تبدأ الحكاية في فيلم «ملزمة في الجنة» على نحو غير طبيعي، من امرأة «شيا» تعشق الاستماع إلى موسيقى «فاي وونغ»، لكنها تتعرض للعنف من طرف خطيبها لأنها تتخلى عن تذكرة الدخول إلى الحفل الموسيقي الذي طالما انتظرته. وفي لحظة إصرار منها، تلتقي ب»شو»، بائع تذاكر في السوق السوداء. ومن هنا تبدأ الحكاية بين شيا يو (ني ني ني) وشو زيتاي (تشو يو). لا أحد منهما يكلف نفسه عناء تقديم نفسه للآخر إلا بعد قضاء ليلة معًا. في هذا الفيلم، يتفوق شغف الحب على كل شيء آخر، سواء أمام الكاميرا أو خلفها، فنكون أمام دراما مفعمة بالحيوية عندما يعيش الثنائي المحوري كل يوم وكأنه آخر يوم لهما. فأي يوم بالنسبة ل»شو» الذي يعرف أن موعد انتهاء العلاقة سيأتي عاجلاً وليس آجلاً بسبب مرض عضال (سرطان في المعدة). غير أنه، وبسبب ضيق ذات اليد لكونه مجرد بائع معكرونة متواضع في ووهان، فإن الحصول على العلاج أو حتى التشخيص المناسب أمر بعيد المنال. اللقاء بين الطرفين لا يبدو أنه بداية موضوعية لعلاقة غرامية رائعة عندما بالكاد يتعرف عليها في الشارع أمام مكان الحفل، ولكن بمعرفته بخباياها وخفاياها، لم يكن بإمكانه أن يقوم بلفتة رومانسية أكثر من إيجاد مكان مناسب حيث يمكنه رفعها على كتفيه لتشاهد الحفل من مكان آخر؛ وهي لحظة جميلة بشكل مؤلم في الضوء الخاص الذي يلقيها «هوو»، إذ يتمتع الفيلم بطاقة بصرية تتناسب مع وتيرته التي لا هوادة فيها حيث يغطي عقدًا من الزمن. وهذا ما يمنح الفيلم كثافة شديدة. في هذا الفيلم أيضا، نلمس علاقة التواطؤ الرائع بين «شيا» و»شو»، في الهمسات التآمرية الهادئة المفعمة بالحيوية مثل تلك التي يرغبان فيها بتمزيق ملابس بعضهما البعض، في ممارسة الجنس الذي يبدو أنه ينبع من لغة واحدة، من اللقاء بعائلة «شو» في الريف الصيني، وهي زيارة لم يتم استقبالها فيها بحرارة من قبل والديه. وفي الماضي المؤلم التي ترغب المرأة في نسيانه؛ فهي لم تلتقِ بحبيبها إلا بعد هروبها من براثن خطيبها المسيء (لياو فان)؛ وفي الخطر الذي يخيم على الحبيبين لمجرد أن الخطيب بإمكانه أن يعثر عليها في كل مرة لاذت بالفرار بعيدا عنه. وهذا حافز سردي قوي بما فيه الكفاية ليعيش الحبيبان في انعزال تام عن الآخرين. مستوى الخطورة من انكشاف أمر الحبيبين من طرف الخطيب، أو من طرف الشرطة بعد مقتل الخطيب، جذاب للغاية بالنظر إلى أن الأفلام الرومانسية معروفة بأنها تجري في مناخ آمن. لكن قصة الفيلم تتضمن قدرًا مدهشًا من العنف، علما أن في خلفية القصة هناك قصة حب رائعة يؤديها حبيبان يشكلان ثنائيًا آسرًا، يذكرنا بأعظم قصص الحب عبر التاريخ. هل هو فيلم أكشن؟ هل هو فيلم رومانسي؟ هل هو فيلم بوليسي؟ إنه كل هذه العوالم المختلفة التي تخترقها الشخصيات باقتدار سردي كبير تتقاطع فيه الحكايات والمصائر، وكل شيء في التفاصيل التي تبدو غير مهمة، لكنها كذلك ما دامت الحكاية كلها مجرد أقوال وشهادات يتم تدوينها في محضر الشرطة. لقد أضفت هوه شين على فيلمها نفحة رومانسية تتميز بالأناقة على مستوى الفضاء، إذ يسافر الفيلم من شنغهاي إلى تشونغتشينغ عبر ووهان، وهذه واحدة من نقاط القوة الأخرى في الفيلم، أي التعبير القوي الذي تقدمه الطبيعة والعمارة للمحكي الفيلمي. إنه فيلم رومانسي كاسح لا حدود له سوى السماء، رغم البعد المأساوي للقصة: انتحار الحبيب بعد أن نخر جسمه السرطان، وإلقاء القبض على المرأة لأنها سرقت المورفين.