية تزويد السوق الداخلية بالكميات والجودة المطلوبتين وبالأسعار المناسبة، ما زالت قائمة وتنعكس بشكل كبير على المستهلك. ولعل أهم ما يجب الحسم فيه بسرعة، يشمل بالنسبة للمنتجين تخصيص ما يكفي من المساحات لإنتاج أكبر ما يمكن من الحبوب، وتوفير وسائل الإنتاج من آليات ومخصبات بأسعار تجعل كلفة الإنتاج في المستوى الذي يرفع من تنافسية الإنتاج المحلي للواردات، ويشمل بالنسبة للمستوردين أولاً توفير ما يكفي من خزانات الحبوب للتمكن من شراء كميات كبيرة عند تدني الأسعار، والكف عن الشراء عند ارتفاعها وثانياً توفير كافة التجهيزات اللوجيستيكية التي تؤمن الاستيراد والتوزيع والتخزين والتصنيع بأحسن جودة وبأقل كلفة. إن القطاع الفلاحي مازال يعاني من التعامل معه من منظورين: أولهما سياسي ويبوئه مكانة تجعله إحدى القاطرات الأساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وثانيهما عملي ويجعل منه قطاعاً يتخبط في العديد من المشاكل في انتظار نضج المشاريع التي ظلت طيلة عدة عقود محط تعديلات، دون أن تفضي إلى برامج عملية تستجيب لمتطلبات كل الفاعلين في القطاع الفلاحي والقطاعات المرتبطة به.