شياومي المغرب تطلق سلسلة هواتف Redmi Note 14 الجديدة    اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يبدأ صباح الأحد.. إطلاق سراح 737 أسيرا فلسطينيا مقابل 33 أسيرا إسرائيليا    "إف بي أي" يثمن ويشيد بتعاون المخابرات المغربية في قضية اعتقال "سليمان الأمريكي"    فريق المغرب التطواني يواصل سقوطه في البطولة الاحترافية    غياب المدرب و3 لاعبين عن الجيش الملكي قبل مواجهة صن داونز    يهم حكيمي.. سان جيرمان يزاحم ريال مدريد على صفقة كبرى    طقس السبت.. الريف والأطلس على موعد مع الصقيع وتساقط الثلوج    الوزير بركة يعطي انطلاقة مشاريع تنموية كبرى بإقليم العرائش لتعزيز البنية التحتية والموارد المائية    أنفوغرافيك | جامعة محمد الخامس.. لوحدها تدخل تصنيف "كيو إس" لأفضل جامعات العالم في 2025    انقلاب شاحنة يكشف عن شحنة ضخمة من الحشيش    مجلس الوزراء الإسرائيلي يوافق على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    وفاة مهاجم مانشستر يونايتد السابق دينيس لو عن عمر 84 عاما    بطولة ألمانيا: البرتغالي بالينيا يعود لتدريبات بايرن ميونيخ    المصارع المغربي علاوي بطل النسخة العربية الإفريقية من "محاربي الإمارات"    رسميًا.. باريس سان جيرمان يضم كفاراتسخيليا حتى 2029    نهضة بركان يطرح تذاكر مواجهة ستيلينبوش الجنوب إفريقي    بنك المغرب: حاجيات سيولة البنوك تبلغ نحو 136 مليار درهم خلال شهر دجنبر 2024    عاجل..العثور على أطنان من المخدرات إثر حادث انقلاب لشاحنة في الطريق السيار (فيديو)    ضبط شخصين يشتبه تورطهما في السياقة الخطيرة في ظروف تهدد سلامة الأشخاص والممتلكات    الدار البيضاء.. سفير الصين بالمغرب يدشن الاحتفالات بعيد الربيع الصيني    حملة تفتيشية بالمدينة العتيقة لطنجة تغلق محلات لبيع المواد الغذائية والتجميل لعدم الالتزام بالضوابط الصحية    أفضل الوجهات السياحية في المغرب: دليل شامل لعام 2025    المحكمة العليا الأمريكية تؤيد حظر تطبيق تيك توك    هل يفتح اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس" أفقا للسلام الدائم؟    نيناتي: أمتن لدعم الملك لتنمية ليبيريا    السياقة الاستعراضية توقف شخصين    له موقف كراهية ضد المملكة.. الرباط تنفي أي صلة بمغربي موقوف بتهمة التجسس في ألمانيا    الدار البيضاء.. سفير الصين بالمغرب يدشن الاحتفالات بعيد الربيع الصيني    إتقان اللغة الأمازيغية.. من السلطان محمد الثالث إلى ولي العهد مولاي الحسن: إرث ثقافي مستمر    بلاغ لوزارة الخارجية المغربية يشيد ب "وقف القتال والهجمات على المدنيين" في غزة    المغرب يشيد باتفاق وقف إطلاق النار في غزة ويدعو لسلام دائم    إسرائيل تنشر قائمة بأسماء 95 معتقلا فلسطينيا ستفرج عنهم اعتبارا من الأحد    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بالأحمر    جنيف.. مطالبات بتسليط الضوء على ضحايا الاختفاء القسري في تندوف    شهادة تأمين "المسؤولية المدنية العشرية" أصبحت إجبارية للحصول على "رخصة السكن"    توقيف عنصر متطرف بتاوريرت يتبنى الفكر المتشدد لتنظيم «داعش» الإرهابي    مجموعة مارتينيز أوتيرو الإسبانية تختار المغرب لفتح أول مصنع لها في الخارج    "بوحمرون" يجلب قلق ساكنة طنجة.. مسؤولون: الوضع تحت السيطرة    تخفيف ضريبي يرفع معاشات التقاعد    "أطاك" تنتقد لجوء الدولة إلى تكبيل الحق في ممارسة الإضراب    كوت ديفوار تجدد التأكيد على موقفها الثابت الداعم للوحدة الترابية ولمغربية الصحراء    الهند وباكستان في طليعة المستفيدين من التأشيرة الإلكترونية المغربية.. إصدار أزيد من 385 ألف تأشيرة منذ 2022    وفاة الممثل المصري فكري صادق بعد صراع مع المرض    أوريد يوقع بمرتيل كتابه "الإغراء الأخير للغرب: تداعيات الحرب على غزة"    وفاة جوان بلورايت نجمة المسرح والسينما البريطانية عن 95 عامًا    ارتفاع أسعار النفط في ظل مخاوف بشأن المعروض    قصة حب ومليون دولار.. تعليق من براد بيت على قصة الفرنسية التي خدعت بغرامه    حمودان يقدم لوحات فنية في طنجة    مزاد يثمن الفن التشكيلي بالبيضاء    «نحو مغرب خال من السيدا بحلول 2030»: اليوم الدراسي للفريق الاشتراكي يسائل السياسات العمومية والمبادرات المدنية    تناول المضادات الحيوية بدون استشارة الطبيب..مختص يفرد التداعيات ل" رسالة 24 "    خبيرة توضح كيف يرتبط داء السيدا بأمراض الجهاز الهضمي..    HomePure Zayn من QNET يحدد معيارًا جديدًا للعيش الصحي    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صحفي بريطاني: اقتلاع حماس مستحيل مهما امتلكت إسرائيل من قوة

خلال الأشهر الثلاثة من هجوم إسرائيل على غزة قُتل ما يقرب من 25 ألف فلسطيني وجُرح ما يقرب من 60 ألفاً، 70 بالمائة منهم من النساء والأطفال وما يقرب من 80 بالمائة من السكان في غزة أجبروا على النزوح.
كان معدل القتل خلال تلك الفترة أعلى مما شهدته معظم الحروب التي شهدتها المعمورة في هذا القرن، حيث إنه وصل في بعض الأوقات إلى ما يزيد على الألفين من الوفيات في الأسبوع الواحد، ولم تسلم من القصف الجوي عربات الإسعاف ولا المخابز ولا مدارس الأمم المتحدة التي تحولت إلى ملاجئ للنازحين.
قتلت القوات الإسرائيلية ما يزيد على ال150 من موظفي الأمم المتحدة، بينما تحولت المنظمات الخيرية الدولية إلى مجرد وكالات مهمتها تدوين أعداد الأطراف التي تبتر في كل يوم. وإذ يصر المسؤولون الإسرائيليون على الاستمرار في النفي السخيف لوجود أي نوع من الأزمات الإنسانية، فقد تحولت معظم المراكز الحضرية في غزة إلى ساحات بركانية من الأكوام الرمادية والسوداء غير المتساوية.
شاعت الرغبة داخل إسرائيل في الانتقام للهجوم الذي وقع يوم السابع من أكتوبر. إلا أن الجيش الإسرائيلي كان بكل وضوح يعلم أقل بكثير مما كان يعتقد بذلك الذي يجري داخل قطاع غزة.
وإذا كانت إسرائيل قد أخفقت في توقع هجوم تم الإعداد له بتخطيط دقيق وعلى مثل هذا المستوى الضخم، فأنى لها أن تقوم الآن بتنفيذ عملية عسكرية متناسقة؟ لسوف يكون من سابع المستحيلات اقتلاع حماس أو تدميرها كمنظمة، حتى لو كان لإسرائيل اختراق استخباراتي واطلاع جيد على الأمور داخل القطاع.
لقد شبه المسؤولون والسفراء الإسرائيليون أنفسهم الحملة الجوية على غزة بالقصف الذي تعرضت له مدينة دريزدن الألمانية في الحرب العالمية الثانية. ورغم حجم القتل المهول، إلا أن التدمير المنتظم للبنى التحتية المدنية فاق التصور.
وتطلبت الحرب نشر ما لا يقل عن 360 ألفاً من عناصر الاحتياط، أي ما يقرب من أربعة بالمائة من سكان «إسرائيل».
من الهرمية السياسية والعسكرية نزولاً إلى أدنى الرتب الفردية، بدا أن طبيعة العمليات كانت محل قبول منذ اللحظة الأولى، ألا وهي أنه سوف يتم تدمير غزة وسوف يرفرف العلم الإسرائيلي فوق أطلالها.
لعل هذا ما يفسر انهماك الجنود الإسرائيليين في تسجيل سيل منهمر من مقاطع الفيديو التي وثقوا من خلالها إخراج الفلسطينيين عنوة من ديارهم، ودونوا احتفالهم بذلك، وكما عبرت عن ذلك القناة 13 الإسرائيلية، (لسوف تحتفل القوات الإسرائيلية بعيد الحانوكا (مهرجان النور) في ميدان فلسطين).
وبدأت الحرب بشن حملة من القصف الاستراتيجي، على مدى أسابيع، لم يكد يسلم منها متر مربع واحد. وتم استهداف المباني السكنية التي يعتقد بأنها كانت تحتوي شققاً تعود لأعضاء في حركة حماس دونما أي اعتبار لعدد من قد يقتلون خلال العملية.
بل وفي بعض الحالات قتل المئات من المدنيين أثناء محاولة إسرائيل استهداف شخصية واحدة من شخصيات حركة حماس. ولكن، بحسب ما يقوله الصحفي الاستقصائي الإسرائيلي يوفال أبراهام – والذي يعرف بمصادره الجيدة داخل التسلسل القيادي في الجيش وأجهزة المخابرات، كان جل حملة القصف الجوي يستهدف غزة بأسرها، وليس حماس فقط كما تدعي إسرائيل باستمرار.
وطبقاً لمصادر أبراهام فإن معظم الضربات الجوية كانت تستهدف بكل وضوح أهدافاً مدنية، وكانت «الغاية منها إلحاق الأذى بالمجتمع المدني الفلسطيني»، لدرجة أن روبرت بابه، الخبير السياسي الأمريكي، وصف ذلك في شهر كانون الأول/ ديسمبر، بأنه «واحد من أشد حملات العقاب التي تشن على المدنيين في التاريخ».
ما يفعله القصف الاستراتيجي بأي مدينة هو اللجوء إلى الأساليب العسكرية من أجل إحداث دمار هائل في المراكز الحضرية شبيه بذلك الذي أحدثه زلزال العام الماضي في تركيا وسوريا: أنابيب وأسلاك مشوهة، عقد ملتوية من القضبان الحديدية والخرسانة المقطعة، منازل مقسومة إلى شطرين، انكشفت أساساتها كما لو كانت أعجاز نخل خاوية.
بشكل ما، يبدو الركام كما لو كان أكبر بكثير من الكتلة الكلية للمباني الأصلية، من ذا الذي يملك إزاحة كل ذلك؟ وأين عساه يذهب به؟ وكيف لآليات الحفر والجرف أن تميز بين الحطام والعظام؟
كانت استراتيجية إسرائيل على الأرض تتمثل في البدء بإحكام طوق على أطلال مدينة غزة، فدخلت القوات الإسرائيلية إلى القسم الشمالي من غزة ما بين بيت حانون والبحر وقطعت خط الانسحاب إلى الشمال تماماً بمحاذاة وادي غزة قبل أن تقوم بوصل المواقع بعضها ببعض على امتداد البحر.
وبعد الهدنة المؤقتة التي استمرت لمدة أسبوع في شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، بدأت العمليات البرية في المناطق التي تلي ذلك جنوباً. وفي شهر ديسمبر (كانون الأول) توجهت القوات الإسرائيلية نحو خان يونس، دافعة بمعظم السكان باتجاه رفح وشريط ضيق من الأرض على امتداد الحدود مع مصر. لا يسمح إلا لعدد ضئيل جداً من الناس بالعبور، ولذلك بقي سكان غزة محشورين بطريقة يندر أن يتعرض لها أحد، بما في ذلك حتى من يعلقون في مناطق الحروب.
إن القتال بين أكوام الركام أصعب بكثير من القتال في شوارع لم تصب بأضرار. واستخدم الجيش الإسرائيلي مسيرات كوادكوبتر صينية، مثل تلك التي من طراز DJI Mariv 3، حتى يصل إلى داخل المباني المقصوفة قبل أن يعطي جنوده الضوء الأخضر بدخولها. ينبغي على جنوده وهم يفعلون ذلك حماية أنفسهم من العبوات الناسفة ونيران البنادق التي تستهدفهم عبر الثقوب الموجودة في المباني، والتي غدت تستخدم كمتاريس.
يقوم أفراد سلاح الهندسة بتنفيذ عمليات هدم وتفجير لمناطق بأسرها. وأثناء الهجوم على خان يونس نشر الجيش الإسرائيلي كتيبة محمولة جواً بكاملها داخل وحول المدينة بالإضافة إلى الكتائب المسلحة الثلاث التي كانت ما تزال تعمل داخل مدينة غزة. إلا أن كتاب عز الدين القسام التابعة لحماس، وعناصر الجهاد الإسلامي وكتائب شهداء الأقصى وغيرها من المجموعات الفلسطينية المسلحة، تصدت للإسرائيليين بالمقاومة.
قبل أن تتولى حماس إدارة قطاع غزة في عام 2006، طورت كتائب القسام التابعة لها نسخة مصنعة محلياً من المدفع السوفياتي المحمول على الكتف (آر بي جي – 2)، والذي أطلقوا عليه اسم الياسين (على اسم الشيخ أحمد ياسين، أحد مؤسسي حركة حماس). ظن المحللون العسكريون الإسرائيليون أن هذا السلاح لن يكون فعالاً ضد دباباتهم وعرباتهم المصفحة الثقيلة. وذلك أن دبابات ميركافا مزودة بنظام حماية (يسمى تروفي)، صمم لحمايتها من الأسلحة المضادة للدبابات.
وفعلاً، خلال هجومي عام 2014 وعام 2021 على غزة، نجح نظام تروفي، ولكن ثمة أدلة على أن مقاتلي القسام هذه المرة تمكنوا من الاقتراب من الدبابات على الأقدام ووضعوا الذخيرة تحت أنظمة الحماية الفعالة لإبطالها وتعطيلها قبل إطلاق قذائف آر بي جي عليها.
واستخدم مسلحو غزة بنادق مصنعة محلياً باستخدام معدات الخراطة والأدوات الصناعية البسيطة. منذ الثالث والعشرين من يناير (كانون الثاني) فقدت إسرائيل في غزة 217 جندياً، بعضهم أثناء خوضهم معارك قتالية مع المليشيات الفلسطينية (مثل الواحد والعشرين جندياً احتياطياً الذين قتلوا في الثاني والعشرين من يناير)، والذين ماتوا بسبب عبوات انفجرت قبل الأوان، كانوا قد زروعها هم أنفسهم.
يتعرض الرجال والأولاد الفلسطينيون، ممن تتراوح أعمارهم ما بين اثني عشرة وسبعين سنة، للتعرية، والتكبيل، وعصب العيون، ثم يحملون في شاحنات تنقلهم إلى مقرات التحقيق. وبعضهم تدون أرقام على أذرعهم.
ولقد تم نقل المئات ممن اعتقلوا داخل غزة إلى سجن كيتزيوت الصحراوي، بالقرب من الحدود مع مصر، ولربما تم نقل آخرين إلى القواعد العسكرية المجاورة. بعض الرجال الذين اعتقلوا في بيت لاهيا تمت تعريتهم ثم نقلوا إلى معسكرات مسيجة، وبقوا هناك أياماً وهم في الأصفاد، حيث تعرضوا للضرب والتعذيب. وهناك من اختفوا تماماً ولا يعرف لهم مكان. فيما بعد قال الجيش الإسرائيلي إن ما بين خمسة وثمانين بالمائة وتسعين بالمائة من المعتقلين كانوا مدنيين.
وقامت القوات الإسرائيلية مراراً بمداهمة مدارس الأمم المتحدة لاعتقال أي رجال يتواجدون داخلها. ولقد وثق مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة حادثة وقعت يوم التاسع عشر من ديسمبر (كانون الأول) حينما حاصر الجيش الإسرائيلي ثم داهم بناية في حي الرمال داخل مدينة غزة. جاء فيما وثقه المكتب التالي: «تم الزعم بأن الجيش الإسرائيلي فصل الرجال عن النساء والأطفال، ثم أطلق النار على ما لا يقل عن أحد عشر رجلاً وقتلهم، وجلهم تتراوح أعمارهم ما بين أواخر العشرينيات ومطلع الثلاثينيات، وفعل ذلك على مرأى ومسمع من أفراد عائلاتهم.»
منذ البداية، كانت عملية السيوف الحديدية هجوماً شاملاً على سكان أغلبيتهم العظمى من المدنيين الذين يعيشون رهن الحصار.
لا تمت أساليب إسرائيل بكثير من العلاقة إلى مذهب مكافحة التمرد المتعارف عليه، أو إلى قواعد الاشتباك. ولذلك تعتبر الحرب على غزة في جوهرها عملية انتقامية: فعل من أفعال العقاب الجماعي، الذي مثله مثل جميع الإجراءات العقابية، يغفل التساؤل عما إذا كان ذلك ناجعاً أم لا.
حقيقة أن العقاب في حد ذاته كثيراً ما يكون هو الغاية النهائية. إلا أن تنفيذ الحرب له صفة عربدية. الاحتفالات بالقتل من قبل الزعماء السياسيين الإسرائيليين، المخططات الخيالية لإزاحة الفلسطينيين وإخراجهم إلى سيناء أو إلى أوروبا أو إلى الكونغو، والشخصيات العامة التي توقع اسماءها على القنابل التي سوف يقصف بها ما تبقى من غزة، والتسجيلات التي يقوم بها الجنود الإسرائيليون بكل سعادة وابتهاج – كل ذلك يجمع ما بين الحقد والنشوة.
قد نرغب في مقارنة الحرب الحالية مع العمليات الإسرائيلية ضد غزة في حروب 2008-2009، 2012، 2014 و 2021.
ولكن الأكثر فائدة من حيث المعلومات هو مقارنة عملية السيوف الحديدية الأكبر بكثير مع طوفان الأقصى، الهجوم الذي قادته حماس على عدة جبهات يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول). خلال دقائق من اختراقهم لحاجز غزة (وذلك ليس بحدود)، وجد المسلحون أنفسهم وجهاً لوجه أمام نسخة إسرائيلية من مهرجان النشوة البرازيلي، الذي كان قائماً بالقرب من رعيم. مباشرة تقريباً تحول ذلك إلى مجزرة، حيث قتل المئات من المشاركين في المهرجان بينما أخذ آخرون رهائن.
داخل الكيبوتسات استهدف المقاتلون قوات الرد السريع المحلية (في نير يتسحاق قتلوا ما يقرب من خمسة رجال مسلحين)، بالإضافة إلى مدنيين إسرائيليين وعمال مزارع من جنوب شرق آسيا.
يوصف طوفان الأقصى في العادة بأنه هجوم لحماس، يكاد يكون من المؤكد تقريباً أن التخطيط له والأمر به كان من قبل يحيى السنوار، زعيم حماس في غزة، وكذلك من قبل قائد كتائب القسام محمد الضيف.
ولكنه كان أيضاً عملاً تعاونياً شاركت فيه مختلف المليشيات الموجودة داخل غزة، حيث ساندت كتائب أبو علي مصطفى كتائب القسام والجهاد الإسلامي الفلسطيني.
فيما بعد انضمت إلى هؤلاء المقاتلين عناصر غير نظامية من غزة، والنتيجة أن فرق هجومية نظمتها كتائب القسام، على درجة عالية من الانضباط العسكري والعنف النموذجي كانت ترافقها مجموعات من المقاتلين غير المدربين والذين ينقصهم ما يتميز به مقاتلو القسام من انضباط وعنف.
بالمجمل، قتل ما يقرب من 800 مدني إسرائيلي، بما في ذلك 36 طفلاً، و370 من أفراد الجيش وعناصر الأمن (عدد قليل منهم قتلوا نتيجة لمحاولات الجيش الإسرائيلي فرض السيطرة على المنطقة). مائتان وخمسون آخرون أخذوا رهائن، ما يقرب من نصف عدد القتلى المدنيين كانوا من رواد المهرجان.
كان صادماً حجم الهجوم الذي شنته حماس، بما تضمنه من عدد كبير من القتلى في يوم واحد. منذ ذلك اليوم، قتلت إسرائيل ما لا يقل عدده عن عشرين ضعفاً وأكثر من مائتي ضعف من الأطفال.
كما قامت بشكل منتظم بمهاجمة المرافق الصحية في غزة، رغم أنه بموجب القانون الدولي لا يجوز إلا في حالات استثنائية جداً القيام بمثل هذه الأعمال.
في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول)، انشغلت وسائل الإعلام الدولية لبعض الوقت في الجدل حول ما إذا كانت إسرائيل مسؤولة عن الضربة التي استهدفت ساحة مستشفى الهلال.
ولكن لم يكن ذلك هو المستشفى الأول الذي يتعرض للهجوم. جميع المستشفيات في شمال غزة تقريباً – المستشفى الإندونيسي، مستشفى العودة، مستشفى الرنتيسي، مستشفى الشفاء، مستشفى القدس، مستشفى الأهلي، ومستشفى الصداقة التركية الفلسطينية، ومستشفى الوفاء – تعرضت للقصف والحصار أو الاحتلال من قبل القوات الإسرائيلية. ومعظمها أخرج عن الخدمة بنهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني).
في الثالث والعشرين من نوفمبر اعتقل مدير مستشفى الشفاء محمد أبو سلمية، ولا يزال رهن الاعتقال (كان يفترض حينها أن مستشفى الشفاء هو مقر قيادة حماس ومركز التحكم). تم احتلال مستشفى الهلال من قبل الجيش الإسرائيلي الذي ما لبث أن أغلقه يوم الثامن عشر من ديسمبر (كانون الأول).
وفي منتصف شهر ديسمبر، حاصرت القوات الإسرائيلية وقصفت مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، رغم علمهم بأنه كان يغص بالمرضى. ثم دخلوا المبنى واعتقلوا أكثر من ألف فلسطيني، بما في ذلك الكوادر الطبية العاملة داخل المستشفى، ونقلوا في شاحنات ما يقرب من سبعين منهم إلى موقع مجهول. ولقد وثقت منظمة الصحة العالمية 240 هجوماً على المرافق الطبية.
في البداية منعت القوات الإسرائيلية جميع المساعدات من دخول قطاع غزة، وفي نفس الوقت قطعت إمدادات الوقود والمياه والكهرباء والطعام. بحسب تقديرات الأمم المتحدة، ما يقرب من ربع السكان يعانون من مجاعة كارثية – 80 بالمائة من مجموع الناس حول العالم الذين يصنفون حالياً ضمن هذه الحالة.
لدى غزة أعلى نسبة مئوية من الناس الذين يواجهون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي يتم تسجيله حتى الآن. كان يمكن بكل سهولة رفع الحصار البحري للسماح بشحن المساعدات إلى القطاع. مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات والأغذية تنتظر في مصر، ولكنها فعلياً تمنع من الدخول.
خلال الشهرين الأولين من حربها، طالبت إسرائيل بنقل النزر اليسير من المساعدات التي ترسل من مصر عبر طريق طابا رفح حتى تخضع للفحص من قبل المسؤولين الإسرائيليين في نيتزانا قبل أن تعود وتنقل ثانية إلى معبر رفح من أجل أن تدخل من هناك إلى قطاع غزة.
أما الآن، فيمكن أن تجرى عملية الفحص في معبر كرم سالم، ولكن الشاحنات مازالت تخضع للتدقيق والفحص يدوياً نزولاً عن رغبة الجيش الإسرائيلي (وذات مرة تم رفض حمالات الإسعاف). قبل أن تتمكن من الدخول إلى غزة، يجب على الشاحنات أن تفرغ بالكامل من أجل الخضوع للفحص والتدقيق، ثم يعاد تحميلها تارة أخرى، مما يتسبب بتأخيرات طويلة جداً. كان بإمكان إسرائيل السماح للمساعدات بالعبور إلى داخل غزة من منطقتها هي في أي وقت، ولكنها اختارت ألا يكون ذلك.
خلصت منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية ييتسيلم إلى أن التجويع الجماعي للناس في غزة «لم يكن ناجماً عن الحرب وإنما كان نتيجة مباشرة لسياسة إسرائيل المعلنة …. إن السماح بدخول الغذاء إلى قطاع غزة ليس عملاً من أعمال الشفقة وإنما هو واجب ملزم بموجب القانون الإنساني الدولي. يمثل رفض الانصياع لهذا الواجب جريمة من جرائم الحرب».
عن «صحيفة لندن ريفيو»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.