من يقرأ التلخيص المطول لتقرير مديرية الهجرة ومراقبة الحدود بوزارة الداخلية حول المخدرات ومكافحة الاتجار فيها خلال سنة 2008، الذي عممته وكالة المغرب العربي للأنباء بالأمس، لابد وأن يتشمم نسائم الارتياح التي شعر بها كتاب هذا التقرير، وهم يؤكدون أن تجارة المخدرات عرفت ركودا خلال سنة 2008، وتراجعا ملحوظا للمساحات المزروعة بالقنب الهندي، ويتكهنون بتراجع المغرب في الترتيب على مستوى محاصيل زراعة المخدرات، وكأن حلمهم هو أن يأتي المغرب بعد أفغانستان، كما يرد ذلك في نهاية الملخص. لكن المتصفح فقط لملخص هذا التقرير، يمكنه أيضا أن يلاحظ أن الأرقام التي يقدمها، تتعلق فقط بما تم حجزه من أنواع المخدرات من طرف السلطات، وفي مقدمة هذه الأنواع القنب الهندي ثم الكوكايين في المرتبة الثانية، ثم الحبوب المهلوسة في المرتبة الثالثة وأخيرا الهيروين، مثلما يمكنه أن يلاحظ ويتساءل أيضا عن غياب أنواع أخرى من المخدرات كالمعجون والسيلسيون وغيرها من أنواع الحلويات المخدرة التي باتت تباع لتلاميذ المدارس. ومن بين الأسئلة التي لم يجب عنها ملخص التقرير - وهو مطول ولا عذر له في إغفال ما هو مهم إن كان في التقرير الأصلي - هي: ما هي تقديرات مديرية الهجرة ومراقبة الحدود لنسبة ما تم حجزه، قياسا بما لم يتم حجزه؟ وما الحجم المقدر لما استهلك داخل المغرب، وما تم تهريبه الى الخارج من القنب الهندي مما لم يتم حجزه؟ وما هي تقديراتها لما تم تهريبه الى داخل المغرب، واستهلك داخليا من الكوكايين والهيروين بالقياس دائما لما تم حجزه؟ إن مثل هذه الأسئلة وغيرها قد تبعث لدى أصحاب التقرير بعض القلق المحفز على مواصلة مكافحة هذه الآفة، أما الارتياح الواثق الذي يجعل النتائج: (ركود تجارة المخدرات - تراجع المساحات المزروعة - تراجع منشود في ترتيب بلادنا..) تنبني على شطر المحجوز، والذي قد يكون مجرد رأس جبل الجليد العائم، دون إضاءة ما لم يحجز وهو ما خفي، فإنه لن يؤدي سوى إلى الجمود والركود، ليس على مستوى تجارة المخدرات، بل على مستوى محاربتها!